قوات سوريا الديمقراطية تحكم قبضتها حول مدينة منبج

فرنسا تقرّ بنشر عناصر من قواتها الخاصة في سوريا

قوات سوريا الديمقراطية تحكم قبضتها حول مدينة منبج
TT

قوات سوريا الديمقراطية تحكم قبضتها حول مدينة منبج

قوات سوريا الديمقراطية تحكم قبضتها حول مدينة منبج

قال متحدث اليوم (الخميس)، إنّ قوات تدعمها الولايات المتحدة وتقاتل تنظيم "داعش" قرب الحدود السورية - التركية، وصلت إلى آخر طريق رئيسي يؤدي إلى مدينة منبج الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف.
وأفاد شرفان درويش الناطق باسم المجلس العسكري في منبج المتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية لوكالة رويترز للأنباء، بأنّ المقاتلين وصلوا إلى الطريق الذي يربط منبج بحلب من الغرب. مضيفا أن هذا هو الطريق الرئيسي الاخير المؤدي إلى المدينة. وعلى ما يبدو أنّه كان يشير إلى الطريق السريع بين منبج ومدينة الباب الواقعة الى الغرب والخاضعة لسيطرة "داعش". ويؤدي هذا الطريق إلى مدينة حلب أيضا.
وقال بيان للمجلس العسكري في منبج، إنّ قواته "طوقت المدينة من الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية وقطعت طرق امداد داعش من الاتجاهات الثلاثة".
وأضاف البيان أن القوات "اقتربت بمسافة تمكنها من استهداف ارهابيي داعش داخل المدينة".
ولم يعلق درويش على ما إذا كانت قوات سوريا الديمقراطية تعتزم مهاجمة المدينة نفسها. وقال لرويترز أمس، إنّ من المقرر أن تدخل القوات المدينة؛ لكنها تتوخى الحذر بسبب وجود سكان مدنيين.
ويبدو أنه كان يشير إلى الطريق السريع بين منبج ومدينة الباب الواقعة إلى الغرب والخاضعة لسيطرة التنظيم. ويؤدي هذا الطريق إلى مدينة حلب أيضا.
وتأمل واشنطن أن تقطع العملية آخر طريق رئيسي يربط "داعش" بالعالم الخارجي. ويستخدم التنظيم الحدود منذ سنوات لتلقي الامدادات وعبور المقاتلين واستغلها أخيرًا في ارسال المقاتلين لشن هجمات في أوروبا.
على صعيد آخر، أقرت السلطات الفرنسية للمرة الأولى اليوم، بأنّها تنشر عناصر من قواتها الخاصة في سوريا، حيث تقدم المشورة لقوات سوريا الديمقراطية الكردية العربية التي تقاتل تنظيم «داعش».
وأفاد مصدر مقرب من وزير الدفاع الفرنسي بأن «هجوم منبج كان مدعومًا بشكل واضح من بعض الدول بينها فرنسا. الدعم هو نفسه بتقديم المشورة»، من دون أن يضيف أي تفاصيل عن عدد الجنود.
ولم تكن فرنسا تعترف من قبل سوى بوجود قوات خاصة - عديدها 150 رجلا- في كردستان العراق.
وكان وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، لمح من قبل إلى وجود جنود فرنسيين مع جنود أميركيين إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية في الهجوم في منبج بمحافظة حلب (شمال). وقال لشبكة تلفزيون فرنسية عامة معلقا على الهجوم في منبج الجمعة "يقوم الدعم على تقديم أسلحة ووجود جوي والمشورة".
ويهدف الهجوم الذي يتم بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إلى قطع طريق إمداد المتطرفين بالرجال والسلاح والمال من تركيا. وقد بلغت قوات سوريا الديمقراطية مشارف المدينة.
وذكر المصدر في وزارة الدفاع أنّ العسكريين الفرنسيين، وخصوصًا الموجودين في منبج، لا يتدخلون مباشرة، ولذلك فهم لا يقاتلون مسلحي تنظيم "داعش" بشكل مباشر.
كما ذكر مصدر عسكري أنّ حوالى 400 من جنود القوات الخاصة الفرنسية يعملون في 17 بلدًا وخصوصًا في منطقة الساحل من أصل 2500 رجل.
وأكّد المصدر المقرب من وزير الدفاع، أنّ فرنسا لم ترسل "قوات الى سوريا لأنّ فرنسيين ذهبوا إليها" للقتال مع المتطرفين. "كنا سنذهب حتى لو لم يكن هناك ناطقون بالفرنسية".
في السياق ذاته، أعلن متحدث عسكري أميركي أمس، أنّ قوات سوريا الديمقراطية المؤلفة من مقاتلين عرب وأكراد ستبدأ هجومها على مدينة منبج في شمال سوريا، في غضون أيام لافساح المجال أمام هجوم محتمل على معقل تنظيم «داعش» في الرقة.
وأفاد المتحدث الكولونيل كريس غارفر في اتصال عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع صحافيين "بالوتيرة التي يتقدمون بها والسرعة التي يتفوقون فيها على العدو، أعتقد أنّ الهجوم (على منبج) سيبدأ في غضون أيام".
وبدأت قوات سوريا الديمقراطية هجومها بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في 24 مايو (أيار)، لطرد التنظيم من شمال محافظة الرقة انطلاقا من محاور عدة.
ويتعرض التنظيم أيضا لهجوم تشنه قوات النظام السوري بدعم من روسيا من منطقة اثريا في ريف حماه الشمالي على محافظة الرقة بهدف استعادة - في مرحلة أولى - السيطرة على مدينة الطبقة الواقعة على بحيرة الفرات على بعد خمسين كيلومترا غرب مدينة الرقة، التي يجاورها مطار عسكري وسجن.
وتابع غارفر "ليس هناك تنسيق في الوقت الحالي بيننا وبين القوات (المدعومة من روسيا)". مضيفًا أنّ "القوات التي ندعمها تركز على منبج الآن ونحن نقدم الدعم لها هناك".
وتقول واشنطن التي تنشر اكثر من مائتي عنصر من القوات الخاصة لدعم قوات سوريا الديمقراطية، إنّ نحو ثلاثة آلاف مقاتل عربي يشاركون في الهجوم بدعم من 500 مقاتل كردي. إلّا أنّ المرصد السوري لحقوق الانسان يفيد أنّ غالبية المقاتلين المشاركين في الهجوم والبالغ عددهم نحو أربعة الاف عنصر، هم من الاكراد.
وقدر غارفر عدد مقاتلي تنظيم «داعش» في هجوم منبج بـ«ألفي مقاتل أو أكثر».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.