استعدادات لاقتحام منبج.. و«داعش» يحرق منازل وخزانات نفط لتغطية تحركاته

المتحدث باسم المجلس العسكري: المستشارون الفرنسيون يقدمون لنا دعمًا استشاريًا وتقنيًا

مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» يقفون عند حاجز يطل على منبج التي تغطيها سحابات دخان الحرائق المتصاعدة من داخل المدينة (رويترز)
مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» يقفون عند حاجز يطل على منبج التي تغطيها سحابات دخان الحرائق المتصاعدة من داخل المدينة (رويترز)
TT

استعدادات لاقتحام منبج.. و«داعش» يحرق منازل وخزانات نفط لتغطية تحركاته

مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» يقفون عند حاجز يطل على منبج التي تغطيها سحابات دخان الحرائق المتصاعدة من داخل المدينة (رويترز)
مقاتلون من «سوريا الديمقراطية» يقفون عند حاجز يطل على منبج التي تغطيها سحابات دخان الحرائق المتصاعدة من داخل المدينة (رويترز)

وصلت «قوات سوريا الديمقراطية» ومقاتلو المجلس العسكري في منبج في ريف حلب الشرقي إلى آخر نقطة مؤدية إلى داخل المدينة التي يسيطر عليها تنظيم داعش، استعدادا لاقتحامها خلال ساعات، بدعم من طيران التحالف الدولي ومستشارين عسكريين أميركيين وفرنسيين.
ولا يزال التنظيم المتشدد يتخذ مئات المدنيين رهائن داخل المدينة التي غطّتها يوم أمس سحب من الدخان الأسود الكثيف نتيجة إقدام عناصر «داعش» على إحراق عدد كبير من المنازل وخزانات النفط لتغطية تحركاتهم التي باتت ظاهرة وتحت نيران القوات المهاجمة.
وقال شرفان درويش الناطق باسم المجلس العسكري في منبج المتحالف مع «قوات سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط»، بأن أمر المدينة «محسوم عسكريا، لكنّنا نتروى بعملية الاقتحام لعدم تعريض حياة مئات المدنيين الذين يتخذهم (داعش) رهائن للخطر»، لافتا إلى أنّه لا يزال بإمكان عناصر التنظيم الانسحاب من المدينة من خلال ممرات واقعة في الطرف الغربي، إلا أن المجال يضيق مع اقتراب إتمام عملية الاقتحام. وأضاف: «عناصر داعش يقدمون حاليا على إحراق البيوت وخزانات الوقود لتغطية تحركاتهم بعدما باتوا تحت مرمى نيراننا».
وأوضح درويش، ردا على سؤال، عن وجود مستشارين فرنسيين يدعمونهم بعملية «تحرير منبج»، أن «هؤلاء المستشارين يقومون بمهام استشارية وتقنية تحت راية التحالف الدولي الذي يدعمنا جوا، واستشاريا».
وأصدر «المجلس العسكري في منبج» بيانا أكد فيه أن المدينة «باتت بحكم المحررة من الإرهاب» بعدما وصل مقاتلوه إلى الطريق الذي يربط منبج بحلب من الغرب، وهو الطريق الرئيسي الأخير، المؤدي إلى منبج.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «قوات سوريا الديمقراطية» سيطرت على 75 قرية ومزرعة وتقترب أكثر من مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، متحدثا عن ارتفاع عدد القتلى منذ بدء العملية العسكرية في ريف منبج بريف حلب الشمالي الشرقي في 31 من شهر مايو (أيار) الفائت إلى 190 شخصا.
وأشارت المعلومات إلى أن المعارك المستمرة بين القوات الكردية وعناصر «داعش» في الريف الشمالي الشرقي تترافق مع تحليق مستمر لطائرات التحالف الدولي والتي تنفذ ضربات تستهدف مواقع التنظيم المتطرف وقرى لا يزال يسيطر عليها، ومنها قرية الشبالي الواقعة نحو 10 كلم إلى جنوب غربي مدينة منبج، ما أسفر عن مقتل سيدة و4 من أطفالها وإصابة زوجها بجراح، ليرتفع إلى 30 بينهم 11 طفلاً و4 مواطنات عدد المواطنين المدنيين الذين قتلتهم طائرات التحالف الدولي منذ بدء العملية، بحسب المرصد.
