تراجع الدعم الجوي الروسي للنظام.. رسالة تحذيرية للأسد

المعارضة السورية رجحت وجود اتفاق محتمل بين موسكو وواشنطن تمهيدًا لإعادة إحياء مفاوضات جنيف

سوريون يتبضعون في سوق منطقة الميدان بدمشق قبل ساعات من الإفطار أمس (أ.ف.ب)
سوريون يتبضعون في سوق منطقة الميدان بدمشق قبل ساعات من الإفطار أمس (أ.ف.ب)
TT

تراجع الدعم الجوي الروسي للنظام.. رسالة تحذيرية للأسد

سوريون يتبضعون في سوق منطقة الميدان بدمشق قبل ساعات من الإفطار أمس (أ.ف.ب)
سوريون يتبضعون في سوق منطقة الميدان بدمشق قبل ساعات من الإفطار أمس (أ.ف.ب)

تربط المعارضة السورية انخفاض حدّة القصف الروسي اللافت في اليومين الأخيرين، لا سيما في الشمال، حيث سجّل تراجعا ميدانيا للنظام، باتفاق محتمل بين واشنطن وموسكو، تمهيدًا لتنشيط مفاوضات جنيف من جهة، وتوجيه رسالة إلى النظام السوري مفادها بأن القرار النهائي هو لروسيا من جهة أخرى، بعدما كان الأخير قد انتقد قرار الهدنة الأخيرة في حلب.
ما حدث خلال اليومين الأخيرين هو أنه بعد تراجع قوات النظام في ريف محافظة حلب الجنوبي الذي أدى إلى قلب موازين المعركة، انسحبت هذه القوات إلى خارج محافظة الرقّة للمرة الأولى منذ سنتين، بعدما كانت قد اقتربت على مسافة سبعة كيلومترات من مطار الطبقة غرب الرقّة. وهو الأمر الذي عزاه مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، إلى غياب الغطاء الجوي الروسي الداعم للنظام وحلفائه، كذلك لفت إليه القيادي في الجيش السوري الحر، أبو أحمد العاصمي، مشيرا أيضا إلى قوّة المعارك التي تخوضها المعارضة في الفترة الأخيرة.
من جهة أخرى، اعتبر المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، الدكتور رياض نعسان آغا، أن تراجع الدعم الجوي الروسي لا ينفصل عن كل المستجدات في الأيام الأخيرة وبداية تفكّك الحلف غير المنسجم أساسا في سوريا بين النظام وإيران وروسيا، مرجحا وجود اتفاق روسي - أميركي لإنهاض الهدنة من جهة، وتمهيدا لاستئناف مفاوضات جنيف بعد عيد الفطر. وأهم التطورات التي رأى نعسان آغا أنها أسهمت في هذه التغيرات هي معركة «خان طومان» التي مني فيها النظام وما يسمى «حزب الله» بخسائر كبرى، إضافة إلى الزيارة التي وصفها بـ«استدعاء وزير الدفاع الروسي لرئيس النظام بشار الأسد إلى قاعدة حميميم والغموض الذي أحاط بها شكلاً ومضمونًا». ورجح نعسان آغا - وهو وزير سابق - في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون الروس قدّموا تعليمات محددة للأسد من شأنها أن تتضح تفاصيلها في الأيام المقبلة، لافتا كذلك إلى عدم وضوح نتائج اللقاء الثلاثي الذي عقد في طهران بين وزراء الدفاع السوري والروسي والإيراني.
من جهته، يؤكد العاصمي لـ«الشرق الأوسط» الدور العسكري اللافت الذي تلعبه فصائل المعارضة في المعارك الأخيرة في شمال سوريا، مشيرا إلى «خلافات بين الحلفاء»، وتحديدا بين إيران وروسيا، إضافة إلى اتفاق بين الأخيرة وأميركا للضغط على طرفي النزاع في سوريا، تمهيدا لإعادة تحريك مفاوضات جنيف بعدما بات الجميع مقتنعا أنه لا مكان للحل العسكري.
