اجتماع طهران: تعزيز مراقبة الحدود التركية والزج بمزيد من قوات «حزب الله»

لافروف يبحث مع نظيره الأردني استبعاد المتعاونين مع «داعش» و«النصرة» من الهدنة السورية

علامات الذهول على وجوه سكان حي الشعار بعد استهداف مستشفى «البيان» بمدينة حلب ما أدى إلى دماره وإصابة العديد ممن كانوا داخله أول من أمس (أ.ف.ب)
علامات الذهول على وجوه سكان حي الشعار بعد استهداف مستشفى «البيان» بمدينة حلب ما أدى إلى دماره وإصابة العديد ممن كانوا داخله أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

اجتماع طهران: تعزيز مراقبة الحدود التركية والزج بمزيد من قوات «حزب الله»

علامات الذهول على وجوه سكان حي الشعار بعد استهداف مستشفى «البيان» بمدينة حلب ما أدى إلى دماره وإصابة العديد ممن كانوا داخله أول من أمس (أ.ف.ب)
علامات الذهول على وجوه سكان حي الشعار بعد استهداف مستشفى «البيان» بمدينة حلب ما أدى إلى دماره وإصابة العديد ممن كانوا داخله أول من أمس (أ.ف.ب)

كانت تعقيدات الوضع الميداني في سوريا محور محادثات ثلاثية جرت في طهران، يوم أمس، وجمعت وزراء دفاع روسيا سيرغي شويغو والنظام السوري جاسم الفريج، والإيراني حسن الدهقان. ويجمع المراقبون الروس على أن إيران كانت مضطرة إلى الدعوة لعقد ذلك الاجتماع بعد أن تكبدت خسائر فادحة خلال محاولاتها اقتحام مناطق في ريف حلب، فضلا عن الفشل الذريع للعملية التي أطلقتها مؤخرا بهدف استعادة السيطرة على مدينة حلب.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الهدف من الاجتماع بحث تنسيق الجهود على ضوء الهجوم الذي تشنه قوات النظام السوري من المحور الجنوبي - الغربي لمحافظة الرقة، معقل تنظيم «داعش» الإرهابية. من جانبها نقلت صحيفة «كوميرسانت»، بناء على ما قالت إنها معطيات وزارة الدفاع الروسية، أن «قوات النظام السوري ما زالت تتمكن حتى الآن من صد تلك الهجمات التي تشنها المجموعات المسلحة، لكن التوقف عن توجيه ضربات ضد المناطق التي يُزعم أنها تحت سيطرة قوات المعارضة، قد خلق تعقيدات جمة للقوات الحكومية»، في إشارة إلى احتمال بدء روسيا توجيه ضربات لتلك المناطق في وقت قريب، لإنقاذ قوات النظام السوري والقوات الإيرانية. أما الموضوع الثالث الذي سيبحثه وزراء الدفاع في طهران، فهو «ضرورة تعزيز مراقبة الحدود التركية»، وفق ما تنقل الصحيفة عن مصادر في وزارة الدفاع الروسية، التي لم تستبعد أن «تكثف روسيا والنظام طلعاتهم الجوية في تلك المناطق، بينما «ستعمل طهران على حل هذه المسألة برا عبر الزج بقوات مما يُسمى (حزب الله)»، حسب الصحيفة الروسية نقلا عن مصادر عسكرية.
وفي تصريح لـ«لشرق الأوسط» حول لقاء طهران، أعرب الخبير العسكري الروسي فلاديمير يفسيف عن اعتقاده بأنه «لا يجوز أن تجلس روسيا وتنتظر، وإلا فإننا سنخسر حلب»، مبررا القرار بأنه «سيزيد من نشاط روسيا في العمليات قرب حلب على وجه الخصوص»، مشددا على أن «بلاده لن تورط نفسها في أفغانستان جديدة، ولن تنجر إلى عمليات غير محسوبة». وقال: «إن روسيا لن تحارب عوضا عن السوريين، بل ستزيد نشاطها العسكري؛ لأن الوضع بدأ يخرج عن السيطرة، وهناك خسائر كبيرة تكبدها الإيرانيون لاسيما في خان طومان»، منبها إلى أن «الإيرانيين يعتبون علينا أننا لا نساعدهم. لذلك أتوقع أن يتم بحث تحسين التنسيق والطريقة الأفضل للحصول على دعم جوي روسي أفضل». وأوضح يفسيف أن «الإيرانيين لديهم قوات برية لكن ليست لديهم قوة جوية»، و«إيران قلقة جدا نتيجة الخسائر البشرية التي تتعرض لها، وهم يريدون أن يحصلوا على غطاء جوي من القوات الروسية، وهو ما سيدور الحديث حوله في طهران». فضلا عن ذلك يُرجح أن يبحث وزراء دفاع روسيا والنظام السوري وإيران التنسيق في عملية الرقة، حسب وجهة نظر يفسيف الذي ختم مشددا على أنه «من المهم الآن وقف التقدم في ريف حلب ووريف إدلب وشمال اللاذقية وهذه المناطق الأكثر خطورة حاليا».
أثناء ذلك، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أهمية استئناف المفاوضات السياسية لتسوية الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن. وفي مؤتمر صحافي مشترك له مع نظيره الأردني ناصر جودة عقب محادثاتهما في موسكو، يوم أمس، قال لافروف إنه «مع كل الأهمية التي تتمتع بها مهام وقف إطلاق النار والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة في سوريا، فإن الدور الحاسم في كل ما يجري يجب أن تلعبه المفاوضات السياسية التي التزمنا جميعا بدعمها، مفاوضات داخلية شاملة دون شروط مسبقة ودون أي تدخل خارجي».
وبينما تتعرض غالبية المناطق المحاصرة في سوريا لقصف وهجمات برية متواصلة من جانب النظام السوري، دون أن يتم تحقيق تقدم فعلي في مسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق، اعتبر لافروف أن هناك «تقدما ملموسا نلاحظه حاليا في مجال إيصال المساعدات الإنسانية»، في إشارة منه إلى إبلاغ السلطات السورية مكتب المبعوث الدولي في دمشق موافقتها على السماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق في سوريا، وهو الأمر الذي علق عليه دي ميستورا قائلا: «إن الموافقة لا تعني أن المساعدات تم إيصالها، ويتعين، بعد، القيام بالكثير من العمل».
وبالنسبة إلى الوضع الميداني طالب وزير الخارجية الروسي باستبعاد المجموعات المتعاونة مع «داعش» و«جبهة النصرة» من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدا أنه «يجري التركيز بصورة رئيسية في المرحلة الحالية على ضمان الالتزام التام والصارم باتفاق وقف الأعمال العدائية»، لافتا إلى أن هذا يجري «مع فهم واضح بأن جماعات مثل (داعش) وجبهة النصرة وكل من يتعاون معهما مستثناة من ذلك الاتفاق»، محذرا من أن «كل من لم ينضم لاتفاق وقف إطلاق النار أو انضموا إليه وينتهكونه، يجب أن يتحملوا كامل المسؤولية عن موقفهم ويتم عقابهم»، معربا عن أمله في أن «توافق الولايات المتحدة على هذا المنطق»، وأن «تواصل الجهد المشترك للحيلولة دون السماح للإرهابيين بتحقيق النصر»، مشددا على أنه لا جدوى من المماطلة في هذه الأمور، وهي ستخدم الإرهابيين، الذين عاود لافروف ليؤكد ضرورة وقف تدفق مقاتليهم عبر الحدود التركية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.