بعد أول طلاق أوروبي.. بروكسل تحذر من الذعر وتبحث عن «حلم وحدوي جديد»

رئيس الاتحاد الأوروبي: عازمون على المحافظة على وحدتنا واستعددنا لهذا السيناريو

بعد أول طلاق أوروبي.. بروكسل تحذر من الذعر وتبحث عن «حلم وحدوي جديد»
TT

بعد أول طلاق أوروبي.. بروكسل تحذر من الذعر وتبحث عن «حلم وحدوي جديد»

بعد أول طلاق أوروبي.. بروكسل تحذر من الذعر وتبحث عن «حلم وحدوي جديد»

قال دونالد توسك، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، إنه يدرك تماما مدى خطورة هذه اللحظة التي تمر بها أوروبا، وليست هناك وسيلة للتنبؤ بالعواقب السياسية لخروج بريطانيا، داعيا إلى الالتزام بالهدوء.
وقال توسك أمس في الساعات القليلة بعد الإعلان عن النتائج: «أريد أن أوجه رسالة طمأنة للجميع، نحن مستعدون أيضا لهذا السيناريو السلبي»، في إشارة إلى انسحاب بريطانيا. وأضاف أنه تحدث خلال اليومين الماضيين مع زعماء الاتحاد الأوروبي ورؤساء مؤسسات الاتحاد، وأكّد «نيابة عن 27 زعيما أوروبيا، نقول إننا عازمون على المحافظة على وحدتنا، والاتحاد هو الإطار لمستقبلنا المشترك».
وأوضح أن كل الإجراءات التي تتعلق بخروج أي دولة عضو في الاتحاد، منصوص عليها في المعاهدات الأوروبية، «ولمناقشة مزيد من الإجراءات، سيكون هناك اجتماع غير رسمي لقادة الدول الـ27 على هامش قمة مجلس قادة أوروبا الأسبوع المقبل، وأيضا لبدء التفكير على نطاق أوسع في مستقبل الاتحاد الأوروبي، وخصوصا أن السنوات الماضية كانت هي الأصعب في تاريخ الاتحاد الأوروبي، ولكن هناك مقولة: ما لا يقتلك يجعلك أقوى».
وفي البرلمان الأوروبي ببروكسل، قالت كتلة حزب الشعب الأوروبي، وهي أكبر الكتل السياسية داخل البرلمان الأوروبي، إن الشعب البريطاني اختار الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك لن يغير من التزام كتلة حزب الشعب الأوروبي «بكل إخلاص للمشروع الأوروبي، ولمزيد من التكامل مع من تبقى في الاتحاد، وهم 27 دولة».
من جهته، قال رئيس الحزب جوزيف دول، ورئيس المجموعة البرلمانية مانفريد فيبر، في بيان مشترك: «نحن نأسف لنتائج الاستفتاء بالرغم من احترامنا لها؛ لأنها سوف تتسبب في ضرر كبير للجانبين»، مضيفا: «النتائج تعكس رأي المواطن البريطاني، وليس كل الأوروبيين؛ لأن هناك شعوبًا في دول أخرى لا تريد الانسحاب من أوروبا. والآن يجب العمل على مواجهة فعالة للتيار الشعبوي المتنامي».
وتعهد الحزب بالعمل على استمرار الحفاظ على المكاسب التي تحققت طوال 70 عامًا، من حرية وسلام وازدهار. لافتا في الوقت ذاته إلى أنه «يجب توفير مزايا أكثر واقعية لجميع المواطنين، وإيجاد حلول للتحديات التي تواجهنا مثل الأمن والهجرة».
أما حزب الاشتراكيين الأوروبيين، فقال: «نأسف للقرار الذي اتخذه الشعب البريطاني بمغادرة الاتحاد الأوروبي، وهذه نكسة كبرى لكل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا». وقال سيرجي ستاينشيف، الأمين العام للحزب: «لقد صدمنا من نتيجة الاستفتاء، ولا نزال نعتقد أن البقاء كان هو الاختيار الأفضل لبريطانيا، ولكننا نحترم خيار الشعب البريطاني، والآن يجب على كل الأحزاب والسياسيين في أوروبا أخذ زمام المبادرة للتحرك من أجل أوروبا أقرب إلى شعبها».
أما كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي، فرأت أن أوروبا اليوم أكثر انقساما، وقالت رئيسة الكتلة مونيكا فراسوني: «نحترم اختيار الشعب البريطاني، ولكن لا يمكن أن يستمر العمل الأوروبي على النحو المعتاد. نحن بحاجة إلى إعادة النظر في الأمور لجعل الاتحاد الأوروبي قادرا على تقديم حلول ذات مصداقية».
من جهته، قال رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال، إنها ضربة للمشروع الأوروبي، «لقد استيقظنا اليوم في أوروبا مختلفة». وأظهر ميشال خيبة أمله بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكنه دعا إلى الهدوء وعقد اجتماع بين قادة أوروبا الشهر المقبل لبحث مستقبل الاتحاد الأوروبي.
وأضاف ميشال: «لم تكن تلك هي النتيجة التي كنا نتمناها، ولكن هذا لا يمنع من ضرورة احترام هذه النتيجة»، محذّرا بدوره من الذعر ومطالبا بالحفاظ على صفاء الذهن وإعادة إطلاق المشروع الأوروبي الذي تعرض لضربة قوية. وقال: إنه «علينا أن نجتمع على مستوى القادة، لنختار ما يحتاجه المشروع الأوروبي للاستمرار من دون بريطانيا.. كما يجب علينا تقديم التزامات لتعزيز السوق الموحدة، وتعميق الاتحاد النقدي والاقتصادي ومزيد من التفاصيل بشأن القضية الأمنية».