أيضًا رأى رئيس «المرصد»، رامي عبد الرحمن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه يبدو أن هناك اتفاقا أميركيا – روسيا يقضي بتغيير استراتيجية موسكو في التعامل مع القضية السورية، إضافة إلى توجيه الأخيرة رسالة إلى النظام السوري بأن القرار النهائي يعود إليها، لا سيما بعد رفضه الهدنة التي أعلنت نهاية الأسبوع الماضي في حلب. ورجح عبد الرحمن أن يكون هذا الاتفاق ينص على ترك الرقّة للأكراد ضمن إطار تقاسم الحصص في سوريا، وهو الأمر الذي لا يمكن لهذه الأطراف إلا الخضوع له نتيجة عجزهم، حلفاء النظام أو الأكراد، عن تحقيق تقدّم في غياب الدعم الجوي الروسي.
وكان «المرصد» قد أفاد بأن الطائرات الروسية لم تنفذ الاثنين أي ضربات جوية مساندة لقوات النظام السوري إبان تصديها لهجوم معاكس شنه تنظيم داعش في معقله بمحافظة الرقّة، وعاصمتها مدينة الرقّة، مما ساهم بتسريع انسحابها إلى خارج المحافظة، وهو الأمر الذي حدث أيضا في ريف حلب الجنوبي نهاية الأسبوع الماضي، حيث تمكنت المعارضة من السيطرة على ثلاث قرى استراتيجية هي زيتان وخلصة وبرنة. وللعلم وصلت قوات النظام يرافقها مسلحون موالون لها يوم الأحد الماضي على بعد سبعة كيلومترات من مطار الطبقة العسكري غرب مدينة الرقّة، قبل أن يشن «داعش» هجوما معاكسا أجبر قوات النظام على التراجع ليل أول من أمس إلى خارج الحدود الإدارية للمحافظة التي كانت دخلتها مطلع الشهر الحالي للمرة الأولى منذ سنتين، في إطار هجوم بغطاء جوي روسي.
ووفق التقارير استقدم «داعش» يوم الأحد الماضي 300 مقاتل من مدينة الرقّة، كما استقدمت قوات النظام تعزيزات لمساندتها في اليوم ذاته، لكنها «لم تكن كافية»، وفق «المرصد». وبحسب عبد الرحمن، شن التنظيم «هجومه المعاكس منذ ليل الأحد في مناطق مكشوفة، وتمكن من ضرب خلفية قوات النظام والمسلحين الموالين لها في غياب أي دعم جوي روسي، في حين أن تقدم الأخيرة ووصولها إلى مسافة سبعة كيلومترات عن مطار الطبقة العسكري تم بالتوازي مع قصف روسي كثيف». وأضاف: «اضطرت قوات النظام والمسلحون الموالون لها في مواجهة هجمات التنظيم، إلى الانسحاب إلى خارج الرقة خوفا من محاصرتها».
ويجدر التنويه بأن قوات النظام، يدعمها مقاتلون من قوات «صقور الصحراء» موالون لها ومدربون من موسكو، بدأت هجوما مطلع الشهر الحالي بدعم جوي روسي، وتمكنت من دخول محافظة الرقّة للمرة الأولى منذ 2014 والتقدم جنوب مدينة الطبقة التي سيطر عليها المتشددون في العام نفسه. وبحسب عبد الرحمن، فإن «انسحاب قوات النظام ليل الاثنين يثبت مجددا أنه لا يمكن مواجهة تنظيم داعش والتقدم داخل معاقله في سوريا بغياب الغطاء الجوي»، موضحا أن ذلك ينطبق على قوات النظام والدعم الجوي الروسي في الرقة، وكذلك على «قوات سوريا الديمقراطية» التي تواجه «داعش» في محيط مدينة منبج في محافظة حلب بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة أميركية.
وراهنًا يسيطر «داعش» على كامل محافظة الرقّة منذ عام 2014 باستثناء مدينتي تل أبيض وعين عيسى، اللتين تسيطر عليهما ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري.



اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.