افتتاح متحف «تيت مودرن» للفن في لندن بحلة جديدة

كلف 260 مليون جنيه إسترليني.. ويعرض أعمالاً فنية من الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب أميركا وآسيا.

TT

افتتاح متحف «تيت مودرن» للفن في لندن بحلة جديدة

بحلة جديدة وبتكلفة بلغت 260 مليون جنيه إسترليني افتتح المبنى الجديد لمتحف «تيت مودرن» للفن الحديث والمعاصر في وسط العاصمة البريطانية لندن، الذي يشمل 10 طوابق تحتوي على غرف لعرض أعمال فنية لفنانات وأعمال فنية مختلفة من جميع أنحاء العالم. وقد صمم المبنى الجديد الذي أطلق عليه «سويتش هاوس»، وهو على شكل هرم مقطوع من طرف، المهندس هيرتسوغ ودي مورون، الذي صمم سابقا محطة الطاقة «بانك سايد» في عام 2000 إلى المبني القديم. مما يزيد من مساحة المعرض الإجمالية بنسبة 60 في المائة.
وكان قد افتتح المبنى الجديد رئيس بلدية لندن الجديد، صادق خان، الذي وعد لجعل الثقافة أولوية أساسية، لا تقل أهمية عن سياسات الإسكان والنقل والبيئة «وبطريقة لم تشهدها أي مدينة عالمية من قبل».
يشتمل المبنى على مقاهٍ ومحلات تجارية وأماكن للجلوس، وتناول الطعام بهدوء. وهذا العام اهتم المعرض بالعنصر النسائي بصورة لافتة حيث قام بعرض أعمالهن الفنية وارتفعت مشاركتهن الفنية من 17 في المائة إلى 36 في المائة. وخلال التجول داخل المبنى تلاحظ أعمال فنية عبارة عن نحت لشجرة بارتفاع 7 أمتار وبرج من «الروادي» القديمة، وأشكال صنعت من الكسكسي المغربي، وعنكبوت عملاق، وقفص للاستراحة وخريطة لبيروت من البلاستيك، وأشكال فنية أخرى.
وسوف يشاهد الزوار هذا العام كثيرًا من المفاجآت من الأداء الفني والتصوير الفوتوغرافي والفن التفاعلي. كما يعرض الفنان البرازيلي هيليو أعماله بمشاركة 300 فنان من أكثر من 50 دولة في الجناح الجديد.
وقال مدير تيت، السير نيكولاس سيروتا: «اليوم نفتح جناح المعرض بروح جديدة ومرافق جديدة، ومساحات تعليمية جديدة ونظرة جديدة للعالم كما كان ذلك على مدى 120 سنة». هذا يعني جمع ما هو أكثر للعالمية وبشكل متنوع ومثير للاهتمام، وبمشاركة كثير من الفنانات أو العنصر النسوي.
وقال سيروتا: «يمكنك إعادة كتابة التاريخ، ولكن لا يمكنك إعادة اختراعه. ونحن هنا نسلط الضوء على مساهمات كبيرة من النساء لهذا العام».
وأضاف سيروتا: «عندما افتتح (تيت مودرن) في عام 2000، تمثل نسبة النساء 17 في المائة من العدد الإجمالي للفنانين. وقال الرقم تغير الآن، وهناك أعمال فنية للنساء تعود إلى عام 1960 فصاعدا، بنسبة 36 في المائة.
وأضاف: «هناك أيضًا الكثير من الأعمال من أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وآسيا وأميركا الجنوبية، مع ما يقرب من 75 في المائة من الأعمال المعروضة المكتسبة منذ عام 2000». وقال سيروتا «إن الأسماء المألوفة مثل روثكو، بيكاسو وماتيس لا تزال تعرض في الجناح القديم، ولا يزال هناك بعض الأعمال الفنية من القرن العشرين من نيويورك وباريس لموريس، ولكن هناك أيضًا أساليب جديدة للفن ووجهات النظر من ساو باولو، ومن زغرب، ومن طوكيو»
وأوضح سيروتا: «إن (تيت مودرن) الأصلي يسمح لمليوني زائر سنويا، الآن يستقبل المعرض أكثر من 5 ملايين، مما يجعله الأكثر زيارة لمعرض فن الحديث ومعاصر في العالم».
ويمثل المبنى الجديد، وهو جهد ضخم لجمع التبرعات، 50 مليون جنية إسترليني من الحكومة، و7 ملايين إسترليني من بلدية لندن الكبرى، ومليون إسترليني من مجلس ساوثوورك، وما تبقى من حصيلة المتحف.
