رئيس «مرسيدس» الإقليمي: السوق السعودية أهم أسواقنا وهي المحرك الاقتصادي للمنطقة

دو هاس قال لـ «الشرق الأوسط» إن تطلعات «رؤية المملكة 2030» تبني مستقبلاً مستدامًا

سيارة «إس كلاس» المكشوفة، أحدث ما قدمته الشركة في منطقة الشرق الأوسط
سيارة «إس كلاس» المكشوفة، أحدث ما قدمته الشركة في منطقة الشرق الأوسط
TT

رئيس «مرسيدس» الإقليمي: السوق السعودية أهم أسواقنا وهي المحرك الاقتصادي للمنطقة

سيارة «إس كلاس» المكشوفة، أحدث ما قدمته الشركة في منطقة الشرق الأوسط
سيارة «إس كلاس» المكشوفة، أحدث ما قدمته الشركة في منطقة الشرق الأوسط

أكد مارك دو هاس، رئيس شركة دايملر في الشرق الأوسط، ومديرها التنفيذي، أن تطلعات «رؤية المملكة 2030» تبدو إيجابية فيما تستمر السعودية في بناء مستقبل مزدهر ومستدام لها. وأضاف رئيس الشركة منتجة سيارات مرسيدس - بنز في حوار مع «الشرق الأوسط» أن تنويع مصادر الاقتصاد للمملكة بعيدًا عن الاعتماد على قطاع النفط وحده سيقود السعودية لأن تكون مركزًا رئيسيًا للابتكار والاستثمار لعقود قادمة، وسينعكس هذا على تأكيد قوتها في المنطقة بوصفها محركا اقتصاديا. وقال دو هاس إن السوق السعودية تعتبر أهم الأسواق في المنطقة، وإن الشركة تتطلع لمزيد من النمو في سوق منتعشة وإن النمو الاقتصادي القوي والمستدام يعني مزيدا من الثقة الاستثمارية التي تنعكس على إنفاق المستهلك على جميع الصناعات بما في ذلك قطاع السيارات.
وقال إن استثمارات الشركة في السوق السعودية تتعلق حاليا بتعزيز تجربة المستهلك السعودي في خدمات الشركة ومعارضها، التي تملك منها الشركة ستة معارض في الرياض وجدة والدمام وأبها، منها أربعة تقدم خدمات متكاملة من البيع والصيانة وقطع الغيار.
وكانت الشركة قد حققت مبيعات قياسية في الشرق الأوسط العام الماضي وزادت مبيعاتها في السوق السعودية بنسبة 10 في المائة. وتتوجه الشركة إلى تقديم عشرة موديلات جديدة تعمل بتقنية الهايبرد بالشحن الخارجي حتى نهاية عام 2017.
وفيما يلي نص الحوار:
* ما هو تقييم شركة دايملر لـ«رؤية المملكة 2030» وانعكاساتها على السعودية وعلى المنطقة؟
- تطلعات «رؤية 2030» تبدو إيجابية فيما تستمر المملكة في بناء مستقبل اقتصادي مزدهر ومستدام لها. وبتنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن قطاع النفط وحده، سوف تسعى المملكة لكي تكون مركزا للابتكار والاستثمار لعقود مقبلة وتعزز موقعها في الشرق الأوسط بوصفها محركا اقتصاديا للمنطقة.
* كيف يمكن لشركة دايملر أن تستفيد من الفرص الاقتصادية المتاحة التي توفرها «رؤية 2030»؟
- السعودية واحدة من أهم أسواقنا في المنطقة وسوف يسعدنا متابعة النمو الاقتصادي في هذه السوق التي ستنعكس إيجابيًا على نمو أعمالنا أيضا. والنمو الاقتصادي القوي المستدام يعني مزيدا من الثقة الاستثمارية، التي تنعكس بدورها على زيادة الإنفاق الاستثماري في جميع الصناعات ومنها صناعة السيارات.
* هل هناك فرص لاستثمارات غير نفطية من شركة دايملر في السعودية مستقبلًا؟
- نعم. نحن نتطلع لتعزيز تجربة المستهلكين في مراكز خدماتنا ومعارضنا في المملكة. ولدينا في الوقت الحاضر ستة معارض في السعودية، (الرياض وجدة والدمام وأبها)، منها أربعة تقدم خدمات متكاملة من بيع وصيانة وقطع غيار. ولدينا أيضا خمسة مراكز خدمة رئيسية وثلاثة مراكز لإصلاح هياكل السيارات. وضمن هذه المراكز يعمل لدينا 25 مستشار خدمة و130 فنيا. وبالإضافة إلى ذلك لدينا أيضا ستة وكلاء خدمة فرعيين يوفرون الخدمات في المدن الصغيرة.
* كيف كان إنجاز الشركة في المنطقة خلال عام 2015؟
- سلمنا في عام 2015 سيارات لزبائننا أكثر عددًا من أي عام مضى. وعلى مستوى العالم بعنا أكثر من 1.8 مليون سيارة بزيادة نسبتها 13.4 في المائة. وكانت الأنواع المدمجة مثل «إيه كلاس» «سي إل إيه» و«جي إل إيه» هي الأكثر مبيعًا. وحققنا أيضًا مبيعات قياسية في المنطقة في عام يمكننا أن نطلق عليه اسم «عام السيارات الرباعية الرياضية». ونتوقع أن تستمر الزيادة أيضا في السنوات المقبلة.
