المسلمون الهنود يقومون بدور محفظي القرآن خلال رمضان

تلاوته بصوت جميل قد تكسب صاحبها شهرة واسعة

حفظ القرآن من خريجي المدارس الدينية («الشرق الأوسط»)
حفظ القرآن من خريجي المدارس الدينية («الشرق الأوسط»)
TT

المسلمون الهنود يقومون بدور محفظي القرآن خلال رمضان

حفظ القرآن من خريجي المدارس الدينية («الشرق الأوسط»)
حفظ القرآن من خريجي المدارس الدينية («الشرق الأوسط»)

في كل ليلة من شهر رمضان الكريم، يعكف محمد أيوب أنصاري، سائق حافلات حكومية، على مساعدة آخرين في حفظ القرآن ويتولى إمامة المصلين في صلاة التراويح.
ومع حلول رمضان، يتضاعف الطلب على خدمات حافظي القرآن الكريم على مستوى الهند، ويسارع كثير من حافظي القرآن من خريجي المدارس الدينية إلى محاولة سد الفجوة. ومع ذلك، يبقى هناك كثير من الأفراد العاديين غير المتخصصين يعملون على تحفيظ القرآن للآخرين خلال رمضان فقط.
من بين هؤلاء الشقيقان التوأم إدريس علي وزاكر، في العشرينات من عمريهما، واللذان يعمدان كذلك على التدرب على الأغاني الكلاسيكية الهندية كنوع من التدريب للحنجرة. كما ينصت كل منهما لتلاوة الآخر للقرآن الكريم بحرص لتصحيح أية أخطاء قد تقع. وقد شرع التوأم في تعلم القرآن وحفظه في الثامنة، وفي غضون عامين نجحا في حفظ القرآن بأكمله. ومن بين العوامل التي عاونتهما استعانة جدهما بمدرس خاص لهما لمساعدتهما على الحفظ وتوضيح معاني الكلمات العربية وتعزيز فهمهما للآيات.
وخلال رمضان، يعمل كلاهما محفظًا للقرآن، ويتلوان القرآن على أفراد عائلتهما الكبيرة في دلهي القديمة وبالمسجد المجاور للمنزل لدى طلب ذلك منهما.
عن هذا، قال زاكر: «تعد تلاوة القرآن في الإسلام بمثابة فن. في الإسلام، حافظ القرآن القادر على التلاوة بصوت جميل قد يكتسب شهرة واسعة».
وأضاف توأمه إدريس: «عدد كبير من المسلمين الهنود يتعذر عليهم فهم العربية، ومع ذلك يستمرون في معايشة تجربة دينية كل ليلة برمضان عبر صلاة التراويح. ومن العناصر التي تعاونهم على الاستمرار في الصلاة حلاوة صوت الإمام وجلاله».
من ناحية أخرى، تحرص كثير من مساجد الهند خلال رمضان على تنظيم دروس لترجمة القرآن للمسلمين، خاصة في ضوء عجز غالبية مسلمي البلاد على فهم العربية. وقد بدأ هذا الأمر داخل عدد صغير من المساجد المنتقاة داخل مدن كبرى. وبعد أن لاقت الفكرة استحسانًا واسعًا باعتبارها تقرب المسافات بين المسلمين والقرآن، انتشرت على نطاق واسع.
من بين الأشخاص العاديين الذين يعملون محفظين خلال رمضان رجل أعمال يدعى حافظ سيد نور الحق، الذي ولد فاقدًا للبصر. وقد تمكن نور الحق ليس من حفظ القرآن فحسب، وإنما كذلك في إتقانه لدرجة مكنته من إمامة صلاة التراويح. خلال فترة الحفظ، صاغ نور الحق أسلوبًا مميزًا للحفظ وتعلم القرآن. وعندما كان في الرابعة فقط، كان يشغل شرائط كاسيت وينصت لتلاوة القرآن عدة مرات بهدف حفظها على النحو الذي تتلى به.
في الـ14، أتيحت له فرصة أداء العمرة. وأثناء وجوده بمكة، نال فرصة تلاوة القرآن أمام حشد من المصريين، مما أدى لفوزه بدعوة من الأزهر الشريف عبر السفارة المصرية.
عام 1994، تولى إمامة صلاة التراويح للمرة الأولى داخل وطنه. ومنذ عام 1995، تولى إمامة صلاة التراويح داخل مسجد التقوى حتى يومنا هذا. ويجتذب نور الحق جموعًا غفيرة من المصلين لعذوبة صوته. كما تلا القرآن في الخارج في بضع مرات، بناءً على دعوات خاصة.
