وفد الحكومة اليمنية يرفض شرعنة الانقلاب أو مكافأة مرتكبيه

وزير الإعلام اليمني لـ «الشرق الأوسط»: مؤشرات مشاورات السلام متضاربة.. ونترقب زيارة بان للكويت

المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ في انتظار زيارة بان كي مون للكويت  (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ في انتظار زيارة بان كي مون للكويت (أ.ف.ب)
TT

وفد الحكومة اليمنية يرفض شرعنة الانقلاب أو مكافأة مرتكبيه

المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ في انتظار زيارة بان كي مون للكويت  (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ في انتظار زيارة بان كي مون للكويت (أ.ف.ب)

أكد وفد الحكومة اليمنية في مشاورات الكويت على موقفه الثابت الذي سبق وأن أعلنه منذ بداية المشاورات، والمتمثل بسعيه إلى تحقيق السلام في اليمن القائم على تحقيق العدل وحماية الشرعية وإنهاء الانقلاب على سلطة الدولة بكل مظاهره وآثاره وبحسب المرجعيات المتفق عليها، المحددة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والقرارات ذات الصلة والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل. وأكد الوفد في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أنه لا يمكن الحديث عن أي ترتيبات سياسية قبل تنفيذ الانسحاب الكامل للميليشيات وتسليمها للأسلحة واستعادة الحكومة الشرعية لمؤسسات وأجهزة الدولة، مشيرا في بيانه أمس إلى أن أي شراكة سياسية في المستقبل يجب أن تكون بين قوى وأحزاب سياسية لا تتبعها ميليشيات. واعتبر الوفد أن انسحاب المتمردين من المدن التي سيطروا عليها يجب أن يسبق التوصل إلى أي «ترتيبات سياسية» لحل النزاع.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد قباطي، وزير الإعلام اليمني، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ترقبا للحراك الذي يدور في الكويت خلال الثلاثة أيام المقبلة تزامنا مع زيارة لبان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، مشيرا إلى وجود مؤشرات متضاربة في مصير المشاورات.
ولفت الوزير اليمني إلى وجود تأكيدات أن الطرف الميليشيات الانقلابية (الحوثيين وأتباع صالح) وافق على خطة يأتي في مقدمتها تطبيق البنود الأساسية لقرار مجلس الأمن 2216، ومن ثم الانطلاق نحو إلغاء كل القرارات التي تمت في الفترة الانقلابية، وتهيئة الأجواء لعودة الحكومة إلى العاصمة صنعاء بعد تسليم مؤسسات الدولة لها، ومتابعة لجنة عسكرية وأمنية تشرف عليها وجرى التوافق عليها وبضمانات دولية. وأضاف الدكتور قباطي، أنه في حالة ما إذا تبين أن الشهرين الماضيين من مشاورات السلام اليمنية - اليمنية برعاية الأمم المتحدة في الكويت والجهود الدولية والدول الخليجية والعربية الداعمة لإحلال السلام في البلاد كانت مجر محاولة من قبل القوى الانقلابية لإضاعة الوقت واستغلال مناخ الهدنة في التوسع، فإنه ليس أمام الحكومة اليمنية إلا اللجوء إلى خيار استعادة العاصمة اليمنية بالقوة.
وتطرق الوزير اليمني إلى معاناة الشعب اليمني نتيجة استمرار الحصار في عدد من المناطق، إضافة إلى استمرار استهداف المدنيين من قبل القوى الانقلابية، في حين أوضح أنه بالتوازي مع ذلك فإن تكلفة المأساة التي يعانيها اليمنيون تتوسع يوما بعد يوم في ظل استمرار تصرفات الانقلابيين. ولفت قباطي إلى أن الواقع الاقتصادي للبلاد شبه منهار فيما يتعلق بمؤسسات الدولية اليمنية وعلى رأسها المؤسسات الاقتصادية والمالية في البلاد.
وكان قد حذر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن «الحالة الإنسانية في اليمن صعبة جدا، وتقارير المنظمات والجمعيات تحذر من كارثة إنسانية إذا لم يتم تدارك الوضع»، وحث في هذا الصدد الأطراف اليمنية على ضرورة إيجاد حلول عملية وآليات سريعة وفعالة تحد من تدهور الاقتصاد الذي يؤثر بدوره في تراجع الوضع المعيشي لليمنيين. وكشف أنه تقدم بمقترح لخريطة طريق تتضمن تصورا عمليا لإنهاء النزاع وعودة اليمن إلى مسار سياسي سلمي. وقال: «إن هذا التصور يتطرق إلى إجراء الترتيبات الأمنية التي ينص عليها قرار مجلس الأمن 2216 وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد اليمني».
