المثقفون والفنانون يستنفرون دعما لصفاقس عاصمة الثقافة العربية

ميزانية ضخمة وتحدي ثقافي ومشاريع تنويرية

جانب من فعاليات إطلاق الحملة الترويجية ({الشرق الأوسط})
جانب من فعاليات إطلاق الحملة الترويجية ({الشرق الأوسط})
TT

المثقفون والفنانون يستنفرون دعما لصفاقس عاصمة الثقافة العربية

جانب من فعاليات إطلاق الحملة الترويجية ({الشرق الأوسط})
جانب من فعاليات إطلاق الحملة الترويجية ({الشرق الأوسط})

اختار القائمون على احتفالية «صفاقس.. عاصمة الثقافة العربية 2016» أن يكون الإعلان عن انطلاق الحملة الترويجية الرسميّة للتظاهرة بحفل تمّ خلاله تكريم عدد من أبناء المدينة الذين برزوا وطنيا وعالميا وفي جميع المجالات العلمية والفنيّة والأدبية والاقتصادية، بحضور وزيرة الثقافة سينا مبارك ووزير المالية سليم شاكر.
وتنطلق الاحتفالية الأهم في تونس لهذا العام يوم 23 يوليو (تموز) المقبل، تحت شعار «الثقافة توحّدنا.. وصفاقس تجمعنا»، وقالت وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث إن «صفاقس أثبتت من خلال هذه الحفل الخاص بانطلاق الحملة الترويجية لصفاقس عاصمة للثقافة العربية أنها قادرة على احتضان تونس بأكملها، من خلال تجسيم معاني التلاقي والتنوع الثقافي الذي اختزلته التظاهرة»، مشيرة إلى أن «صفاقس هي مدينة الابتكار والعمل والاستثمار، وهي قيم تحتاجها تونس اليوم»، ومؤكدة في السياق ذاته على ضرورة مساهمة كل الأطراف في نجاح هذه الاحتفالية ذات البعد العربي لأن في ذلك مساهمة في نجاح تونس وتجربتها الديمقراطية، على حسب قولها.
وعبّرت وزيرة الثقافة عن أملها في «إسهام التظاهرة في مزيد من إشعاع الثقافة التونسية على المستوى العربي، وربط الصلة بين المواطن والثقافة، تكريسا لمبادئ دستور تونس وحق المواطن في الثقافة».
ومن جهته، أكد وزير المالية سليم شاكر أن الدولة «تدعم التظاهرة بما يضمن نجاحها، مؤكدا أنّ الميزانية تضاعفت لتصبح 30 مليون دينار، بدَل 11 مليون دينار (14 مليون دولار)، وهو ما يُعدّ ترجمة ملموسة لمراهنة الدولة على الثقافة كسبيل لمقاومة الإرهاب والمساهمة في التنمية وبناء مستقبل البلاد»
مشروع ثقافي وآمال كبيرة
وحول فكرة الحفل، أكدت هدى الكشو، المنسّقة العامة للتظاهرة، أنّ كفاءات صفاقس ومبدعيها في تونس والخارج هم خير حامل للمشروع الثقافي الذي أتت به تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربي، وخير مُروّج لها، معربة عن أملها في أن تتولى هذه الكفاءات تشكيل هيئات لدعم التظاهرة ومساندتها.
وأشارت الكشو إلى أنه «انطلاقا من أن الثقافة ليست خلاصة الماضي، وليست ما يبقى في ذاكرتنا من عظمته فقط، بل هي إرث الماضي ونتاج الحاضر وتطلّعات المستقبل، سيكون احتفال صفاقس بالثقافة العربية متفتحا على كل التواريخ والأزمنة، وستعود صفاقس المدينة ومعتمديّاتها إلى ماضيها لتوثّق تراثها الثقافي ولتحيي ذكرى شخصياتها وأحداثها الخالدة، وستهيّئ البُنى التحتية بالكنيسة و(شطّ القراقنة) والمدينة العتيقة»، مؤكدة أنّ التظاهرة تتّجه إلى مبدعي المحافظة وكتّابها وأدبائها من أجل الإنتاج والنشر، والعمل على دفع العمل الثقافي الذي بات توجّها واضحا نحو آفاق أكثر اِنفتاحا وأكثر إبداعا.
