رفع الستار عن مشروع زها حديد الأخير في سويسرا

ماتت قبل تنفيذه وأكمله مكتبها

الغرفة الأخيرة للمعرض تمثل ضريحًا يعرض فيه بعض أعمال شفيتر ومعروضات مثل أيقونات في كنيسة
الغرفة الأخيرة للمعرض تمثل ضريحًا يعرض فيه بعض أعمال شفيتر ومعروضات مثل أيقونات في كنيسة
TT

رفع الستار عن مشروع زها حديد الأخير في سويسرا

الغرفة الأخيرة للمعرض تمثل ضريحًا يعرض فيه بعض أعمال شفيتر ومعروضات مثل أيقونات في كنيسة
الغرفة الأخيرة للمعرض تمثل ضريحًا يعرض فيه بعض أعمال شفيتر ومعروضات مثل أيقونات في كنيسة

شهد الأسبوع الماضي افتتاح الطابق الأدنى من «غاليري غمورزينسكا» في زيوريخ الذي جرت تغطيته بالكامل في تحفة معمارية جديدة من تصميم زها حديد، تمثل في جزء منها قمة جبل جليدي، وجزء آخر كهفا، وجزء ثالث ضريحا. وقد جرى تنفيذ هذا العمل احتفاءً بالفنان البارز وأحد أيقونات المدرسة الدادانية، كيرت شويترز.
يستقي تصميم حديد إلهامه من أحد أشهر إبداعات شويترز - «ميرزباو» (1923 -1937) - وهو عمل نحت تلصيقي دائم التغير شغل المساحة التي خصصها لعمله بأكملها. ومثلما الحال مع «ميرزباو»، يتضمن الهيكل التلصيقي الذي ابتكرته حديد أعمالا فنية وقطع أثاث وعناصر معمارية. بالنسبة للأعمال الفنية هنا فهي عبارة عن تجميعات من مختلف مراحل مسيرة شويترز الفنية، علاوة على مجموعة منتقاة من المراسلات الشخصية المزودة برسومات، والسريالية في معظمها المتعلقة بشويترز. وجرى تحقيق توازن مع هذه المراسلات عبر قطع الأثاث التي اختارتها حديد، وهي عبارة عن طاولات مرمرية متموجة الشكل، ووحدات للجلوس معيارية وأنظمة أرفف متحدرة مختلطة، التي تذوب وتنحدر كأنها قطع جليدية تذوب.
وقد عملت حديد على تصميم هذا العمل الذي يتزامن افتتاحه مع احتفالات بانطلاق حركة دادا تشمل مختلف أرجاء المدينة، بالتعاون مع مدير الغاليري ماثياس راستورفر، قبل وفاتها المفاجئة في مارس (آذار). وأوضح راستورفر أنه: «من الواضح أنها توفيت قبل إنجاز العمل، لكن جميع الأفكار كانت موجودة وتناقشنا في جميع التفاصيل، لكنها توفيت قبل تنفيذها». وأضاف راستورفر أن: «هذا يعد حرفيًا آخر مشروع لزها أنجزه فريق العمل المعاون لها».
جدير بالذكر أن باتريك شوماخر، المصمم البارز ومدير شركة «زها حديد أركيتيكتس»، قاد فريق العمل في جهوده لإنجاز المشروع، في أعقاب محادثة دارت بينه وبين راستورفر أثناء جنازة حديد غلبت عليها العاطفة القوية. المعروف أن شوماخر عمل بصورة وثيقة مع حديد منذ عام 1988، ويرى أن اهتمام حديد العميق بالفن الحديث لعب دورًا مؤثرًا في صياغة رؤيتها. وحدد عددًا من الملامح المميزة لتصميمات حديد يمكن اقتفاء أثرها إلى حركة دادا الفنية والحركات الأخرى المشابهة لها، بدءا من التلاعب بالمنظور، مرورًا بتفجر الأشكال بعيدًا عن نقطة ثابتة، وصولاً إلى فكرة المبنى بوصفه مساحة طافية واحدة. كما يرى أن تقديرها لفكرتي الفرصة والفوضى مستوحاة مباشرة من حركات الطليعة الحديثة. وقال: «إننا بحاجة من حين لآخر لعقد جلسات عصف فكري نطلق خلالها العنان لأنفسنا تمامًا ونتحرر من المفاهيم المسبقة عن المساحة. وأعتقد أن هذه تحديدًا هي رسالة دادا العميقة».
من ناحية أخرى، فإن هذا المشروع ليس أول تعاون بين حديد و«غاليري غمورزينسكا»، فمنذ سبعة سنوات تولت تصميم معرض كازيمير مالفيتش بالغاليري نفسه. ومن الواضح أنه قد ربطتها بمدير الغاليري، راسترفور، علاقات صداقة قوية وصريحة. وخلال مراحل التخطيط للعمل، اتصلت براستورفر وطلبت منه التدخل لإنقاذ العمل الوحيد القائم حاليًا لشويترز («ميرز بارن» في منطقة ليك ديستريكت بإنجلترا). وبالفعل، استجاب راستورفر. وعن ذلك، قال: «تبرعت بـ25.000 جنيه إسترليني لترميم (ميرز بارن)، وكانت تلك فكرة حديد».
* خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».