وأعلن وسيط الأمم المتحدة أنه سيقدم في الأيام المقبلة «اقتراحا مكتوبا» إلى طرفي النزاع، مطالبا إياهما بـ«تقديم التنازلات الضرورية».
وكان إسماعيل ولد الشيخ أحمد يتحدث أمام مجلس الأمن عبر الدائرة المغلقة من الكويت؛ حيث تستمر المفاوضات بين ممثلي الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين منذ شهرين برعاية الأمم المتحدة.
وقال ولد الشيخ أحمد: «سأقدم للأطراف اليمنيين في الأيام المقبلة اقتراحا مكتوبا للمرحلة المقبلة»، من دون أن يدلي بتفاصيل إضافية.
وأوضح أن المفاوضات «ستستأنف (بعدها) بعد توقف قصير بهدف السماح للأطراف بالتشاور مع قياداتهم».
وفد الشرعية أكد أنه ملتزم بمواقفه الثابت الذي سبق وأن أعلنه منذ بداية مشاورات الكويت، والمتمثل بسعيه إلى تحقيق السلام في اليمن، مشيرا إلى أنه هو السلام القائم على تحقيق العدل وحماية الشرعية وإنهاء الانقلاب على سلطة الدولة بكل مظاهره وآثاره بحسب المرجعيات المتفق عليها، المحددة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والقرارات ذات الصلة والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل.
وأكد البيان أن المشاورات لا بد أن تقوم على الالتزام بها وبالإطار العام وجدول الأعمال وتفاهمات بيل السويسرية والنقاط الخمس المتفق عليها لإنجاز الخطوات الكاملة لمسار السلام، بالبدء بتسليم جميع الأسلحة من قبل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية للسلطة الشرعية وانسحابها من كل المدن ومختلف مؤسسات الدولة، وإلغاء وإزالة كل الممارسات التي أنتجها الانقلاب منذ سبتمبر (أيلول) 2014، واستعادة الحكومة لسيطرتها على مؤسسات وأجهزة الدولة في كل المناطق والمدن الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.
وذكر الوفد أنه ثبت هذا الموقف برؤيته المقدمة خلال المشاورات وبخطابات رسمية كان آخرها رسالة الوفد إلى المبعوث الأممي بشأن كل القضايا الذي تضمنها جدول الأعمال والإطار العام للمشاورات وصولا إلى استئناف العملية السياسية من حيث توقفت.
وتطرق البيان إلى جهود إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي إلى اليمن من أجل وضع خريطة طريق لتحقيق السلام وفقا للمرجعيات المتفق عليها وباحترام قرارات الشرعية الدولية التي تضع التزامات مباشرة على الحوثيين وحلفائهم، إلا أنه أكد في ذات السياق أنه وبسبب عدم التزام الانقلابيين بالمرجعيات، فإنه لم يتم الاتفاق على أي شيء حتى الآن.
وجدد الوفد بحسب البيان إلى أنه يتمسك بموقف الشعب اليمني الرافض للانقلاب ولأي تمرد على السلطة الشرعية والدستور ومنطق الاستقواء والعنف، مجددا التزامه لإرادته وتطلعاته المشروعة في وضع نهاية للحرب بما يضمن تحقيق الأمن والسلام في أنحاء البلاد، منوها إلى أنه لن تكون هناك أي مساحة في مواقفه تسمح بشرعنة الانقلاب.
يشار إلى أن الخلاف في مشاورات السلام تجدد بعد أن طرح إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي، إلى اليمن مقترحا شمل الكلام عن حكومة وحدة وطنية والترتيبات الأمنية، ويدعو لانسحاب المتمردين من المدن، وتسليم السلاح. في حين أكدت الحكومة اليمنية أن لا يمكن الحديث عن أي ترتيبات سياسية قبل تنفيذ الانسحاب الكامل للميليشيات وتسليمها للأسلحة واستعادة الحكومة الشرعية لمؤسسات وأجهزة الدولة، في مقابل ذلك أكد عبد الملك المخلافي، وزير الخارجية اليمني، أنه ما إذا قدم المبعوث الأممي إلى اليمن خريطة متزنة فسوف يرفضها الطرف الآخر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.