واعتبرت الكشو أنّ احتفال صفاقس بالثقافة العربية على اِمتداد عام كامل هو عيد لتونس، مضيفة: «لذلك لن ينحصر الاحتفال على المحافظة، بل ستتوسّع دائرة الاحتفال لتشمل كل البلاد، ولن ينحصر النشاط الإبداعي في شريحة المثقّفين، بل سيمتدُّ إلى الجميع، خصوصا الشباب، وفق ما أكدته اللجنة التنفيذية للتظاهرة».
برمجة متنوّعة ووعود بالفرح
القائمون على الاحتفالية يَعِدُونَ بكثير من الفرح، ويؤكدون أنّهم سيعملون على أن يَجِدَ الذين لم تُتِح لهم الحياةُ شروط الفرح نصيبهم في التظاهرة مع نجوم كبار مثل صابر الرباعي (ابن المدينة)، وكاظم الساهر، والشاب خالد، ونجوى كرم، وغيرهم.
ولأنّ الثقافة ليست تَرَفًا فكريّا يلهينا عن الحياة، ويبعدنا عن شواغلها، تقول الكشو: «لا يمكن لاحتفالات صفاقس بعرسها الثقافي أن تنسينا قضايانا الوطنية، بل ستذكرنا بدور صفاقس في النضال ضد المستعمر الفرنسي، وضد كل أشكال الديكتاتورية التي عانت منها المحافطة لعقود طويلة، مما ساهم في تهميشها»، وتستطرد المنسقّة العامة: «هو إذن استحضار لتاريخ.. هو فرح وبناء ومشاركة ومسؤولية، تلك هي إذن أسس الاحتفال بصفاقس عاصمة للثقافة العربية».
وبما أنّ اللجنة التنفيذية للتظاهرة ترى أنها فرصة لاستحضار وإحياء التراث الثقافي الجهوي والوطني والعربي، وتطلّعٌ للمستقبل بخطًى ثابتة مدروسة، فقد انتهت من إعداد برمجة متنوعة متجذّرة، بالشراكة مع المجتمع المدني والمثقّفين والمبدعين والأكاديميين والمختصّين في محافظة صفاقس، والبرنامج هو خلاصة عمل اِمتدَّ لأشهر طويلة بالتعاون مع أهمّ الفاعلين الثقافيين.
وعلى هذا الأساس، وضعت اللجنة التنفيذية برمجة تقوم على أساسين هامّين، هما البرمجة الثقافية التي سوف تعكس الصورة الحقيقية للحدث، والمشاريع والبُنى التحتيّة التي ستحدث نقلة نوعية في المشهد الثقافي والمجتمعي في المحافظة.
أرقام وانتظارات
وقد تمّت برمجة 63 تظاهرة خاصة بالحدث، و23 مهرجانا، بين دولي وعربي ووطني ومحلي، و10 احتفاليات في شوارع المدينة، و15 فعالية بين ملتقيات وندوات ومنتديات دولية ووطنية، فضلا عن 8 معارض ومتاحف فنيّة وطنية وجهوية ونشر 100 كتاب.
ويتوقّع المنظّمون مشاركة 100 ضيف شرف من 22 دولة عربية، فيما سيكون عدد المشاركين العرب 500 بين مبدعين ومثقّفين وإعلاميين وكتّاب، وقدّر عدد الجمعيات والهياكل والمؤسسات الوطنية والعربية المشاركة بـ150 مؤسسة، ومن المتوقّع أن يبلغ عدد الزوّار أكثر من 120 ألفا.
أما فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتيّة التي سوف تُحدث نقلة نوعيّة في المحافظة، فيمكن ذكر إعادة تأهيل الكنيسة، وتحويلها إلى مكتبة رقميّة عصريّة، فضلا عن مصالحة صفاقس مع بحرها، من خلال مشاريع مثل تهيئة شاطئ القراقنة، وإحداث المتحف العائم وطرق الصيد البحري، هذا بالإضافة إلى النهوض بالمدينة العتيقة، وتهيئة المنازل القديمة واستغلالها للفعل الثقافي.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.