في هذا الوقت، أكّد متحدث باسم الجيش الأميركي أن جيش النظام الذي أطلق عملية هجومية باتجاه الرقة شمال سوريا، لا يزال بعيدا عن «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة. وقال الكولونيل كريس غارفر عبر دائرة الفيديو المغلقة من بغداد «لا نرى خطرا وشيكا من أي مواجهة» بين الطرفين.
ويخوض «داعش» معارك على أكثر من جبهة في الشمال السوري، فبالإضافة إلى تصديه لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الرقة الشمالي وفي مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي، يتواجه مع فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، ومع قوات النظام في ريف الرقة الجنوبي الغربي.
ورغم الانسحابات التي نفذها التنظيم أخيرا وبالتحديد من محيط مدينة مارع في الريف الشمالي لحلب وما تردد عن انهيارات بدأت تضرب صفوفه في محافظة حلب، يؤكد بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التنظيم «لا يزال قويا كونه لا يضم هواة بل محترفين دربوا في جيوش نظامية أو خضعوا لدورات لدى تنظيمات متطرفة، إضافة إلى كون عدد عناصر داعش يُقارب عدد عناصر بعض الجيوش النظامية في منطقتنا». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن التنظيم لا يزال يتلقى دعما بالمال والعناصر والأسلحة والمعلومات من دول وأنظمة وأجهزة استخبارات تنبهه للتنبه من هجمات معينة، لذلك نرى أنّه لا يزال متماسكا على أكثر من جبهة».
وأوضح عبد الفتاح أن «تركيز معظم الهجمات على التنظيم في محافظة حلب، مرده لأهمية المنطقة وموقعها الاستراتيجي وسعي معظم الأطراف التي تقاتل فيها لتحقيق انتصارات فيها من خلال العمل على انكماش التنظيم». وأضاف: «التحالف الدولي يعمل لتوجيه ضربة قوية للتنظيم للرد على كل الحملات عليه والتي تتحدث عن غياب أي إنجازات له طوال المرحلة الماضية، أما الأكراد فيعملون على ترسيخ دورهم الاستراتيجي ما يخولهم المطالبة بحكم ذاتي بدعم من الولايات المتحدة الأميركية».
وبالتوازي مع المعارك التي يخوضها الأكراد في ريف حلب الشرقي، واصلت فصائل المعارضة المسلحة يوم أمس الخميس، تقدمها على حساب تنظيم داعش في الريف الشمالي لمحافظة حلب، وتمكنت من السيطرة على مواقع جديدة وسط قصف جوي للتحالف الدولي – العربي وقصف مدفعي للجيش التركي على مواقع التنظيم في المنطقة.
وقال صالح الزين القيادي في صفوف المعارضة المسلحة بريف حلب الشمالي لوكالة «آرا نيوز»، إن «مقاتلي ألوية الحمزة ولواء المعتصم بالله ونور الدين زنكي وفرقة السلطان مراد، واصلوا هجومهم على مواقع عناصر داعش في عدّة محاور بريف حلب الشمالي، وتمكنوا من السيطرة على مزارع شاهين وأجزاء واسعة من بلدة دوديان قرب الحدود السورية التركية بعد معارك عنيفة بين الجانبين قتل فيها خمسة من عناصر التنظيم ولاذ البقية بالفرار».
وأوضح الزين أن المعارك انتقلت إلى أطراف قريتي تل بطال وتل الأحمر المجاورتين لبلدة الراعي المعقل الرئيسي لتنظيم داعش في المنطقة، حيث بلغت المسافة التي تفصل المعارضة عن البلدة نحو 3 كم فقط، كما تمكنت الفصائل من فرض حصار على بلدة الراعي مستغلة القصف الجوي لطيران التحالف الدولي – العربي والقصف المدفعي للجيش التركي في مناطق جكا واحتيملات وصوران وتل بطال. كما تمكنت فصائل «جيش الفتح» يوم أمس من فرض سيطرتها على قرية القراصي بريف حلب الجنوبي، وكبدت قوات النظام السوري الأسد خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، بحسب «شبكة الدرر الشامية»، متحدثة عن «هجوم عسكري معاكس نفذه جيش الفتح على معاقل قوات الأسد وميليشياته في قرية القراصي أدى لمقتل نحو 30 عنصرًا وتدمير دبابتين والسيطرة على كميات من الذخائر وذلك بعد التصدي لمحاولات قوات الأسد فجر الخميس التسلل إلى قرية الحميرة وتلال القراصي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.