وكان رئيس الأمناء، اللورد براون، قد وصف حملة جمع التبرعات بأنها أكبر حدث ثقافي في المملكة المتحدة، وقال إن فتح المعرض يعتبر لحظة تاريخية، وليس فقط لـ«تيت»، وليس فقط للندن وليس فقط للمملكة المتحدة بل لكل العالم.. في الوقت الذي سيسعى البعض لتتحول بريطانيا إلى الداخل، وإخراجها من مكانها الصحيح في المجتمع العالمي، معرض «تيت مودرن» الجديد هو تذكير لما يمكن تحقيقه عندما نبقى منفتحين على الأفكار ودول العالم «في إشارة لدعوة الذين يطالبون بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». ويعتبر متحف «تيت مودرن»، هو معرض وطني للفن الحديث الدولي في لندن، ويشكل جزءًا من مجموعة «تيت» (جنبًا إلى جنب مع «تيت» بريطانيا، «تيت» ليفربول، «تيت» سانت ايفيس، و«تيت» أون لاين). ويقع مقره في محطة توليد الطاقة السابقة بانك سايد، في منطقة بانك سايد من لندن بورو من ساوثوورك. يضم المتحف مجموعة من الأعمال الفنية الدولية الحديثة والمعاصرة، التي يعود تاريخها إلى عام 1900.
ويقع متحف «تيت مودرن»، وهو محطة طاقة سابقة، على نهر التيمس بالقرب من كاتدرائية «سان بول»، حيث يجذب أكثر من خمسة ملايين زائر سنويا.
وتم تصميمه في الأصل من قبل السير جيلز جيلبرت سكوت، مهندس محطة كهرباء باترسي، وبُني على مرحلتين بين عامي 1947 و1963. وأغلقت محطة توليد الكهرباء في عام 1981. وفي عام 1992. وهو بمثابة متحف مخصص لعرض كل ما يتعلق بالفن الحديث. كان هذا المتحف سابقًا بمثابة محطة لتوليد الكهرباء وقد تمت إعادة بنائه في وقت لاحق ليصبح بهذا الشكل الرائع. تم إنشاء المعرض في عام 2000 ومنذ ذلك الحين أصبح مقصدًا للسياح المحليين والدوليين على حد سواء.
وقد تم طرح مسابقة لبناء متحف «تيت مودرن» في متحف الفن الوطني البريطاني بمبنى جديد للفن الحديث. وكان الغرض من المبنى الجديد المساعدة في الاتساع وجمع الفن الحديث والمعاصر. وفي عام 1995 أعلن أن هرتزوغ ودي ميرون قد فازا في المنافسة بتصميم بسيط. قرر المهندسان المعماريان إعادة بناء المبنى الحالي بدلا من تدميره. متحف «تيت مودرن» هو مثال على إعادة التكيف، وعملية إيجاد حياة جديدة في المباني القديمة. المبنى نفسه لا يزال يشبه المصنع المبني في القرن العشرين في الأسلوب من الخارج، والذي ينعكس على الداخل في الجدران، كاللون الرمادي الداكن، والعوارض الصلبة والأرضيات الخرسانية. وتتكون واجهة المبنى من 4.2 مليون طوبة تم فصلها بواسطة مجموعة من النوافذ العمودية رقيقة التي تساعد على خلق ضوء دراماتيكي للداخل. كان تاريخ الموقع وكذلك المعلومات حول تحويل الأساس إلى 2008.
يعتبر متحف «تيت مودرن» أكبر مساحة للفن الحديث في لندن، وتضم طوابقه السبعة مجموعة من أرقى أعمال الفن المعاصر في العالم، والدخول مجانًا فيما عدا المعارض الخاصة التي تقام بصفة دورية. فن يؤرخ من عام 1900 وحتى اليوم.
وتضم منطقة «بانك سايد» أيضًا كثيرًا من المعالم الأخرى. وكانت أحدث إضافة لهذه المنطقة هي جسر ملينيوم الذي صممه اللورد فوستر، والذي بلغت تكلفته 14 مليون جنيه إسترليني. يعمل الجسر حلقة وصل بين «تيت مودرن» وكاتدرائية سانت بول التي تقع على الضفة الشمالية لنهر التيمس.
كما يقع في منطقة بانك سايد أيضًا مسرح شكسبير «غلوب»، الذي تمت إعادة بنائه بصورة رائعة، ويعرض هذا المسرح أعمال شكسبير والمسرحيات التي كتبها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».