الواضح أن أعدادًا كبيرة من المسلمين الهنود يقومون بدور محفظي القرآن خلال رمضان تحديدًا، ويقدم البعض على ذلك بهدف تحقيق مكاسب مادية بينما يعتبرها البعض تجربة روحانية مميزة. بالنسبة لأنصاري والتوأم علي ونور الحق، فقد ذكروا جميعًا أنهم يتولون دور محفظ القرآن من دون مقابل على سبيل التطوع. وأكد زاكر علي أنه: «لم أطلب أو أقبل قط أي مقابل لإمامة صلاة التراويح، ذلك أن فرض أجرة على تلاوة القرآن الكريم أمر غير جائز».
من ناحية أخرى، فإنه داخل جميع مساجد الهند تقريبًا يجري اتخاذ استعدادات خاصة لإقامة صلاة التراويح في رمضان. وداخل نيودلهي، يقدم البعض على فتح منازلهم أمام التراويح وينظمون دروسًا لحفظ القرآن.
في أقصى شرق الهند، وداخل مدرسة مدينة الإسلام بمدينة باتنا، يعكف أشيش فيديارتهي وهيملاتا على التدرب كي يعملا بمجال تحفيظ القرآن.
وقالت هيملاتا: «أتعلم القرآن بغرض فهم الإسلام على نحو أفضل والعمل كمحفظة للقرآن لرغبتي في إثراء نفسي بشتى أنواع المعرفة». وأضافت أن تعزيز المعرفة بأي دين أمر طيب.
من جانبه، جاء مولانا نظيم أختار قاسيمي، خريج مدرسة دار العلوم ديوباند الإسلامية العريقة، إلى دلهي بحثًا عن فرص جديدة بعد أن أخفق في العثور على فرصة عمل مناسبة في موطنه في مدينة أسام.
وبعد أن وجد نفسه محصورًا داخل صناعة الزيوت على مدار قرابة العام، جاء رمضان ليحمل البهجة إلى مولانا نظيم.
ويعمل حاليًا داخل أحد مساجد دلهي - مسجد زاكر نجار - بعد أن تلقى اتصالاً من اللجنة المسؤولة عن المسجد كي يتولى إمامة الصلاة.
وتبعًا لما ذكره مولانا ياسين أختار مصباحي، المسؤول عن إدارة مسجد زاكر نجار، فإن: «الحاجة للمحفظين تزداد خلال رمضان مع حرص المسلمين على الاستماع للقرآن ونيل بركته. داخل دلهي، لا يقدم المسلمون عادة على حفظ القرآن. والملاحظ أن مئات المحفظين الذين يتخرجون سنويًا يعملون في بيهار وأوتار براديش وغرب البنغال. وبمقدور هؤلاء المحفظين تلاوة القرآن بصوت عذب». وأوضح أن المكافآت المجزية التي يتلقونها في دلهي تعد من عوامل الجذب لهم، بجانب منشآت الإقامة والمعيشة الجيدة داخل المساجد».
اللافت أن بعض محفظي القرآن يتمتعون بذاكرة حديدية لدرجة تجعلهم قادرين على تلاوة القرآن بأكمله في جلسة واحدة من ثماني ساعات وهم مغمضو العين. ورغم أن حفظ القرآن من الأمور المحببة دينيًا، فإنه لم يكن هناك ميل عام في أوساط مسلمي الهند على تشجيع أطفالهم على حفظ القرآن بهدف العمل كمحفظي قرآن. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تزايدًا كبيرًا في الطلب على المحفظين. والآن، بدأ كثير من المسلمين المتعلمين في إرسال أبنائهم للمدارس الدينية لحفظ القرآن، ويفضل الميسورون الاستعانة بمدرس خاص داخل المنزل.
من جانبه، أعرب مفتي محمد عمر عابدين، الشيخ الذي يعمل بصورة وثيقة مع المدارس الدينية، عن اعتقاده بأن: «أعداد الشباب، غالبًا من الطلاب، الذين يحفظون القرآن عن ظهر قلب في تزايد. وتفضل المساجد بمختلف أرجاء البلاد الاستعانة بالشباب في تلاوة القرآن الكريم خلال رمضان».
وقال محمد علام سكهافي، معلم القرآن البارز: «أنجز مئات الطلاب دورة تعلم القرآن. وقد أعددنا منهجًا على نحو ييسر على الطلاب هذه المهمة».
وأضاف أن الأمر يستغرق قرابة عامين حتى يحفظ المرء القرآن كاملاً، لكنه أكد أن التلاوة بالاعتماد على الذاكرة ليست بالأمر الهين، ويحرص غالبية أئمة المساجد على التدرب على التلاوة نهارًا لتجنب أية أخطاء أثناء صلاة التراويح.
ومع ذلك، فإن خريجي بعض المدارس الدينية جاء أداؤهم أفضل عن غيرهم، مثل خريجي مدرسة راي باريلي العريقة القريبة من دلهي. والتي يتلقى خريجوها دعوات لإمامة الصلاة بمختلف أرجاء البلاد، بل وبالخارج أيضًا.



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.