نهلة داود: نجوم التمثيل اليوم لديهم فرص أكبر من جيل الأمس

وصفت دورها في «جريمة شغف» بالعبثي

نهلة داود مع الفنانة منى واصف
نهلة داود مع الفنانة منى واصف
TT

نهلة داود: نجوم التمثيل اليوم لديهم فرص أكبر من جيل الأمس

نهلة داود مع الفنانة منى واصف
نهلة داود مع الفنانة منى واصف

قالت الممثلة نهلة داود إنها أغرمت بدورها (جوليا) في مسلسل جريمة شغف، خصوصا أنه شكل خروجا عن الواقع الذي يدور فيه العمل. وأضافت: «لقد وقعت في حب هذا الدور منذ اللحظة، فهو أعادني إلى الأداء المسرحي لا سيما أنه يدور في فلك العبثية؛ إذ لا يمت بصلة أو بعلاقة وطيدة إلى سياق العمل. فالشخصية التي أديتها (جوليا) حلقت في فلك خاص بها؛ مما جعل المشاهد يتنبه إليها بصورة غير مباشرة، فالحالة التي قدمتها من خلالها هي فرضية غير انسيابية، وتدور ما بين الوهم والحقيقة، فتطرح علامات استفهام كثيرة لدى المشاهد، وأنا كنهلة داود سلمتها نفسي بكل جوارحي؛ لأن في كل مشهد منها هناك حالة معينة أعيشها». وعن وقوفها لأول مرة أمام نادين الراسي قالت: «هي المرة الأولى التي أعمل فيها مع نادين، وقد ولد بيننا حالة انسجام تام منذ اللحظة الأولى، وكأننا كنا نرمي بالكرة لبعضنا لنكمل كل مشهد على أكمل وجه. وهناك لحظات ارتكزنا فيها على الأداء العفوي الذي ولده هذا الانسجام؛ مما جعل علاقتنا السلسة هذه تؤثر إيجابيا في العمل ككل. فنادين ممثلة رائعة ومطواعة، ونجح المخرج وليد ناصيف في نقل أدائنا من كاميرته الثابتة، التي ارتكزت حركتها على عينه الثاقبة، فكان يلحق بنا ويصور أدق التفاصيل مما جعلنا فريقا متماسكا وناجحا معا».
وعما إذا فقد المسلسل من وهجه بعدما لمس المشاهد البطء في إيقاع حلقاته، أوضحت: «أعتقد أن كل مسلسل رمضاني يتعرض لهذه المشكلة في وقت من الأوقات، لكنه لا يلبث أن ينطلق من جديد في حلقات أكثر تشويقا. ومن ناحيتي فأنا لم أستطع متابعة إلا مقتطفات منه لانشغالي في تصوير مسلسلين (أمير الليل والشقيقتان). فأجواء الأعمال الرمضانية تدور في إطار ضغوطات لا تشبه غيرها، ولكنني متأكدة أن الحلقات المقبلة تحمل كثيرا من الإثارة».
وعما إذا مشاركتها في «جريمة شغف» أبعدتها عن فريق العمل ككل، إذ اقتصرت إطلالاتها فقط مع الممثلة نادين الراسي أجابت: «أبدا، ففي كواليس العمل كنا نلتقي كثيرا، لكن الدور الذي أؤديه كان يحمل خصوصية كبيرة، حتى أن منتج العمل مفيد الرفاعي أكد لي أنه كتب خصوصا لي، فأديته بكل أحاسيسي، لا سيما أنه من نوع المسرح المتلفز وأنا ابنة المسرح».
ونهلة داود التي نشاهدها في موسم رمضان، من خلال عملين مختلفين (جريمة شغف ويا ريت)، تؤكد أنه لولا هذا الاختلاف في الشخصيتين لما وافقت على المشاركة فيهما وفي الوقت نفسه، قالت: «أصررت على المشاركة في عملين يحملان شخصيتين مختلفتين، فأنا أرفض أن أطل في شهر رمضان في عملين متزامنين وفي أداء متشابه، فدوري في (جريمة شغف) كان مميزا، أما في مسلسل «يا ريت» فكان أكثر دفئا، وينتمي إلى واقع نعيشه. فما يهمني هو أن أرضي نفسي ومسيرتي قبل أي شيء آخر».
ووصفت شخصيتها في «جريمة شغف» بالخام، وأن قلة من الممثلات يجرؤن على أدائها. «لقد تخليت تماما عن الماكياج، لا بل اتسمت إطلالتي بماكياج يظهر العيوب والتعب والشرايين النافرة، كوني امرأة تعاني الظلم في السجن».
