مظاهر الفخامة تطغى على احتفالات بريطانيا بعيد ميلاد الملكة إليزابيث الثانية

أعربت عن تقديرها لزوجها فيليب في عيد ميلاده الخامس والتسعين

الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب، في كاتدرائية سانت بول احتفالا بعيد ميلادها التسعين وعيد ميلاد زوجها الخامس والتسعين (أ.ف.ب)
الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب، في كاتدرائية سانت بول احتفالا بعيد ميلادها التسعين وعيد ميلاد زوجها الخامس والتسعين (أ.ف.ب)
TT

مظاهر الفخامة تطغى على احتفالات بريطانيا بعيد ميلاد الملكة إليزابيث الثانية

الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب، في كاتدرائية سانت بول احتفالا بعيد ميلادها التسعين وعيد ميلاد زوجها الخامس والتسعين (أ.ف.ب)
الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب، في كاتدرائية سانت بول احتفالا بعيد ميلادها التسعين وعيد ميلاد زوجها الخامس والتسعين (أ.ف.ب)

أقيم قداس كنسي أمس الجمعة على شرف الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا في مستهل احتفالات رسمية بعيد الميلاد التسعين لأطول ملوك بريطانيا جلوسا على العرش وأكبرهم سنا.
أقيم الاحتفال في كاتدرائية سانت بول في لندن وشارك فيه لفيف من الشخصيات البارزة ضمت إلى جانب أفراد العائلة المالكة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وأقيم القداس احتفاء أيضا بالأمير فيليب - الذي تمتد فترة زواجه بالملكة إلى 68 عاما - بمناسبة عيد ميلاده الخامس والتسعين.
وفي احتفال طغت عليه مظاهر الأبهة التي تصاحب الأحداث الملكية الهامة.. انطلقت الأبواق لدى وصول الملكة إليزابيث إلى كاتدرائية القديس بولس بينما وقف جنود الحرس الملكي البريطاني بزيهم القرمزي على جانبي مدخل الكاتدرائية.
وقال جاستن ويلبي كبير أساقفة كانتربري والزعيم الروحي للأنجليكانيين إن البلد يسترجع خدماتها للأمة عبر عقود شهدت حروبا ومصاعب وفوضى وتغييرا ببالغ التقدير والعرفان.
وأضاف في كلمته: «إننا لنحتفل اليوم.. جلالتك.. لأن الرب حافظ عليك بمحبته وعنايته.. كما حافظ على الأمير فيليب الذي نحتفل بعيد ميلاده الخامس والتسعين اليوم».
وتجلس الملكة إليزابيث على عرش بريطانيا منذ 64 عاما، وهي أطول مدة جلوس على عرش بريطانيا على الإطلاق. وقد بلغت التسعين في أبريل (نيسان) لكن تمشيا مع تقليد يرجع لعام 1748 يقام لها أيضا احتفال رسمي في يونيو (حزيران) عادة لضمان إقامة مراسم الاحتفالات في أحوال مناخية أفضل.
وفي إطار الاحتفالات تم نشر سادس وآخر صورة من سلسلة صور رسمية التقطتها المصورة الأميركية اني ليبوفيتز بمناسبة عيد ميلاد الملكة التي ظهرت في الصور مع زوجها في قلعة وندسور غربي لندن.
وستحضر الملكة غدا السبت عرضا تقليديا لجنود في زي الاحتفالات الرسمي بوسط لندن ثم عرضا جويا لطائرات سلاح الجو الملكي فوق قصر بكنغهام.
وتختتم الاحتفالات بإقامة مأدبة لأكثر من عشرة آلاف شخص في أضخم حفل في الهواء الطلق، وسيكون ذلك في شارع «ذا مول» الطريق الرئيسي المؤدي إلى قصر بكنغهام. وينظم الحفل حفيدها بيتر فيليبس.
وفي احتفالات تبث على شاشات كبيرة في متنزهات لندن سيتوافد الضيوف من أكثر من 600 جمعية خيرية ومنظمات أخرى ترعاها الملكة.
وقالت الحكومة أيضا إنه من المتوقع أن يشارك ملايين البريطانيين في احتفالات تقام عبر البلاد.
وأعربت الملكة البريطانية عن تقديرها لزوجها الأمير فيليب الذي بلغ عامه إلى 95 الجمعة، في نفس اليوم الذي أقامت فيه بريطانيا قداسا قوميا احتفالا بعيد ميلاد الملكة الرسمي التسعين.
وقالت الملكة في بيان موجز في عيد ميلاد الأمير فيليب: «لقد كان، بمنتهى البساطة، مصدر قوتي وسندي على مر هذه السنوات».
ونشرت العائلة الملكية صورة تذكارية للملكة وزوجها اللذين تزوجا قبل 68 عاما التقطتها مصورة المشاهير آني ليبوفيتز. وكانت ليبوفيتز التقطت ثلاث صور للملكة في عيد ميلادها الفعلي في 21 أبريل.
وكان قد تم الإعلان عن خطبة إليزابيث والليفتنانت فيليب ماونتباتين وهو ضابط بحري ينحدر من أصول دنماركية ويونانية وألمانية ملكية عام 1947. وتزوجا لاحقا في كنيسة ويستمينستر الكبيرة. وتم منح الزوج لقبي الأمير فيليب ودوق أدنبره.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».