وقال ميشال إنها لحظة صعبة للديمقراطية الأوروبية، ولكن «علينا اغتنام هذا الزخم للاستمرار في الحلم الأوروبي أفضل من القرن الماضي، ونحن بحاجة إلى إيجاد منظور لحلم جديد». وأضاف أن الكرة الآن في ملعب الحكومة البريطانية، لافتا إلى أنه ينبغي أن تتبع المادة 50 من الاتفاقية الأوروبية، ثم بدء مفاوضات لمدة عامين، وفيها سيتم تحديد شروط الشراكة الجديدة. وفيما حذر المسؤول البلجيكي من «الانتقام»، إلا أنه لم ينف أن «نتائج الاستفتاء سيكون لها تأثيرات».
وبحسب الإعلام البلجيكي، فقد انحاز البريطانيون لاختيار القلب وليس العقل، وقرروا ترك الاتحاد الأوروبي، وأصبحت أوروبا الآن تواجه أسوأ أزمة في تاريخها، حيث إن التفكك صار أمرا واقعا. وقالت صحيفة «ستاندرد»، إن الحكومة البريطانية برئاسة ديفيد كاميرون حفرت قبرها بأيديها، وأضافت أن الخبراء والمراقبين اتفقوا على أن حملة الحكومة والمؤيدين للبقاء لم تكن جيدة، ولم تقترح أشياء إيجابية، وحتى السوق الموحدة لم تستخدمها كورقة رابحة، وعلى النقيض فقد استغل الطرف الآخر موضوع الهجرة وعدم السيطرة عليها، ونجحوا في ذلك.
بدوره، قال ماتيو غودوين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة «جنت» البلجيكية، إن حتى زعيم المعارضة جيرمي كوربن راهن وتحمل مسؤولية كبيرة وخسر. وتتوجه الأنظار الآن نحو إمكانية حذو دول أخرى حذو بريطانيا، وخصوصا بعد أن أطلق خيرت فيلدروز زعيم اليمين المتشدد في هولندا نداء يطالب فيه بتنظيم استفتاء مماثل. وقال فيلدروز في بيان، إنه «يحق للهولنديين إجراء استفتاء أيضا. حزب الحرية يطالب أيضا باستفتاء حول خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي». كما انطلقت دعوة مماثلة من اليمين المتشدد في فرنسا.
على غرار هولندا وفرنسا، وبمجرّد أن تأكدت نتائج التصويت بخروج بريطانيا من منظومة الاتحاد الأوروبي، حتى سارع زعيم حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف هاينز كرستيان بإرسال تهنئة للشعب البريطاني، واصفا نتائج الاستفتاء بـ«تقييم ديمقراطي ضد هيمنة عصابة بروكسل وضد جنون الهجرة إلى أوروبا». ودعا هاينز لإجراء استفتاء مشابه بالنمسا، مطالبا كلا من رئيس الاتحاد الأوروبي ورئيس البرلمان الأوروبي بالاستقالة.
في المقابل، قال المستشار النمساوي كرستيان كيرن، إن النمسا لن تنظم استفتاء شبيها، وإنها عضو أساسي بمنظومة الاتحاد الأوروبي، مواصلا في بيان نشرته وكالة الأنباء النمساوية، أنه «يوم سيئ لبريطانيا ولأوروبا وللنمسا»، غير مستبعد ردود فعل سلبية للخطوة البريطانية، واصفا إياها بـ«انسحاب دفاعي لا ضرورة له». وشدد على أهمية تكاتف الجهود لإعادة شرح الآفاق الأوروبية الموحدة، وحصر الآثار السلبية الناتجة من الخروج البريطاني لأقل درجة ممكنة، فضلا عن التأكيد أن أوروبا الموحدة ليس مفيدة للشركات الكبيرة فقط، بل وللمتوسطة كذلك. كما شدد المستشار النمساوي على أهمية التركيز على نقاش موسع للقضايا الاقتصادية والاجتماعية، ليس ببروكسل مقر الاتحاد الأوروبي فحسب، بل وداخل كل عواصم الاتحاد حتى لا يفقد الاتحاد ثقة الشعوب.
من جانبه، حذر نائب المستشار النمساوي، راينهولد ميترلهنر، مما قد يثيره الانسحاب البريطاني من مطالب قومية، واصفا القرار البريطاني بـ«دعوة لليقظة»، داعيا مؤسسات الاتحاد الأوروبي كافة لاستخلاص الاستنتاجات الصحيحة للتغلب على الاضطرابات والآثار المترتبة على القرار البريطاني، سيما آثار ذلك على الأسواق المالية.
من جانبه، لم يستبعد وزير الخارجية النمساوي، كرستيان كورتس، ما وصفه بـ «تأثير الدومينو» على بعض دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصا أن ما حدث يعتبر مؤشرا قويا لأزمة ثقة متجذرة. ولفت إلى أن القرار هو من دون شك مؤشر لضرورة نظر الحكومات المختلفة للسخط الأوروبي بجدية أكبر.
من جانب آخر، قللت قيادات صناعية نمساوية من أثر اقتصادي قوي على النمسا نتيجة الانسحاب البريطاني، وإن أشارت قيادات ببعض الأقاليم لتأثيرات القرار وما ترتب عليه من ضعف للجنيه الإسترليني على السياحة الشتوية بالنمسا، وخصوصا أن السياح البريطانيين يعتبرون من أهم روادها، وخصوصا في إقليمي سالزبورغ وتيرول.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».