أوباما يصر على تعهد إسرائيلي بالامتناع عن الالتفاف على البيت الأبيض واللجوء إلى الكونغرس

الخلافات الإسرائيلية الأميركية حول الدعم تتجاوز قضية النقود

أوباما ....نتنياهو
أوباما ....نتنياهو
TT

أوباما يصر على تعهد إسرائيلي بالامتناع عن الالتفاف على البيت الأبيض واللجوء إلى الكونغرس

أوباما ....نتنياهو
أوباما ....نتنياهو

قالت مصادر إسرائيلية وأخرى أميركية، إن المفاوضات بين إسرائيل والولايات المتحدة، حول صفقة المساعدات الأمنية، للعقد المقبل، تقترب من ساعة الحسم. وأضافت، بأن المحادثات بين الجانبين، استنفدت تماما، وخلال أسابيع، سيكون على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يقرر التوقيع على الاتفاق مع أوباما أو لا. وقال القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي، العقيد يعقوب نيجل، الذي يترأس طاقم المفاوضات الإسرائيلي، للمراسلين السياسيين في تل أبيب، أمس، إن «إسرائيل تفتش عن مصالحها». وقال نتنياهو: «نحن نريد بشكل قاطع، التوصل إلى اتفاق مع إدارة أوباما، ولكن ليس بأي ثمن، وافهموا وحدكم المقصود».
وفي المقابل، أوضح نائب وزير الخارجية الأميركي، طوني بلينكو، خلال لقاء عقده في واشنطن، الجمعة الماضي، مع ممثلي عدد من التنظيمات اليهودية، أن المفاوضات مع إسرائيل حول صفقة المساعدات الأمنية انتهت عمليا. وقال مصدران شاركا في اللقاء، إن بلينكو أوضح أن الصفقة التي تعرضها الولايات المتحدة لن تتغير، وأن الطابة باتت في ملعب نتنياهو، وهو الذي يجب أن يقرر ما إذا كان سيوقع على الاتفاق أم ينتظر الرئيس الأميركي التالي. ووصل بلينكو إلى إسرائيل، أمس، على رأس وفد يضم 19 مسؤولا أميركيا من مختلف الوكالات الأميركية، للمشاركة في لقاء الحوار الاستراتيجي مع إسرائيل، الذي سيعقد في وزارة الخارجية غدا. وخلال خطاب ألقاه في مؤتمر هرتسليا، لمح بلينكو، إلى أن الولايات المتحدة تنتظر الرد الإسرائيلي في موضوع الصفقة. وقال إن «الولايات المتحدة مستعدة للتوقيع على مذكرة التفاهمات الأمنية التي ستقدم أكبر مساعدات عسكرية أميركية لأي دولة في العالم، حتى عام 2029».
من جهته قال نيجل، أمس، إنه لا تزال هناك خلافات حول حجم اتفاق المساعدات، حيث ترغب إسرائيل في أن يراوح حجمها بين 40 و50 مليار دولار لمدة عشر سنوات. لكن الإدارة تقترح بين 34 و37 مليار دولار. ويمكن للإدارة أن تزيد المبلغ إلى 40 مليار دولار، إذا تعهدت إسرائيل بعدم العمل، خلال عشر سنوات، أمام الكونغرس، من أجل الحصول على مساعدات إضافية. وقال نيجل، أيضا، إن إحدى القضايا التي لم يجر حلها بعد، تتعلق بحجم المبلغ الذي يمكن لإسرائيل استخدامه لشراء أسلحة من الصناعات الأمنية الإسرائيلية، علما بأنه وفق الاتفاق الحالي، يمكن لإسرائيل استغلال نسبة 26.3 في المائة من المساعدات الأميركية، نحو 800 مليون دولار، لشراء معدات من الصناعات العسكرية المحلية.
ومن المقرر أن يغادر وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إسرائيل، مساء غد (السبت)، في أول زيارة عمل له في واشنطن في هذا المنصب. وسيشارك ليبرمان في مراسم خاصة لإطلاق أول طائرة من طراز F - 35، يتوقع أن يتسلمها سلاح الجو الإسرائيلي في نهاية السنة الحالية. وستقام المراسم في مصنع إنتاج الطائرات «لوكهيد مارتين» في تكساس. ومع وصول الطائرة إلى إسرائيل، سيقوم سلاح الجو بتزويدها بمنظومات إسرائيلية الصنع. ومن المتوقع أن يلتقي ليبرمان، خلال الزيارة، مسؤولين كبارا في البيت الأبيض، من بينهم نظيره الأميركي. وسيكون الموضوع الرئيس الذي سيناقشانه هو صفقة المساعدات الأمنية لإسرائيل، والتي يرغب ليبرمان في إنهائها قبل نهاية فترة ولاية أوباما.
جدير بالذكر، أن إسرائيل تحصل على مساعدات سنوية بقيمة 3 مليارات دولار منذ سنة 1979، بعيد التوقيع على اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر. وفي السنوات الأخيرة تحصل على إضافة لتطوير الصواريخ المضادة للصواريخ. وكشف أمس، عن أنها تلاعبت في فترة نتنياهو، والتفّت على البيت الأبيض. ففي العام الماضي، مثلا، صادقت الإدارة الأميركية لإسرائيل على زيادة استثنائية بقيمة 37.2 مليون دولار، لتطوير منظومة الدفاع المضادة للصواريخ: «العصا السحرية». وتوجهت إسرائيل إلى الكونغرس، ونجحت في زيادة الميزانية الاستثنائية إلى 116.5 مليون دولار. بعد ذلك توجهت إلى البيت الأبيض، وطلبت ميزانية أخرى، سمحت لها بشراء مركبات المنظومة العسكرية. البيت الأبيض رفض إضافة حتى دولار واحد، فتوجهت إسرائيل، مرة أخرى، إلى الكونغرس، وحصلت على زيادة خاصة بقيمة 150 مليون دولار لشراء المنظومة. وحسب مصدر سياسي إسرائيلي، فإن سادة البيت الأبيض انفجروا غضبا، وأعلنوا أول من أمس، أنهم سيفرضون الفيتو على قرار زيادة أي مبلغ آخر للدفاع الجوي، باستثناء ما صادقت عليه الإدارة. ويتضح أن إسرائيل نجحت في سحب مبلغ 455 مليون دولار لدعم مشروعات «السهم» و«العصا السحرية» و«القبة الحديدية»، بشكل يفوق ما صادقت عليه الإدارة.
ويجمع الإسرائيليون على أن إدارة أوباما كانت أكثر كرما من باقي الإدارات الأميركية في مجال مساعداتها في الحفاظ على أمن إسرائيل والدفاع عنها. لكن نتنياهو ويده اليمنى، السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون درومر، يعتقدان أن بالإمكان استغلال المعركة الانتخابية الأميركية لتحصيل المزيد. وقاما بتجنيد الآيباك (اللوبي المساند لإسرائيل في واشنطن)، وهو من نجح في إقناع أعضاء الكونغرس بالفكرة، وبادر أعضاء الكونغرس بدورهم، إلى تحرّك يستهدف شمل كل ما يتعلق بالبرامج الدفاعية المضادة للصواريخ في الوثيقة الدستورية. إلا أن الإدارة قد وقفت على قدميها الخلفيتين مستعدّة للهجوم، وقالت، ردا على ذلك، بأنها «تعارض شمل الإضافات في الميزانية الأساسية للمساعدات».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.