تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد على المهاجرين

5 ملايين منهم يعيشون في دول الاتحاد والمملكة المتحدة

بائعة بولندية تعمل في متجر بضواحي لندن تتساءل عن مصيرها في بريطانيا بعد الاستفتاء (رويترز)
بائعة بولندية تعمل في متجر بضواحي لندن تتساءل عن مصيرها في بريطانيا بعد الاستفتاء (رويترز)
TT

تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد على المهاجرين

بائعة بولندية تعمل في متجر بضواحي لندن تتساءل عن مصيرها في بريطانيا بعد الاستفتاء (رويترز)
بائعة بولندية تعمل في متجر بضواحي لندن تتساءل عن مصيرها في بريطانيا بعد الاستفتاء (رويترز)

في الوقت الذي ستتأثر فيه أوروبا بصفة عامة بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإن خمسة ملايين شخص سيتأثرون تأثيرا مباشرا بما حدث.
وتضم تلك المجموعة أبناء دول الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في المملكة المتحدة أو أبناء المملكة المتحدة الذين يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة.
فطبقا لإحصاءات الأمم المتحدة يوجد 1.3 مليون بريطاني الجنسية يعيشون في دول الاتحاد، بينما يوجد 3.3 مليون شخص من أبناء دول الاتحاد يعيشون في المملكة المتحدة مستفيدين من مبادئ الاتحاد الأوروبي الخاصة بحرية التنقل.
وجهات نظر خبراء الشؤون الأوروبية والقانون الدولي غير واضحة حتى الآن بخصوص ما سيحدث لتلك المجموعة حتى الآن.
المجموعة الأكبر من البريطانيين الذين يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي يتركزون في إسبانيا وآيرلندا وفرنسا وألمانيا. ومعظمهم من المتقاعدين ويعيشون على مدخراتهم ومرتبات التقاعد. وطبقا للتقديرات الرسمية فإن الحكومة البريطانية تنفق ما يقرب من 1.8 مليار يورو سنويا على مرتبات التقاعد الحكومية للبريطانيين المتقاعدين الذين يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي، بينما تدفع هيئة التأمين الصحي ما يقرب من 600 مليون يورو سنويا نفقات علاج البريطانيين الذين يعيشون في دول الاتحاد طبقا لأرقام عام 2014.
أما بالنسبة للبريطانيين الذين يمتلكون عقارات في دول الاتحاد فلن تتأثر بخروج بريطانيا، إلا أن المشكلة هي احتمال تغيير قوانين الميراث.
ومن الممكن أن يصير عمل البريطانيين في دول الاتحاد أكثر صعوبة إذا طلبت منهم الدول المضيفة الالتزام بعدد من اللوائح المقيدة للحصول على تصاريح العمل.
إلا أنه ليس من المرجح تعرض البريطانيين العاملين في دول الاتحاد للترحيل ولكن يمكن أن يصبح الأمر أكثر صعوبة للحصول على عمل في أوروبا.
وفي الوقت الذي يفضل فيه عدد من البريطانيين الحياة في جنوب وغرب أوروبا، فإن مواطني دول الاتحاد يأتون إلى بريطانيا بأعداد كبيرة من دول وسط وشرق أوروبا. ويمثل البولنديون المجموعة الأكبر من أبناء دول الاتحاد من غير البريطانيين الذين يعيشون في المملكة المتحدة (883 ألف شخص طبقا لتقديرات الأمم المتحدة).
ما الذي سيحدث للبريطانيين الذين يعيشون في دول الاتحاد وأبناء دول الاتحاد الذين يعيشون في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد؟
سيعتمد الأمر على المعاهدات والاتفاقيات بين بروكسل ولندن عقب الخروج، ومن المرجح أن يتم الفصل بين المقيمين الحاليين سواء في أوروبا أو في بريطانيا والقادمين الجدد.
ويوضح عدد من الخبراء أن الأمور لن تتغير بين ليلة وضحاها، فستظل بريطانيا عضوا في الاتحاد طوال فترة إعداد ترتيبات الخروج من الاتحاد. فالمادة 50 من معاهدة لشبونة تحدد فترة سنتين للتفاوض على الخروج من الاتحاد.
ويؤكد الخبراء أن وضعية المقيمين الحاليين سواء في بريطانيا أو في أوروبا لن تتغير وحتى أكثر المتشددين في معسكر الخروج من الاتحاد يصرون على عدم حدوث عمليات ترحيل جماعية.
إلا أن الوضعية القانونية للمقيمين غير واضحة المعالم. فقد تمت الإشارة إلى معاهدة فيينا لقانون المعاهدات إلى أنها تضمن حماية الحقوق المكتسبة للمواطنين. إلا أن بعض الخبراء يشيرون إلى أن المعاهدة تحمي حقوق الدول بدلا من الأفراد. فرئيس الوزراء الإسباني ماريانو رازوي حذر من عواقب وخيمة، في إشارة إلى 100 ألف إسباني يعيشون ويعملون في بريطانيا وأكثر من 400 ألف بريطاني في إسبانيا، بقوله: إن تأثير خروج بريطانيا سيترك «آثارا سلبية للجميع ومن جميع الزوايا».
ويتردد أن الكثير من أبناء الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية البريطانية، بينما انتشرت الكثير من حالات تقدم كثير من البريطانيين للحصول على جنسية الدول التي يعيشون فيها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».