تنعس الفنون البصرية في شهر رمضان، وتدخل فعالياتها في حالة خمول، ما عدا فن الخط العربي الذي يزداد وهجا في الشهر الكريم مستلهما الطابع الروحاني للأجواء الرمضانية، مما يثير شهيّة كثيرين لدخول ورشات تعلم الخط العربي، التي تزدهر هذه الأيام بصورة لافتة، فهذا الفن يجد في رمضان اهتماما لا يجده بالقدر نفسه في بقية الشهور.
وتتألق الحروف العربية كذلك في تزيين القطع الاستهلاكية على اختلاف أنواعها في رمضان، ما بين الألبسة والحلي والخزفيات والأواني، حيث نجد الخط العربي قد تم تطويعه ليخرج بصور احترافية، مما يضفى طابعا شرقيا عميقا على كثير من المنازل السعودية خلال هذا الشهر، مع الاستعانة بشكل مباشر بأحد الخطاطين أو اقتناء قطع مخطوطة ببعض الآيات القرآنية أو الحِكم والمأثورات.
إلا أن رواج دورات تعلم الخط العربي في شهر رمضان هو الأمر الأكثر بروزا، وهو ما يُعلق عليه الخطاط السعودي سعود خان، الذي يقدم هذه الأيام دورات للخط العربي في مركز «تسامي للفنون البصرية» بجدة، قائلا: «نحرص على تقديم دورات للخط العربي في رمضان بسبب روحانية هذا الشهر المنسجمة مع طابع هذا الفن».
ويتابع خان حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لدينا ثلاث دورات في شهر رمضان، وكل دورة مدتها 4 أيام، بدأنا بدورة الخط الديواني، ثم دورة خط الرقعة، وبعدها دورة تشكيل الخط العربي التي تتناول آلية العملية الإبداعية في تطعيم اللوحات التشكيلية بالخط العربي»، ويصف خان الإقبال على هذه الدورات بأنه «كبير ومشجع جدا، من الجنسين».
وانطلق (الخميس) في الرياض، معرض (الخط العربي والفن الإسلامي)، في مركز مدار المصممين، ويقدم نماذج فنية تعرض جماليات الخط العربي عبر لوحات جدارية وقطع يدوية وأوان مزينة بالزخارف والخطوط الإسلامية، وكثير منها مخطوط بعبارات ذات طابع رمضاني متفرد.
أمام ذلك، يرى الخطاط حسن آل رضوان، وهو رئيس جماعة الخط في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، أن «انتعاشة الخط العربي في شهر رمضان جاء لالتصاقه بالقرآن الكريم والأحاديث الشريفة والطابع الروحاني المتزامن مع هذه الفترة»، ويضيف: «تفرغ الناس للعبادة يفتح شهيتهم لكل ما هو مرتبط بالأصالة الإسلامية، ومن ذلك، الفنون التي من أبرزها الخط العربي والإسلامي».
ويتابع آل رضوان حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «الخط العربي يعيد الناس إلى العبق الإيماني الجميل، بما يحمله هذا الفن من مضامين روحانية عالية»، مشيرا إلى أهمية ذائقة الخطاط في اختياره عبارات معينة تُنبه المتلقي لآيات قرآنية أو عبارات معينة قد يكون المتلقي غافلا عنها، وبما يحمله ذلك من فن وزخرفة يثيران الذائقة البصرية واللفظية، بحسب قوله.
ومن مشاهدات آل رضوان في جهود إحياء الخط العربي، يقول: «لم يعد حضوره مقتصرا على اللوحات والمعارض الفنية، بل امتد لتفاصيل الحياة العامة، بما في ذلك الملابس والقطع المنزلية، إلى جانب تزيين الخط العربي مرافق بعض مراكز التسوق والأماكن العامة، بأشكال زخرفية لافتة، وهو أمر مثير ومُحبب نفسيا لدى المتلقي، ويزداد الأمر في شهر رمضان المبارك، بالنظر لارتباط الخط العربي بالجانب الإيماني، فهي مسألة تكاملية للطرفين».
ويجمع الخطاطون على أن شهر رمضان فرصة للرجوع إلى أصالة الخط العربي ودعم طقوس التعبد بكتابة الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة بخطوط جميلة تؤثر على المتلقي، خصوصا مع اهتمام الجيل الجديد ببحور الخط العربي واتخاذه وسيلة للمعرفة، بعد إلباسه لباسا قدسيا لارتباطه الوثيق بكتابة القرآن الكريم، ومع تباري الخطاطين في تجويده وتحسينه والتنافس على إقامة المعارض الفنية والورشات التدريبية، وتوظيف شهر رمضان لتذوق جماليات هذا الفن الضارب في أعماق الثقافة الشرقية.
«الخط العربي» في رمضان.. تزجية للوقت وإمتاع للذائقة
رواج ورشات التعلم.. وتطعيم الخطوط وزخارفها على المنتجات الاستهلاكية
«الخط العربي» في رمضان.. تزجية للوقت وإمتاع للذائقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة