فرقة «مشروع النيل» تصطحب اللندنيين في رحلة للقارة السمراء

على أنغام مستلهمة من تدفق النهر وإيقاعات التراث الأفريقي

جانب من حفل فرقة «مشروع النيل» على مسرح ايزلينغتون في لندن أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)
جانب من حفل فرقة «مشروع النيل» على مسرح ايزلينغتون في لندن أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)
TT

فرقة «مشروع النيل» تصطحب اللندنيين في رحلة للقارة السمراء

جانب من حفل فرقة «مشروع النيل» على مسرح ايزلينغتون في لندن أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)
جانب من حفل فرقة «مشروع النيل» على مسرح ايزلينغتون في لندن أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)

اصطحبت أنغام موسيقى نهر النيل عشرات الحضور يوم أول من أمس في رحلة لأفريقيا. وذلك من خلال حفل جمع موسيقيين من مصر والسودان وإثيوبيا وكينيا وبوروندي وتنزانيا أقيم على مسرح ايزلينغتون شمال لندن، لفرقة «مشروع النيل».
ويقدم المشروع خلال حفلاته التي أحيا الكثير منها في دول أفريقية وأخرى أوروبية، باقة من أشهر أغانيهم التي تجمع في طياتها تراث دول القارة السمراء وحوض النيل، في مزيج موسيقي بنكهة أفريقية.
ويجمع مشروع النيل الذي وصفته جريدة «نيويورك تايمز» بأنه «تحالف دولي متفاني وحيوي» بين فنانين من 11 دولة يتشاركون في أطول أنهار العالم ليدمجوا آلاتهم ولغاتهم ومقاماتهم وأرتامهم الموسيقية في أحد أكثر نماذج التعاون الموسيقي العابرة للثقافات تماسكا.
مهمة المشروع هي إلهام وتعريف وتمكين مواطني حوض النيل فيما يخص رعاية استدامة النظام البيئي الذي يتشاركون فيه. وعلى أنغام مستلهمة من تدفق نهر النيل من بحيرتي تانا وفيكتوريا وإيقاعات من التراث الأفريقي وغناء بأكثر من عشرة لغات من القارة، تراقص الحاضرون وتخيلوا نفسهم جالسين على ضفاف أحد أطول أنهار الكرة الأرضية الذي يمر في 10 دول.صمم مشروع النيل عملية موسيقية مبتكرة تسمح لفنانيها بتنظيم أنفسهم عبر الارتقاء بنقاط قوة بعضهم البعض للكشف عن صوت فريد يمثل تدفق النيل ككل.ويوفر مشروع النيل نموذج للطرق الجديدة التي يمكن لمواطني النيل تنظيم أنفسهم بها عبر القطاعات لتوليد حلول مبتكرة وبها تبادل في المنفعة عبر النظام كرد فعل للتحديات المشتركة في مجال السياسة المائية وذلك عبر خلق موسيقى حائزة على جوائز في إطار قيادة تشاركية.
ومع دخول المشروع عامه الرابع، يستمر بالنمو والتطور فيما يتجاوز برنامجه الموسيقي ليقوي مهمته في الحفاظ علي نهر النيل. ويهدف من خلال أنغام الموسيقى إلى ترجمة إلهام الموسيقيين إلى محرك للابتكارات البيئية لتنمية حلول مبدعة لتحقيق استدامة النيل.
ويذكر أنه في مطلع عام 2013 أصدر موسيقيون المشروع ألبومهم الأول تحت اسم «أسوان» المدينة المصرية التي تم فيها تسجيله أثناء. وجرى إطلاقه في حفل كبير تتويجا لعشرة أيام هي مدة التجمع الذي أتى بعدد 18 فنانا من مصر، إثيوبيا، إريتريا، جنوب السودان، السودان وأوغندا. هؤلاء الفنانين اجتمعوا لتأليف وأداء وتسجيل نمط جديد من الأغاني المستوحاة من تنوع التراث الموسيقي والآلات الموسيقية.
ويتولى مشروع النيل عملية تشابك هذه التقاليد في إطار صوتي جديد. يقود فيه الإيقاع القوي للمجموعةمع دمج آلات أخرى جديدة.
ففي أسوان، تم تقديم القيثارة بواسطة العزف السوداني والأوغندي والسمسمية المصرية والطنبورة بينما ظهر الكمان من خلال العزف الإثيوبي والأوغندي. وقام ستة مطربين من المجموعة بأداء 11 أغنية مختلفة اللغات في أسوان. ويتراوح نطاق كلماتها من النطاق الشخصي العميق إلى استكشاف موضوعات الهوية والتلاحم الإقليمي والعلاقات الثقافية من خلال العيش في الشتات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».