على بعد 500م من منطقة ضبية وعلى مساحة تبلغ نحو 1700 متر مربع من الحقول الخضراء ذات المناظر الطبيعية، تقع قرية لا تشبه أيا من القرى التي نعرفها، إنها القرية العلمية التي خصصت لحث الفضول العلمي التلقائي لدى الصغار والكبار على السواء.
القرية العلمية التي أنشأها في لبنان الدكتور جورج مفرج وشركاؤه، تهتم بأنواع العلوم كافة: صحة عامة، تغذية، بيئة وإعادة تدوير، فيزياء، جيولوجيا، علم فلك وفضاء، علوم النبات، كهرباء، ميكانيك، إلكترونيك وغيرها... وهدفها إيصال المعلومة العلمية إلى الطلاب بطريقة ترفيهية لا عقد فيها ولا «وجع راس».
ويقول الدكتور مفرج لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في أرجاء «القرية»: «مارست مهنة التعليم في الجامعة وأحببت أن أوصل الأفكار للناس بهذه الطريقة السهلة المسلية، فبثلاث ساعات، وهي المدة المخصصة للطلاب للتعرف على عالمنا، نستطيع تقديم المعلومة وتوضيحها بشكل مبسط وترفيهي. إنها عبارة عن طريقة تجعل الأولاد يطلعون على العلوم بأسلوب فرح ومسل». ويضيف: «نحن لسنا معلمين ولا نحل مكان المدرسة، بل دورنا ترفيهي بالدرجة الأولى».
تدخل حرم القرية بتأن وترقب، فكل ما فيها ثقافي ترفيهي، والبداية من غرفة الـplanetarium وهي الغرفة المخصصة لعلم الفضاء، (أو القبة الفضائية). في هذه الغرفة، يشاهد الأولاد فيلما عن أسرار الفضاء بعد أن يكون الأستاذ المتخصص بهذا العلم قد لخص لهم ما سيشاهدونه، إضافة إلى التلسكوب الذي يقدم لهم لمحة عامة عن النظام الشمسي والكواكب من خلال نظام 360 درجة، حيث يتجمهرون حوله ليستمتعوا بمشاهدة النجوم والكواكب ومعرفة أسرارها. ومن ثم رحلة أخرى تكتشف فيها أسرار البراكين مع أستاذ الجيولوجيا الذي يحرص على تعريف فريقه على المياه الجوفية وعملية تخزينها وتنظيفها ليتركنا بعدها إلى أستاذ الفيزياء في شرح مستفيض عن ذاك القسم الكبير المخصص للطاقة البديلة ومجسم البيت المعروف «بالبيت الأخضر» أو البيت البيئي.
والبيت الأخضر هو صورة عن بيوتنا في المستقبل، حيث يجري تخزين الطاقة في النهار ليجري استهلاكها في الليل، مما يسمح بالاستغناء عن كل مسببات التلوث البيئي. ومع أستاذ البيوكيمياء الذي يحرص على شرح ما لا نعرفه عن إعادة تصنيع البلاستيك والكرتون ننهي جولة استكشافية ترفيهية أولى.
ثم نتابع إلى القسم المخصص للغذاء، حيث تعرفنا إلى نوعية وكمية الغذاء الذي نتناوله وعبر أنابيب صغيرة تشبه تلك الموجودة في المختبرات، تعرفنا إلى بعض الأطعمة وما تحويه من سعرات حرارية وغيرها. ولمحبي الإلكترونيك والميكانيك والكهرباء قسم خاص يستريح إلى جانب قسم البناء البيئي، المتمثل بالمباني الخضراء وطرق تسخين المياه عبر الطاقة الشمسية وغيرها.
وإلى الغرفة المخصصة لعلم الأحياء - البيولوجيا - كانت وجهتنا وهناك تعرفنا على جسم الإنسان ومكنوناته بالعين المجردة وبالميكروسكوب، إضافة إلى التعرف على العامل الجيني في حياة الناس. وقبل الانتقال إلى الحديقة الغناء الواسعة والمزروعة بالأشجار المتنوعة تستوقفنا تلك الزاوية المخصصة للعناية بالثروة الحرجية.
ويشدد مفرج على أهمية أن تكون هذه القرية موجودة في المناطق اللبنانية كافة وبأحجام مختلفة، ويضيف: «أشجع كل من يحب العلوم أن يستثمر ويفتتح مؤسسات ومشاريع فيها، لأن الترفيه والتسلية بواسطة العلوم والمسابقات وورش العمل تجذب الأولاد وترسخ المعلومات لديهم بطريقة سلسة يستفيد منها الولد على الصعد كافة ولا ينساها أبدا.
والأهم وفق مفرج هو «تعزيز محبة الأولاد للعلوم، واستثارة فضول الأولاد لمعرفة كيف يعمل البراد والتلفزيون والكومبيوتر والكهرباء، ويسمع بمواضيع كثيرة يرغب في استكشافها كالبيئة والتغذية والصحة والجسم وغيرها».
ويتابع: «هنا عن طريق ورش العمل بإمكان الطفل أن يتسلى ويلعب ويلهو مع أصحابه وفي الوقت نفسه يستفيد من بعض المعلومات».
رغم حداثة المشروع حيث ولد في عام 2010، فإنه استطاع أن يستقطب أكثر من 70 ألف زائر، وزوار القرية العلمية من المناطق اللبنانية كافة ومن مختلف المدارس والمؤسسات والجمعيات، بالإضافة إلى الكثير من السياح لا سيما من سوريا التي يأتي منها مجموعات كبيرة (بالطبع انخفض العدد اليوم بفعل الأزمة الحالية)، إلى جانب الكثير من السياح من أوروبا وأميركا الذين يزورون لبنان.
ومنذ افتتاحها وحتى اليوم «نظمت القرية العلمية ما يزيد على 390 مخيما صيفيا للأولاد. وغالبا ما يزور القرية أساتذة يطرحون أفكارا كثيرة، كذلك الطلاب والأطفال يزودوننا بأفكار مختلفة، حتى صار المشروع بمثابة «تبادل في وجهات النظر».
وأكد مفرج أن فريق العمل لبناني ومتخصص وهو من خريجي الجامعات اللبنانية، ولا يزالون يخضعون لدورات علمية وثقافية، يقومون بانتقاء مواضيع المسابقات وورش العمل، ويحرصون على أن تكون الاختبارات التي يقوم بها الأطفال ضمن الأطر العالمية، تفيدهم وتسليهم في الوقت نفسه. وردا على سؤال حول التجهيزات، يجيب مفرج: «اعتمدنا على الصناعة اللبنانية في بعض الأمور، لا سيما صناعة المجسمات الكبيرة (كمجسمي القلب والبركان)، لكن بعض التقنيات الكهربائية والـPlanetarium والتجهيزات الإلكترونية حديثة جدا، وقسم كبير منها مستورد من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا».
14:11 دقيقه
«القرية العلمية» منشأة ترفيهية لتحفيز فضول الأولاد في لبنان
https://aawsat.com/home/article/66641
«القرية العلمية» منشأة ترفيهية لتحفيز فضول الأولاد في لبنان
هدفها إيصال المعلومات بطريقة مبسطة ومحببة
مجموعة من الأطفال يحيطون بمجسم للقلب في القرية العلمية ({الشرق الأوسط})
- بيروت: مازن مجوز
- بيروت: مازن مجوز
«القرية العلمية» منشأة ترفيهية لتحفيز فضول الأولاد في لبنان
مجموعة من الأطفال يحيطون بمجسم للقلب في القرية العلمية ({الشرق الأوسط})
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

