الميليشيات تبادل الأسرى غرب تعز وتقصف السكان في شرقها

جماعة الحوثي وصالح يتحايلون على الأهالي لسرقة الزكاة والصدقات

الانقلاب واصل قصفه رغم المبادرة الإنسانية بتبادل الأسرى تخفيفا من وطأة الصراع في تعز («الشرق الأوسط»)
الانقلاب واصل قصفه رغم المبادرة الإنسانية بتبادل الأسرى تخفيفا من وطأة الصراع في تعز («الشرق الأوسط»)
TT

الميليشيات تبادل الأسرى غرب تعز وتقصف السكان في شرقها

الانقلاب واصل قصفه رغم المبادرة الإنسانية بتبادل الأسرى تخفيفا من وطأة الصراع في تعز («الشرق الأوسط»)
الانقلاب واصل قصفه رغم المبادرة الإنسانية بتبادل الأسرى تخفيفا من وطأة الصراع في تعز («الشرق الأوسط»)

بينما كانت عملية تبادل الأسرى الأكبر من نوعها بين قوات الشرعية والانقلاب أول من أمس في تعز، كانت صواريخ وقاذفات ومضادات طيران الميليشيات الانقلابية تقتل أشخاصًا آخرين من أبناء تعز، بينهم نساء وأطفال في مناطق تسيطر عليها قوات الشرعية من الناحية الشرقية للمدينة.
لم يكن الأسرى الذين أفرجت عنهم ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح، من قيادات المقاومة الشعبية في محافظة تعز أو من الجيش الوطني، بل إن غالبيتهم من المواطنين العُزل الذين تم القبض عليهم عن طريق الاختطاف من نقاط التفتيش، ومن الشوارع وهم آمنون.
وتقول مصادر محلية إن هناك من تم اعتقاله من منزله عند مداهمتهم قبل تفجيره، والكثير لا حلول لهم ولا قوة، فيما يعتبر الذين تم الإفراج عنهم من الميليشيات الانقلابية، المسلحون الذين قدموا إلى المحافظة الحالمة، من صعدة وذمار وعدد من المحافظات، لقتال أبنائها الرافضين للانقلاب على الشرعية وتأييدهم للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته الشرعية.
منذ الصباح الباكر تبرز صورة النائمين في الشوارع وعلى الأرصفة، ممن دُمرت منازلهم وشرد أهلهم إلى القرى يختبئون عند قريب أو صديق، ويسمع صوت انفجار تلو الآخر في أنحاء متفرقة من مدينة تعز، في حين يشتد قصف الميليشيات الانقلابية بصواريخها وقذائفها على مناطق ثعبات والدمغة من الجبهة الشرقية، ويمتد الأمر إلى قصف الأحياء السكنية المحيطة بقلعة القاهرة التاريخية، حيث تسيطر عليها قوات الشرعية.
ولم تكتف الميليشيات الانقلابية بقصفها الأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى وأرياف المحافظة وتفجير منازل المناوئين لها، بل أقدمت أمس على اعتقال 5 أشخاص من الأهالي من أبناء مديرية قدس في الحجرية، أكبر قضاء في تعز، في منطقة الحوبان التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية، وذلك في مواصلة لحملة الاعتقالات العشوائية للمدنيين، في الوقت الذي لا تزال فيه سجون الميليشيات الانقلابية تكتظ بآلاف الأسرى من أبناء تعز ومن عموم المحافظات اليمنية.
كما قتل قناصة الميليشيات الانقلابية المواطن داود أحمد الريمي وهو في طريقه لإيصال «كيس دقيق» إلى منزله في المنطقة السكنية غرب تعز، علاوة على استمرار سقوط المدنيين نتيجة الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح، وذلك بحسب شهادات سكان محليين لـ«الشرق الأوسط».
وأكد قيادي في المقاومة الشعبية بتعز لـ«الشرق الأوسط» أن «عناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنوا من إحراز تقدم نوعي والحفاظ على مواقعهم أمام هجمات ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، وذلك في وادي الزنوج في المحور الشمالي، وكذلك في ثعبات والجحملية، شرق المدينة، في حين تواصل الميليشيات قصفها بشكل عنيف وكثيف على الأحياء السكنية بالصواريخ والقذائف والمدفعية الثقيلة في جميع أنحاء المدينة».
وأضاف: «قصفت الميليشيات الانقلابية بشكل عنيف وهستيري بعد عملية تبادل إطلاق الأسرى حي كلابة والزهراء وحي الشماسي والجحملية وحي مستشفى الثورة وبير باشا والمطار القديم في شرق وغرب ووسط المدينة، إضافة إلى قصف قرى جبل صبر جنوب المدينة، وسقط فيها قتلى وجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال».
إلى ذلك، حققت قوات الشرعية في تعز تقدمًا في جبهة الزنوج وقامت بتطهير عدد من المواقع في الحي وأسر عناصر من الميليشيات الانقلابية، مما مكنهم من تطهير الزنوج كاملة والوصول إلى جبل الوعش، حيث شهدت محيط جبل الجرة والبعرارة، شمال المدينة، مواجهات عنيفة، علاوة على مواجهات أخرى شهدتها أحياء الجحملية وثعبات وحوث الأشراف والدعوة وكلابة، شرقًا، ومحيط اللواء 35 مدرع في المطار القديم ومحيط السجن المركزي وبير باشا غرب المدينة.
في المقابل، أقامت منظمة تكتل جميعنا في محافظة تعز، تكتل مبادرات شبابية، أمسية رمضانية لقيادات في المقاومة الشعبية والجيش الوطني في المحافظة تحت شعار «كلنا مقاومة ورمضان يعمق وحدتنا».
وخلال الأمسية تم فتح باب النقاش والتساؤلات مع قيادات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية حول أبرز عوامل الصمود وأسباب تأخر الحسم.
وقال نائب رئيس مجلس تنسيق المقاومة الشعبية، الشيخ عارف جامل، إن «صمود المدينة كان بثبات رجالها وشبابها الأبطال، وإن أسباب تأخر الحسم ناتج عن شح الإمكانيات، لكن رغم ذلك فإن عمليات التقدم ما زالت مستمرة، والجيش الوطني والمقاومة الشعبية يحققان انتصارات متتالية وإن كان بطيئًا».
من جانبه، أشار مدير أمن المحافظة، العقيد محمود المغبشي، إلى أن الأمن مسؤولية الجميع والحفاظ عليه يحتاج تضافر الجميع في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وأوضح رئيس التكتل، إبراهيم الجبري، في كلمته: «لقد أقمنا هذه الفعالية والأمسية الرمضانية ضمن أنشطة إسناد ودعم المقاومة والجيش، وهدفنا من خلالها تجميع كل الفصائل في سعينا إلى تعميق وحدة المقاومة الشعبية والجيش الوطني، فبالوحدة صمدت المدينة وقارعت الغزاة وبها وحدها سيتحقق الخلاص للمدينة».
وأضاف الجبري: «نحيي لكم مقاومتكم ونبارك انتصاراتكم المتلاحقة ووحدتكم الضامنة لكل الانتصارات والصانعة للنصر الأكبر، متمنين لكم دوام الصحة والعافية والتوفيق في معركتكم ومعركتنا الوطنية ضد الظلم والقهر والوصاية».
وتخلل الأمسية وجبتا الإفطار والعشاء، وعدد من الفقرات الفنية والخطابية التي وجه الحاضرون فيها رسائل لقيادات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من أهمها ضرورة التمسك بوحدة المقاومة التي صمدت في المدينة ومديريات الريف.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.