وعن دورها في «يا ريت» قالت: «الشخصية التي أديتها فيه تضج بالمشاعر والأحاسيس بالحنان والدفء، وقد حملتها الكاتبة كلوديا مرشيليان رسالة تقدير للمرأة الحكيمة. فالعائلة بحاجة دائمة إلى أم ترعى أفرادها وتزرع الحب، فيما بينهم فتسامح وتصبر دون ملل، وفي النهاية تحقق الانتصار لأنثويتها ودورها كأم. فلا تأخذ قرارات عشوائية، ولا تتغنى براية الكرامة، بل تقاوم للحفاظ على بيتها. فردود الفعل العكسية من قبل المرأة تجاه نزوات قد يرتكبها زوجها، قد توصل عائلتها إلى الدمار الشامل؛ فلذلك توجب عليها التصرف بحكمة».
وعن كيفية استطاعتها الفصل بين كل تلك الشخصيات التي تلعبها في آن واحد، فلقد شاركت في «يا ريت» و«جريمة شغف» و«أمير الليل» و«سمرا» وفي فيلم «السيدة الثانية» في الوقت نفسه، قالت: «الممثل يجب أن يفصل بين أدواره، وهو أمر يتزود به مع الوقت والخبرة، وهو نوع من الاحتراف. وكل ما في الأمر هو أنه يجب أن يمارس التركيز بشكل كبير. فعندما انتقل من دور لآخر، أغمض عيني وأعود إلى شخصيتي الحقيقية، لتكون المنطلق الصحيح للانتقال إلى شخصيات أخرى وهكذا دواليك. وأعتقد أن الشغف الذي يحكمنا في مهنتنا هذه، هو العنصر الرئيسي الذي يتكفل في أدائنا المختلف هذا».
نهلة داود التي تلفتنا في كل دور تقوم به، بحيث نجحت في أداء شخصية «الشيخة نهلة» المتسلطة، وفي دور الغجرية كاتمة الأسرار في «سمرا»، والسجينة المظلومة في «جريمة شغف» وغيرها من الأدوار التي حفرت في ذاكرة المشاهد، تؤكد أنها لا تفتقد الأدوار البطولية المطلقة، لا بل تجد أن زمن المهنة اليوم يعتمد على البطولات الجماعية، بحيث صار نص الكاتب يعتمد على مجموعة قصص في عمل واحد. «لقد سبق ولعبت أدوار بطولة مطلقة كما في (ورود ممزقة) الذي عرض أيضا في موسم رمضاني سابق، ولكننا كممثلين محترفين لا نقف عند هذه التفاصيل الصغيرة التي توجع الرأس، وذلك نظرا إلى حبنا وشغفنا بعملنا، وأعمال اليوم غيبت هذا التقليد السائد في الماضي، فصار جميع المشاركين فيها أبطالا من دون استثناء».
وعن الفرق بين نجوم التمثيل في الأمس واليوم قالت: «لقد تطورنا كثيرا في الدراما اللبنانية بشكل عام. وبعد أن كانت هذه الأعمال حكرا على قناة تلفزيونية واحدة (تلفزيون لبنان)، صارت اليوم منتشرة على فضائيات ومحليات، مما زود جيل اليوم بفرص كبيرة للانتشار. لقد عاصرت زمن المسلسلات المدبلجة وممثلين عمالقة أمثال ليلى كرم وجوزف نانو وليلى حكيم، رحمهم الله، إضافة إلى آخرين أمثال سمير شمص، وميشال ثابت، ونهى الخطيب سعادة، وغيرهم. هؤلاء جميعهم يشكلون مدارس في الأداء التمثيلي ورمزا للنضال والمثابرة، لكن الفرص كانت قليلة والانتشار محدود. عندما دخلنا في إطار الأعمال المختلطة وجدنا منفذا متسعا لم يكن مؤمنا لنا في السابق، فكشف عن مواهب لبنانية في التمثيل أو في الإخراج أو التأليف. فالحظ هنا لعب دورا كبيرا، والفرص التي أعطيت وما زالت تعطى لنجوم اليوم لعبت دورا أساسيا في انتشار أسمائهم».
وعن المواهب التي تلفتها حاليا على الساحة تقول: «إنا معجبة بكثيرين ومنهم باميلا الكك التي هي في حالة تطور دائم، وكذلك وسام حنا، وسارة أبي كنعان، ونيكولا مزهر، وزينة مكي وغيرهم، فقد أنجزوا قفزة نوعية واستمرارية، وذلك بالطبع مع عدم نسيان أسماء نجوم لبنانيين صاروا ضرورة في أعمال عربية مختلطة».
وعن أعمالها المقبلة قالت: «في مسلسل (أمير الليل) للكاتبة منى طايع التي أكن لها كل تقدير، ألعب دورا مناقضا تماما لشخصية الشيخة نهلة في مسلسل (وأشرقت الشمس)، فهي امرأة طيبة ومحبة ووفية أرادتني فيه الكاتبة عكس الشخصية المذكورة آنفا. أما في (الشقيقتان) فألعب دورا محوريا في المسلسل، وهو بمثابة المحرك الأساسي في العمل. وتتضمن الشخصية وجهين مختلفين يسكنان في امرأة واحدة أتمنى أن ينال إعجاب المشاهد».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».