* كيف أنجزت الشركة في السوق السعودية هذا العام بالمقارنة بالعام الماضي؟
- نفخر بالقول إن مبيعاتنا في السوق السعودية ظلت ترتفع بوتيرة جيدة سنويا وتحقق نتائج جيدة دوريا وقد زادت مبيعاتنا بنسبة 10 في المائة في عام 2015 مقارنة بالعام الأسبق.
* هل ترى في الأفق طلبًا على نظم هايبرد وكهرباء السيارات في المنطقة، وهل هناك نيات من الشركة لتقديم مثل هذه السيارات في السنوات المقبلة؟
ليس هناك أي شك في أن السيارات البيئية هي المستقبل في صناعة السيارات. وكما تعرف فإن كثيرا من الدول حول العالم تدعم تقديم السيارات البيئية منذ سنوات من جانبي كفاءة استهلاك الوقود ونظافة البيئة. ولاحظنا زيادة الاهتمام في منطقة الشرق الأوسط بتقديم السيارات البيئية بمبادرات بعضها برعاية حكومية. وتشهد بعض أسواق المنطقة زيادة في مبيعات السيارات الهايبرد ونعتقد أن هذا التوجه سوف يكتسب زخما السنوات المقبلة. وتعتبر شركة دايملر هي الوحيدة التي تستثمر بكثافة في أنواع الطاقة البديلة الثلاثة وهي الهايبرد والكهرباء وخلايا الوقود، وبهدف الوصول إلى وسائل مواصلات نظيفة في المستقبل. وفي بدايات هذا العام كشفت الشركة عن خططها للسيارات الهايبرد بالشحن الخارجي التي تشمل تقديم عشرة نماذج جديدة من الآن حتى عام 2017.
* كيف توسعت شبكات الخدمة التابعة للشركة في المنطقة؟
- لدينا في الوقت الحاضر 42 مركز خدمة في الشرق الأوسط منها 21 مركزًا شاملاً يقدم خدمات البيع والصيانة وقطع الغيار. وسيكون تركيزنا هذا العام على رفع مستوى خدمات مرسيدس إلى معدلات أعلى، وبجانب هذا سيكون تحسين ديكورات المراكز بأشكال ثلاثية الأبعاد ذات لون أسود سوف يميز هوية الشركة. ونستحدث هذا العام تقديم المعارض المتنقلة التي تصل إلى الزبائن في مواقعهم المحلية. وسوف يكون مركزنا الجديد في مدينة أبها هو أول المراكز الذي يحمل الشكل الجديد لشعار وهوية الشركة. ويتسع المركز إلى نحو 80 سيارة مرسيدس - بنز ويعمل به 30 مستشارًا للمبيعات. بالإضافة إلى ذلك لدينا أسطول من 110 سيارات لتجربة الزبائن، وهذا في حد ذاته يوضح حجم عملياتنا في المنطقة.
* هل تنوون تقديم موديلات جديدة في المنطقة هذا العام وما هي مواعيد وصولها؟
- يعد هذا عاما ديناميكيا آخر لمرسيدس – بنز من حيث عدد السيارات التي ننوي تقديمها. وهي تشمل موديلات «سي كلاس كوبيه» و«إس كلاس» المكشوفة و«سي كلاس» المكشوفة، وذلك خلال النصف الأول من العام. وفيما بعد سوف نطلق مجموعة أخرى من الموديلات تشمل «جي إل إيه» وغيرها.
* ما هي البرامج التي تعتمدها الشركة في تدريب كوادر من مواطني مجلس التعاون الخليجي؟
- تشرف مرسيدس – بنز على برنامج مكيف للتدريب لكل العاملين في الشركة في المنطقة. وهناك أيضا برامج تدريب للمديرين وخبراء المبيعات والفنيين يتم تسليم الشهادات عند اكتمالها. وكل دورة تدريبية يتم تصميمها لكي تتناسب مع منطقة مجلس التعاون ويشرف عليها إخصائيون من الشركة. وقبل تقديم موديلات جديدة إلى السوق يتم تدريب الفنيين ومستشاري المبيعات على أهم التقنيات الجديدة في السيارات للتأكد من أن الزبائن في منطقة الخليج يحصلون على أفضل الخدمات والمعلومات من طاقم خدمة متمكن من المنتجات التي يقدمها.
* بماذا تتميز منتجات شركتكم بالمقارنة مع الشركات الأخرى؟
- إن علامة مرسيدس – بنز علامة عاطفية، والعملاء في منطقة الشرق الأوسط يهمهم التجديد والانفراد بملامح وتقنيات سياراتهم. وتتميز الشركة بمجموعة من أفضل المهندسين في الصناعة والمصممين الذين يركزون جهودهم على الابتكار، وتكون النتيجة في النهاية سيارات ليست فقط جذابة ولكنها عالية الاعتمادية وتختلف عن أي سيارات أخرى على الطريق.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».