قانون عقوبات معدل لحماس يثير جدلا واسعا ويعزز سعي الحركة لإقامة «إمارتها» في غزة

يتضمن عقوبات الجلد ويشير إلى قطع اليد ويعالج قضايا المفاوضات والإرهاب

قانون عقوبات معدل لحماس يثير جدلا واسعا ويعزز سعي الحركة لإقامة «إمارتها» في غزة
TT

قانون عقوبات معدل لحماس يثير جدلا واسعا ويعزز سعي الحركة لإقامة «إمارتها» في غزة

قانون عقوبات معدل لحماس يثير جدلا واسعا ويعزز سعي الحركة لإقامة «إمارتها» في غزة

أثار قانون العقوبات المعدل، الذي تسعى حماس لإقراره الشهر القادم، بحسب مصادر واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، جدلا واسعا في الأراضي الفلسطينية، إذ طالبت مؤسسات حقوقية حركة حماس بالتراجع عن مشروع القانون، وقالت حركة فتح بأنه يعمق الانقسام الفلسطيني ويؤسس لإمارة ظلامية، وهاجمته الجبهة الشعبية قائلة بأنها ترفض فرض حماس لآيديولوجيتها الخاصة على الناس.
واطلعت «الشرق الأوسط» عن نص القانون المعدل البديل عن قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936. والذي يفترض أن يناقشه المجلس التشريعي الشهر القادم بالقراءتين الثانية والثالثة.
وينص القانون بشكل صريح على استخدام عقوبة الجلد ويشير إلى استخدام عقوبة قطع اليد، كما يعالج قضايا «الإرهاب» تحت بند خاص.
وفي باب الجنايات، يتيح القانون إعدام المتهمين، وسجنهم بالمؤبد والمؤقت بما لا يقل عن 3 سنوات ولا يزيد عن 15. إضافة إلى استخدام عقوبة الجلد بما يتجاوز 40 جلدة.
وفي باب الجنح، يتيح القانون سجن المتهمين كأقصى حد 3 سنوات وأقله أسبوع، على أن تكون الغرامة في حدود 50 دينارا أردنيا، واستخدام عقوبة الجلد بما يزيد عن 4 جلدات.
أما في باب المخالفات، فيجيز القانون حبس المتهم أسبوعا واحدا مع غرامة تصل إلى 50 دينارا والجلد بما يتجاوز 20 جلدة.
ويشير القانون المثير للجدل إلى السرقة الحدية، ويقول: إن مرتكبها يجب أن يعاقب، من دون أن يذكر طبيعة العقوبة التي كانت في المشروع القديم محددة بقطع اليد اليمنى من المفصل لمن يسرق مقدار دينار ذهب.
لكنه يشير لاحقا إلى إلغاء عقوبة القطع عن أي شخص إذا كان ذلك يعرض حياته للخطر أو كانت يده اليسرى مقطوعة، في إشارة إلى الإبقاء على قانون قطع اليد.
ويعرف القانون المعدل، الجلد، على أنه الضرب بسوط معتدل ليس شديد الرطوبة ولا شديد اليبوسة ولا خفيفا، لا يؤلم، ولا نحيفا يجرح، ولا يرفع الضارب يده فوق رأسه، ويفرق الجلدات على ظهره وإليتيه ورجليه.
ويفرد القانون بابا كاملا للعقوبات تحت بند «الإرهاب» ويعرفه بأنه «استخدام القوة أو العنف أو الترهيب أو التهديد من خلال مشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف إخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر».
وينص القانون على المعاقبة بالحبس، لمن يقذف أو يسب الرئيس كما يعاقب بالسجن كل من أذاع أو نشر أو روج بسوء نية أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة. ويحبس كل من تعاون أو التحق بمنظمة أو جماعة إرهابية يكون مقرها داخل البلاد أو خارجها وتتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضها الإجرامية.
ويشير القانون إلى إعدام من يتسبب بقتل أي شخص أو أكثر، إضافة إلى الإعدام لكل من يثبت أنه كلف بالتفاوض مع حكومة أجنبية في شأن من شؤون الوطن وتعمد إجراءه ضد مصلحة الوطن.
وثمة نصوص في القانون لمعاقبة كل من يرتكب أي جناية أو جنح في المياه الإقليمية أو الفضاء الجوي، كما يؤكد على ضرورة معاقبة مرتكبي الجرائم من الأجانب الذين يرتكبون أي جريمة في أجواء الإقليم الجوي أو البحري لفلسطين.
وكان القانون أثار قبل عام ونصف جدلا كبيرا اضطرت معه حركة حماس إلى سحبه بعد اتهامات لها بمحاولة أسلمة القطاع وإقامة إمارة إسلامية هناك، وهو الأمر الذي تنفيه الحركة على الدوام.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن المنظمات الحقوقية في القطاع وشبكة المنظمات الأهلية تداعت إلى اجتماعات لمناقشة سبل مواجهة القانون الجديد ودعت حماس إلى التراجع عنه فورا.
وقال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني أثناء إطلاقه التقرير الحقوقي السنوي في غزة، إن «محاولات إقرار قانون عقوبات جديد يشرع الجلد ويقيد الحريات أمر خطر على المستويين السياسي والحقوقي».
وحذرت حركة فتح، أمس، من خطورة المحاولات التي تقوم بها حركة حماس لتغيير قانون العقوبات وبعض القوانين الأخرى.
وقال المتحدث باسم الحركة أسامة القواسمي في بيان صحافي «إن هذه المحاولات تعمق الانقسام وتجعل من مسألة إنهائه مهمة صعبة». وأضاف: «إن حماس ومن خلال هذه المحاولات التي تهدف إلى تحويل غزة إلى إمارة ظلامية، ستدفع ثمنا كبيرا؛ لأن شعبنا يرفض أن يعيش في صيغة الماضي، ولأن جوهر كفاحه ونضاله الوطني يكمن في كونه يتطلع إلى مستقبل ينعم فيه بالحرية والاستقلال، والعيش في دولته المستقلة، في ظل مجتمع ديمقراطي عصري يضمن له المساواة والكرامة الإنسانية».
ورأى القواسمي أن محاولات حماس لتغيير القوانين الفلسطينية، وفرضها لقوانينها الخاصة بها على شعبنا، ما هي إلا «استمرار لعقلية الانقلاب والاستحواذ ورفض لصيغة الشراكة الوطنية».
وأضاف: «ما يجري في غزة يؤكد أن حماس وبأفعالها هذه لا تنتمي للأجندة الوطنية الفلسطينية، إنما هي جزء من أجندة جماعة الإخوان وتنظيمهم الدولي».
أما الجبهة الشعبية، فعبرت عن رفضها قرار المجلس التشريعي إقرار قانون عقوبات جديد مشددة أن هدفها محاولة فرض آيديولوجيات خاصة.
ودعت الجبهة في بيان وزعته أمس، المجلس التشريعي للتراجع عن هذه المحاولات، امتثالا للمصلحة الفلسطينية.
وقالت الجبهة «إن المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة غير مخول بإصدار قانون عقوبات جديد في ظل غياب الصيغة القانونية لعمل المجلس، واعتماده على كتلة برلمانية واحدة، فضلا عن انتهاء المدة الدستورية التي تخوّل المجلس إصدار هكذا قوانين، الأمر الذي من شأنه أن يعزز ويكرس الانقسام في الساحة الفلسطينية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.