بريطانيا تزعزع النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية

مهندسو الانفصال حذروا من «حصار» الهجرة وأزمة اللجوء للجزيرة الأوروبية

جانب من المظاهرات التي نظمت أول من أمس في لندن احتجاجا على نتيجة الاستفتاء («نيويورك تايمز»)
جانب من المظاهرات التي نظمت أول من أمس في لندن احتجاجا على نتيجة الاستفتاء («نيويورك تايمز»)
TT

بريطانيا تزعزع النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية

جانب من المظاهرات التي نظمت أول من أمس في لندن احتجاجا على نتيجة الاستفتاء («نيويورك تايمز»)
جانب من المظاهرات التي نظمت أول من أمس في لندن احتجاجا على نتيجة الاستفتاء («نيويورك تايمز»)

«انسحاب» أميركا من الشرق الأوسط فاقم أزمة اللجوء في أوروبا وساهم في تفككها تحول التصويت الذي أجرته بريطانيا للانفصال عن الاتحاد الأوروبي إلى مصدر تهديد تجاه كتلة من الدول الديمقراطية ظلت متعايشة بجوار بعضها البعض في سلام على امتداد عقود.
وفي الوقت ذاته، يخلق هذا التصويت هالة من الشك حول قضية أكبر، وهي هل بدأ النظام العالمي الذي فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها على العالم فيما بعد الحرب العالمية عام 1945 في التداعي أيضًا؟
ويأتي اختيار بريطانيا للعزلة كمجرد تطور يوحي بإمكانية حدوث إعادة ترتيب للقوى على مستوى العالم، وكذلك العلاقات الاقتصادية والآيديولوجيات السائدة بمختلف أرجاء العالم. وكان النمو الاقتصادي البطيء قد قوض الثقة بالاقتصاديات الليبرالية التقليدية، خاصة في مواجهة اضطرابات سببتها التجارة وتنامي الهجرة. كما انتشرت التوجهات الشعبوية بمختلف أرجاء الغرب.
ففي الشرق الأوسط، تتلاشى الحدود في خضم تفاقم النزاعات المسلحة، في وقت تزداد الصين ثقة وتقدم روسيا يومًا بعد آخر على مزيد من المغامرات. كما أن اللاجئين المتدفقين من دول فقيرة مزقتها الحروب يعبرون الأراضي والبحار بأعداد قياسية، آملين في الحصول على حياة أفضل اطلعوا عليها عبر وسائل الاتصال الحديثة. وتقف جميع هذه العناصر بجانب أخرى لتخلق تحديًا في مواجهة المؤسسات والتحالفات الغربية التي تأسست فيما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي تمتع بقدر كبير من النفوذ العالمي منذ ذلك الحين.
من جانبها، شكلت بريطانيا أحد أعمدة هذا النظام، وكانت كذلك مستفيدة منه. وقد تمتعت بمكانة مهمة داخل الأمم المتحدة (يرى البعض أنها تفوق حجمها الحقيقي)، وبدور داخل حلف «الناتو» وصندوق النقد والبنك الدوليين، وهي مؤسسات ما بعد الحرب التي استثمرت في تعزيز السلام والأمن والرخاء الاقتصادي على الساحة العالمية.
أما اليوم، فقد أصبحت بريطانيا تمثل الشقوق التي ضربت جدار النظام العالمي لما بعد الحرب، وسيلحق خروجها من الاتحاد الأوروبي الضعف بكتلة تشكل أكبر سوق بالعالم، إلى جانب كونها داعمة للديمقراطية العالمية. كما أن هذا الخروج يقوض إجماع ما بعد الحرب حول فكرة أن التحالفات بين الدول ضرورية للحفاظ على الاستقرار، والتخفيف من حدة النزعات القومية التي دفعت ذات يوم أوروبا إلى أتون صراع دموي. أما الآن، فإن النزعات القومية في صعود من جديد.
من جانبه، قال أيفو إتش دالدر، المندوب الأميركي السابق لدى «الناتو» الذي يترأس حاليًا «مجلس شيكاغو للشؤون العالمية»: «إن المسألة ليست أن هذا الإجراء وحده وفي حد ذاته سيدمر النظام العالمي، وإنما سيمثل سابقة، ومن المحتمل أن يترك آثارًا سلبية».
