لبنان: تراجع الزخم الرئاسي و«الكتائب» يلوح بالتصعيد بوجه الحكومة

سلهب لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر إشارات خارجية مشجعة تتلاقى مع المعطيات الداخلية المستجدة

لبنان: تراجع الزخم الرئاسي و«الكتائب» يلوح بالتصعيد بوجه الحكومة
TT

لبنان: تراجع الزخم الرئاسي و«الكتائب» يلوح بالتصعيد بوجه الحكومة

لبنان: تراجع الزخم الرئاسي و«الكتائب» يلوح بالتصعيد بوجه الحكومة

تراجع الزخم الرئاسي الذي طغى مطلع الأسبوع على المشهد السياسي اللبناني، بعدما اقتصر على جملة تصاريح ومواقف صبّ معظمها في خانة تعويم ترشيح زعيم «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون، لكن هذه التصاريح والخطوات لم تستكمل بأي خطوات عملية تضع حدا للفراغ المتمادي في سدة الرئاسة منذ عام 2014. ولعل تغييب رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الملف عن إطلالته الأخيرة، كان عاملا مؤثرا في هذا المجال، خاصة في ظل إصرار تيار عون على رمي الكرة الرئاسية في ملعب «المستقبل».
وبانتظار إطلالات جديدة للحريري في الساعات المقبلة، وخاصة في إفطار حاشد يعد له في مجمّع البيال بوسط بيروت اليوم السبت، وما إذا كانت ستحمل جديدًا رئاسيًا، انشغل الفرقاء اللبنانيون بتصعيد حزب «الكتائب» بوجه الحكومة على خلفية ملف النفايات وملف سد «جنة» الذي يدفع تيار عون باتجاه إنشائه في منطقة جبيل شمال البلاد، في ظل اعتراض واسع على خلفيات بيئية.
وزيرا حزب «الكتائب» كانا قد انسحبا من الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الخميس، اعتراضا على الخطة المتبعة لحل أزمة النفايات، التي ستؤدي بحسب رئيس الحزب، النائب سامي الجميل، لطمر البحر بنفايات غير مفرزة، وهو ما نفاه جملة وتفصيلا «مجلس الإنماء والإعمار» المكلف من قبل الحكومة متابعة الملف، مشددا في بيان على أن «القول بأن النفايات ستطمر دون فرز ومعالجة، هو غير صحيح إطلاقا، حيث إن مناقصة أعمال الفرز والمعالجة تتضمن تطوير المعالجة بهدف طمر نسبة أقل من النفايات وبطريقة سليمة تراعي شروط الطمر الصحي».
وأمس أعلن الجميل «المواجهة المفتوحة» للتصدي لما قال إنها محاولات «تمرير صفقات على حساب اللبنانيين، وطرح أفكار مسيئة للبلد»، معتبرا بعد لقائه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، أن «البلد غارق بين أيدي مافيات مالية تعمل لزيادة أموالها على حساب صحة الناس، وعلى حساب مستقبل لبنان، وعلى حساب بيئة المجتمع اللبناني»، وأضاف: «أمام هذه الكوارث نحن لا نستطيع إلا أن نكون في خط المواجهة، وهذه المواجهة لن نتخلى عنها من أجل أحد».
هذا، ويتهم حزب «الكتائب»، «التيار الوطني الحر»، الذي يتزعمه عون، والذي كان يُعارض أيضا خطة النفايات، بالدخول بتسوية داخل الحكومة لتمرير ملف سد جنة. وهو ما أشار إليه الجميل في مؤتمره الصحافي الأخير، حين أعرب عن استغرابه من أن «يكون هناك وزراء قالوا إنهم معترضون على ملف النفايات، ولكنهم فجأة تراجعوا عن الاعتراض وحولوه إلى تحفظ ومرروا قرار طمر البحر»، مضيفا: «لا أعرف ما إذا كانت هناك علاقة بين استمرار العمل بسد جنة وتمرير ملف النفايات، على أمل أن أكون مخطئا».
من جانبه، أوضح النائب في حزب «الكتائب» إيلي ماروني، أن انسحاب وزراء الحزب من الجلسة الأخيرة للحكومة «رسالة أولية لتصويب الأخطاء التي تقترفها الحكومة بالتعاطي مع عدد من الملفات التي تفوح منها رائحة الفساد، وخصوصا ملفي النفايات وسد جنة»، مشددا على أنه «وإذا بقيت الحكومة على موقفها بتجاهل مطالبنا واحتجاجاتنا، فلا شك أننا لن نبقى شهود زور على نهب المواطن اللبناني». وتابع ماروني لـ«الشرق الأوسط»: «بقاؤنا في الحكومة متوقف على مدى استعداد الأطراف داخل مجلس الوزراء ورئيس الحكومة على تقبل ملاحظاتنا ودفعنا باتجاه الشفافية في التعاطي مع الملفات كافة، فإذا لم نلمس تجاوبا معنا، عندها يُبنى على الشيء مقتضاه، خاصة وأننا نشهد على تبادل تسويات، وآخرها ما حصل مع وزراء (التيار الوطني الحر) في ملف النفايات الذي يعترضون على طريقة معالجته وملف سد جنة الذي يدفعون للسير به».
من جهته، يصر «التيار الوطني الحر» على أن التعاطي مع ملف السد يتم من خلفيات سياسية غير بيئية، وهو ما أشار إليه النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» سليم سلهب، مستغربا: «كيف أن من كان يؤيد إنشاء السد يسعى اليوم لافتعال مشكلة لا أساس لها من الناحية الإنمائية أو البيئية».
وردّ سلهب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على اتهامات حزب «الكتائب» بسير وزراء التيار بخطة النفايات لتمرير ملف السد، فقال: «موقفنا واضح ومنذ البداية فيما يتعلق بملف النفايات، وقلناه ونكرره لجهة دعمنا لا مركزية الحل، من خلال الإفراج عن أموال البلديات». ورأى سلهب أن كل هذه المشكلات تبقى «ثانوية وقابلة للحل، أمام المشكلة الرئيسية المتمثلة بالشغور الرئاسي وقانون الانتخاب، اللذين يعيداننا إلى كنف الدولة والمؤسسات». ولفت النائب إلى أن «الحركة الرئاسية الأخيرة التي شهدتها البلاد والمتمثلة بشكل أساسي في تصريح رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، الذي نحن واثقون أنّه منسق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، يجب أن تقترن مع حركة خارجية، نظرا لفعالية العامل الإقليمي – الدولي في هذا المجال»، وأضاف: «نحن حاليا ننتظر إشارات خارجية مشجعة تتلاقى مع المعطيات الداخلية المستجدة، وإلا فعلينا المسارعة لإتمام اتفاق داخلي يضغط على الخارج لتمرير الاستحقاق المتعثر».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.