«صقور الصحراء» بتدريب روسي تخوض معركة الرقة

واشنطن وموسكو تدعمان خطة «عزل» المنطقة عن ريف حلب

«صقور الصحراء» بتدريب روسي تخوض معركة الرقة
TT

«صقور الصحراء» بتدريب روسي تخوض معركة الرقة

«صقور الصحراء» بتدريب روسي تخوض معركة الرقة

تواصلت، عمليا، خطة عزل مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش، عن ريف حلب في شمال سوريا، أمس، عبر معارك عنيفة حققت فيها «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركيا تقدما استراتيجيا باتجاه مدينة منبج في شرق حلب؛ حيث وصلت إلى تخوم المدينة، فيما اتجهت قوات النظام المدعومة روسيا باتجاه الرقة بعد الدخول إلى حدود المدينة الإدارية، من غير أن تحقق حتى الآن أي تقدم، بحسب ما قال ناشطون سوريون. فيما أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أمس، أن انطلاق معركة قوات النظام بغطاء روسي: «تشير إلى تنسيق مع الولايات المتحدة لعزل مدينة الرقة وتجفيف مصادر إمدادها»، مشيرا إلى أن القوات المقاتلة في صفوف قوات النظام باتجاه الرقة «هي قوات حليفة لروسيا».
وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن القوة المقاتلة الأساسية إلى جانب قوات النظام هي «صقور الصحراء»، وهي «قوات مدعومة من روسيا، وهناك معلومات عن أنها خضعت للتدريب الروسي، وهي ميليشيات رديفة لقوات النظام، وتشبه قوات الدفاع الوطني لكنها مدعومة من روسيا»، مشيرا إلى أن ذلك «يعزز الفرضيات على أن معركة عزل الرقة (هي معركة أميركية روسية)؛ لأن الغطاء الجوي يتولاه سلاح الجو عند الطرفين، بينما القوات المقاتلة على الأرض هي المدعومة من الطرفين، كل في مناطق عمله»، في إشارة إلى «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركيا، التي تقاتل على جبهة ريف حلب الشرقي في منبج.
وقال عبد الرحمن: «إن التقدم لقوات النظام و(صقور الصحراء) لا يعد استراتيجيا بعد؛ لأن القوات الأخيرة تبعد عن طريق الرقة - حلب الدولي مسافة 40 كيلومترا تقريبا»، مشيرا إلى «الروس لم يعلنوا بعد عن انخراطهم في العملية بشكل علني، ريثما يصلون إلى نقطة استراتيجية»، مشيرا إلى أن فرص نجاح معركة عزل الرقة «ممكنة».
وعلى المقلب الآخر من المعركة، على جبهة منبج، قال عبد الرحمن: «إن (قوات سوريا الديمقراطية)، وهي تحالف فصائل عربية وكردية، لامست مدينة منبج، أحد معاقل التنظيم المتشدد بريف حلب الشرقي، وحققت تقدما استراتيجيا يمكنها من دخول المدينة وطرد التنظيم منها».
وأفاد ناشطون أمس بوصول «قوات سوريا الديمقراطية» إلى مسافة تبعد نحو خمسة كيلومترات من مدينة «منبج الاستراتيجية»، أبرز معاقل التنظيم المتطرف شمال حلب. وتعد منبج إلى جانب الباب وجرابلس الحدودية مع تركيا معاقل للتنظيم في ريف حلب الشمالي الشرقي. ولمنبج تحديدا أهمية استراتيجية؛ لأنها تقع على خط الإمداد الرئيسي للتنظيم بين الرقة، معقله في سوريا، والحدود التركية.
وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» منذ 31 مايو (أيار)، تاريخ إطلاقها معركة منبج، على 36 قرية ومزرعة كما قطعت أمس بالنار طريق الإمداد الرئيسي للتنظيم بين الرقة ومنبج، وذلك على ضوء انسحابات سريعة ينفذها التنظيم من القرى دون خوض معارك شديدة.
ويدعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن «قوات سوريا الديمقراطية» في معاركها ضد التنظيم، وتقوم الطائرات الحربية التابعة للتحالف، وفق «المرصد السوري»، بدور كبير في المعركة إلى جانب «المستشارين والخبراء العسكريين الأميركيين والمعدات الجديدة المقدمة لـ(قوات سوريا الديمقراطية)».
وقتل «30 عنصرا على الأقل من التنظيم خلال نحو أسبوع من الاشتباكات والغارات»، كما أسفرت المعارك عن مقتل «12 عنصرا من (قوات سوريا الديمقراطية)». وتعد السيطرة على منبج «خطوة لإبعاد (داعش) عن الحدود التركية». وتعارض أنقرة دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد؛ إذ تخشى تمكين «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تشكل المكون الأساسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» من كامل الحدود التركية السورية التي تسيطر أصلا على القسم الأكبر منها.
وبالتزامن، استؤنفت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها مدعمة بالطائرات الحربية والمروحية السورية والروسية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على محور أثريا - الطبقة، وتمكنت قوات النظام من التقدم مجددا في المنطقة، مدعمة بغطاء ناري متفاوت العنف، والوصول إلى داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، بحيث باتت تحاول قوات النظام التقدم والوصول إلى بحيرة الفرات وطريق الرقة - حلب، التي بات يفصلها عن هذه المناطق نحو 40 كيلومترا.
وأفاد «المرصد السوري»، أمس، باستمرار الاشتباكات داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، بين تنظيم داعش من جانب، وقوات النظام المدعومة بقوات «صقور الصحراء» والمسلحين الموالين لها من جانب آخر؛ حيث يحاول الأخير الذي تقدم من أثريا بريف السلمية الشمالي الشرقي، ترافقت مع ضربات للطائرات الحربية الروسية وطائرات النظام على مواقع للتنظيم في المنطقة.
وتعد مدينة الطبقة في جنوب غربي الرقة، أبرز العقبات التي تواجه قوات النظام؛ نظرا إلى أنها تتضمن قاعدة عسكرية كبيرة للتنظيم، كان استولى عليها خلال خوضه معارك عنيفة ضد قوات النظام في مطار الطبقة العسكري، كما قالت مصادر عسكرية معارضة لـ«الشرق التوسط» في ريف حلب.
وبموازاة المعارك، أفاد ناشطون في الرقة بحركة نزوح ضخمة من المدينة وريفها باتجاه مدينة الميادين، أحد معاقل التنظيم في ريف دير الزور في شرق البلاد، التي استضافت أيضا نازحين من عوائل التنظيم من ريف منبج.



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.