وقد تجلى المعنى الرمزي لهذا الإجراء البريطاني في الصين، صباح السبت، بعد يومين من التصويت البريطاني. وفي أحد فنادق بكين، عقد مصرف التنمية الدولي الصيني الجديد أول اجتماعاته التي شارك بها 57 دولة انضمت إلى عضويته. وقد جرى تصميم هذا المؤسسة الجديدة التي تحمل اسم المصرف الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية»، بهدف منح الصين فرصة لاجتذاب بعض النفوذ نحوها بعيدًا عن صندوق النقد والبنك الدوليين. وفي خطاب وجهه إلى الولايات المتحدة وحلفائها، قال رئيس المصرف الجديد جين ليكين: «لم يسبق أن شهد التاريخ من قبل تمكن إمبراطورية ما من حكم العالم إلى الأبد».
وفي الوقت الذي عقد القادة الأوروبيون سلسلة من الاجتماعات، السبت، لدراسة كيفية الاستجابة لرحيل بريطانيا عن الاتحاد، كان الرئيس الصيني شي جين بينغ يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بكين في زيارة رسمية قصيرة للأخير. والمعروف أنه مثلما الحال مع الصين لكن بدرجة أكبر، تعتبر روسيا من العناصر المهمشة في إطار النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد عمد بوتين في السنوات الأخيرة على العمل على تقسيم وزعزعة استقرار أوروبا.
والملاحظ أن بوتين يواجه مشكلات داخل بلاده، بما في ذلك اقتصاد تضرر جراء تراجع أسعار النفط؛ الأمر الذي قد يحد قدرته على استغلال اللحظة الراهنة. ومع ذلك، فإن المحللين يرون أن التصويت البريطاني جاء بمثابة هدية غير متوقعة له.
من جانبه، كتب المؤرخ البريطاني تيموثي غارتون آش في مقال بصحيفة «الغارديان»: «سيشعر بوتين بسعادة غامرة، لقد وجه الإنجليز التعساء صفعة قوية للغرب، ولقيم التعاون الدولي والنظام الليبرالي والمجتمعات المفتوحة، التي سبق وأن أسهمت بها إنجلترا فيما مضى».
من ناحية أخرى، فإن نهاية حقبة النفوذ الأميركي ليست بالفكرة الجديدة، حيث شاعت التوقعات بتراجع النفوذ الأميركي في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية عامي 2007 و2008. في خضم توقعات موازية ببزوغ فجر قرن صيني جديد.
ويختلف محللون فيما بينهم حول ما إذا كان هذا الاهتمام الأميركي الجديد بآسيا حمل مؤشرًا على تراجع اهتمام واشنطن بالشؤون الأوروبية، ما أسهم في المشكلات التي تواجهها القارة العجوز في الوقت الراهن. ويمثل جزء من الحجة التي بررت بها إدارة أوباما سياستها الجديدة بمحاولة استخلاص أميركا بعيدًا عن عقود من المشاركة المكلفة في الشرق الأوسط، في وقت تعاني المنطقة فوضى عارمة. وقبل أزمة اللاجئين، كان الاتحاد الأوروبي بالفعل كيانًا لم ينجز بناؤه بعد. وقد تفاقمت تناقضاته ونقاط القصور جراء الأزمة الاقتصادية. وجاء بعد ذلك تدفق أكثر من مليون لاجئ على أوروبا، ليشكل أكبر حدث تسبب في زعزعة استقرار على مدار العقود الأخيرة.
وعلى الرغم من أن بريطانيا بقيت بمعزل نسبيًا عن هذه الأزمة، فإن السياسيين الساعين إلى الانفصال عن الاتحاد الأوروبي عمدوا لتصوير البلاد كجزيرة تتعرض للحصار، ليخلطوا بذلك بين قضية الهجرة الوافدة من دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، بالتهديد الواضح الناجم عن تدفق لاجئين فقراء على القارة.
وفي أعقاب خروج بريطانيا، تواجه أوروبا تحديًا مزدوجًا يتمثل في تعزيز وحدة صفوفها والاحتفاظ بنفوذها العالمي، أما بالنسبة إلى «الناتو»، ففقد أعاد اكتشاف هدفه في أعقاب التدخل الروسي في أوكرانيا. ومع هذا، ما تزال دول البلطيق تشعر بالقلق حيال ما إذا كان هذا التحالف العسكري سيتمكن من الدفاع عنها ضد العدوان الروسي، في وقت واجه الحلف مشكلات في تحديد دوره في محاربة الإرهاب أو التعامل مع تدفق اللاجئين.

*خدمة صحيفة «نيويورك تايمز»



كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.