مصادر: «الشرعية» ترفع جاهزيتها لعمليات عسكرية أكبر إذا توقفت مشاورات الكويت

تنسيق وتحرك لوجيستي مكثف

قوات موالية للشرعية تقاتل الميليشيات الحوثية في محافظة لحج التي تحد أبين (أ.ف.ب)
قوات موالية للشرعية تقاتل الميليشيات الحوثية في محافظة لحج التي تحد أبين (أ.ف.ب)
TT

مصادر: «الشرعية» ترفع جاهزيتها لعمليات عسكرية أكبر إذا توقفت مشاورات الكويت

قوات موالية للشرعية تقاتل الميليشيات الحوثية في محافظة لحج التي تحد أبين (أ.ف.ب)
قوات موالية للشرعية تقاتل الميليشيات الحوثية في محافظة لحج التي تحد أبين (أ.ف.ب)

قالت مصادر عسكرية في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ترتيبات على الأرض تشهدها عدد من المحافظات اليمنية، ومنها: مأرب، والجوف، وصنعاء، لعمل عسكري كبير في حال توقفت مفاوضات الكويت.
وأفادت المصادر عن تحركات وتنسيق وترتيبات عسكرية كبيرة بين قيادة التحالف والشرعية اليمنية، لبدء مرحلة جديدة من عمليات تحرير اليمن عسكريًا، مشيرة إلى أن غاية هذه الترتيبات الجارية عسكريصا وعملياتيًا ولوجيستيًا هو تحرير العاصمة اليمنية صنعاء.
وستكون العمليات العسكرية عبر ثلاثة محاور رئيسه بالنسبة إلى العاصمة صنعاء، فيما ستشمل أيضا تحرير ما تبقى من محافظات: مأرب، والجوف، وشبوة، لافتة إلى أن عملية التحرير ستبدأ بتحرير محافظة البيضاء وسط البلاد.
وأكدت أن هذه التحضيرات العسكرية كثفت وبشكل غير مسبوق عقب تنامي الشعور لدى السياسيين بأن مفاوضات الكويت باتت بحكم الفاشلة؛ نظرا لما أظهره وفد الانقلابيين من مراوغة وتعنت وعدم أظهر أي حسن نية لإنهاء الحرب المستعرة في أغلب جبهات القتال، وتحديدا بعيد التعزيزات العسكرية للانقلابيين ومهاجمتهم لكثير من المواقع العسكرية في محافظات: تعز، ولحج، وأبين، وشبوة، ومأرب، والجوف.
وتطرقت المصادر إلى لقاء عسكري جرى في مأرب، تمت فيه مناقشة التطورات الميدانية الأخيرة في جبهات القتال، ومدى استعداد قوات الشرعية لبدء مرحلة جديدة ضد الميليشيات، ومن ثلاثة محاور رئيسة، تتمثل في محاور: «نهم، والجوف، ومأرب».
وأضافت أن مفاوضات الكويت دخلت منعطفًا حرجًا يستدعي من القيادات السياسية والعسكرية تحركًا ميدانيًا قبل فوات الأوان، مشيرة بهذا الصدد إلى أن الشهرين الماضيين أثبتت ودللت على أن الميليشيات الانقلابية ليس لديها حلول سياسية، بقدر ما جهدها مكرس في مسألة السيطرة على الأرض وتكريس منطق القوة المهيمنة في الواقع.
ولفتت إلى أن تحرك قوات التحالف والجيش الوطني والمقاومة الشعبية يأتي امتثالا لواقع مأزوم لا ينفع معه غير الحسم العسكري، خصوصا بعد استنفاد كل الأدوات السلمية من جانب التحالف والسلطة الشرعية، وفيما الطرف الآخر لا يكترث بشيء غير التصعيد العسكري وفي أكثر من جبهة وناحية. وعلى الرغم من كل ما يحدث من تعزيزات وحشد من قبل جميع الأطراف في جبهات القتال المختلفة، فإن التعويل ما زال قائمًا على الضغوط الدولية بحسب مراقبين، حيال أي اتفاق مقبل للأزمة اليمنية، خصوصًا أن الأطراف أعلنت موقفها الرافض لأبرز مضامين الخطة الموجودة. وينتظر وصول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يوم غد الأحد، فضلاً عن وجود ممثلين دبلوماسيين للدول الـ18 المعتمدين لدى اليمن، وكل ذلك يأتي في إطار مناقشة الخطة الأممية والتحضيرات لطرحها رسميًا على مختلف الأطراف.
وسبق وصول أمين عام الأمم المتحدة، لقاءات دبلوماسية وسياسية مكثفة، شارك فيها الأمين العام للجامعة العربية، الدكتور نبيل العربي، الذي زار الكويت حديثًا، فضلاً عن مشاركة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور عبد اللطيف الزياني.
إلى ذلك، قال نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية وعضو الوفد الحكومي في مشاورات الكويت، عبد الله العليمي، إن «الوفد الحكومي يبذل جهدًا كبيرًا من أجل التوصل إلى حلول في مشاورات الكويت»، وأن «الحل لن يكون عبر تسويات هشة تعيد إنتاج الأزمات وتعمل على تفخيخ المستقبل».
وأكد العليمي في تصريح نقلته وكالة «سبأ» الموالية للسلطة الشرعية، أن «موضوع تشكيل حكومة توافق لن يكون موضوعا مقبولا في مشاورات الكويت؛ لأنه من غير المعقول مكافأة الانقلاب بالشراكة»، موضحا أن موضوع تشكيل حكومة هو خارج المرجعيات المتوافق عليها، متابعا أن «الشعب اليمني لن يقبل بشروط الانقلاب أو التعاطي معه فضلا عن الشراكة معه، وأن أي تسوية سياسية يجب أن تكون محكومة بالمرجعيات التي حددت المسار السياسي بشكل قاطع عبر الاستفتاء على الدستور والذهاب إلى انتخابات، وأن نتائج الانتخابات هي من ستقرر شكل الحكومة القادم في اليمن».
ونوه العليمي إلى أن «المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وكذا مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل أوضحت مسارًا واضحًا للمرحلة الانتقالية والعملية السياسية التي أوقفها الانقلاب الغادر على الدولة ومؤسساتها»، وقال: «تنازلات الوفد الحكومي لا يمكن أن تتجاوز المرجعيات ولن تتجاهل مطالب الشعب اليمني الذي يتوق لإزالة الانقلاب، وكل ما ترتب عليه وإرساء سلام عادل وشامل ودائم». وأضاف: «جئنا إلى الكويت لتنفيذ القرار 2216 وليس لتشكيل حكومة شراكة لنكافئ من أوقفوا مسار السياسة وانقضوا على الإجماع الوطني وفخخوا المجتمع بالحرب».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.