استدعاء أبو سهمين والتاجوري لمكتب النائب العام الليبي

مصادر أكدت لـ {الشرق الأوسط} أن التحقيق مع رئيس البرلمان سيكشف فضائح صادمة

أبو سهمين
أبو سهمين
TT

استدعاء أبو سهمين والتاجوري لمكتب النائب العام الليبي

أبو سهمين
أبو سهمين

علمت «الشرق الأوسط» أن المستشار عبد القادر رضوان النائب العام في ليبيا طلب رسميا الحصول على إفادة رسمية من نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، بشأن تسريب فيديو يظهر أبو سهمين، وهو يخضع لاستجواب وصف بأنه «مهين ومذل»، من قائد بإحدى الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، حول سبب زيارة امرأتين لمنزله ليلا، قبل نحو شهرين.
وقال أعضاء في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتعين على أبو سهمين الاستقالة من منصبه، بغض النظر عن خضوعه للتحقيق من عدمه»، ويرى هؤلاء أنه لم يعد صالحا للبقاء في المنصب. لكن مسؤولا مقربا من أبو سهمين قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس البرلمان لا يعتزم الاستقالة من منصبه طواعية، كما فعل سلفه السابق محمد المقريف، الذي استقال بعد إقرار قانون العزل السياسي الذي يمنع كل من تعامل مع نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي من تولي أي مناصب رسمية في الدولة الليبية.
وكان أبو سهمين نفى رسميا واقعة اختطافه على أيدي مسلحين، قيل إنهم تابعون لشرطة الآداب في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، من مقر إقامته في ضاحية فشلوم بالعاصمة طرابلس. لكن «كتيبة ثوار طرابلس»، وهي إحدى الميليشيات المسلحة، التي تهيمن على العاصمة، أحرجت أبو سهمين الذي يتولى رئاسة أعلى سلطة دستورية في البلاد، ويشغل منصب القائد الأعلى للجيش الليبي، بعدما نشرت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تسجيلا مصورا لأبو سهمين، وهو متجهم، لدى استجوابه بواسطة هيثم التاجوري، أحد ضباط الشرطة برتبة نقيب والمسؤول السابق بالكتيبة.
وقالت مصادر أمنية ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن التاجوري تلقى، أمس، طلب استدعاء بشكل شخصي عن طريق مدير مكتب النائب العام ومدير مكتب التحقيقات، مشيرة إلى أنه سبق للتاجوري أن أطلع النائب العام يوم الأحد الموافق الخامس من يناير (كانون الثاني) الماضي، على ملابسات واقعة اختطاف أبو سهمين والتحقيق معه. وأضافت المصادر، التي طلبت حجب تعريفها: «يومها، تعهد النائب العام بفتح باب تحقيق في الموضوع، وطلب من التاجوري توثيق كل ما جرى في مذكرة يستند عليها الادعاء، لكن ما حصل من أحداث لاحقة في طرابلس شغل الجميع عن متابعة القصة».
ونفت المصادر أن يكون النائب العام الليبي سعى لمعالجة القضية بعيدا عن القانون، وقالت: «على العكس من ذلك، النائب العام قال بضرورة معرفة الحقيقة وتوثيق كل ما جرى، ومعرفة الأطراف التي اختطفت أو اعتقلت رئيس المؤتمر أولا، والتي كانت قبل حضور هيثم التاجوري وثوار فشلوم». وكشفت النقاب عن أن هناك المزيد من مقاطع الفيديو المسجلة التي تدين أبو سهمين في هذه الواقعة، وتظهر محاولته التوسل لمستجوبه بإطلاق سراحه والابتعاد عن إثارة الموضوع إعلاميا أو قضائيا. وتابعت: «نعم، ما زالت هناك مقاطع أخرى تتضمن فضائح سياسية وأخلاقية بالجملة، وسيعرض كل شيء أمام النيابة العامة، عندما تبدأ التحقيقات الفعلية بشكل رسمي».
ولم يرد التاجوري على محاولات «الشرق الأوسط» الاتصال به عبر هاتفه النقال، علما بأنه فُصل من عمله كضابط شرطة برتبة ملازم ثانٍ عام 2004، قبل أن يوافق وزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل على طلبه تسوية وضعه، حيث شكلت لجنه تحقيق وكلف التاجوري بإدارة القبض على المطلوبين في إدارة عمليات الشرطة التي يترأسها حاليا العقيد عبد السلام بونعامة.
وكان مكتب النائب العام الليبي أعلن، أول من أمس، أنه يحقق في الاحتجاز غير القانوني المشتبه به لأبو سهمين، وأيضا في «جرائم أخلاقية» محتملة. ومن المحتمل أن تلحق القضية ضررا بأبو سهمين، وهو القائد الأعلى للجيش، ويتمتع بسلطات شبه رئاسية في وقت تتنامى فيه الاضطرابات في ليبيا. وقال الصديق السور رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام إن «التحقيق سيكون في القضية برمتها، وسيطال التحقيق كل الأشخاص المعنيين بها».
في غضون ذلك، وصلت بعثة عسكرية أميركية إلى ليبيا للمساعدة في تدريب قوات الجيش الليبي، حيث قال مسؤول عسكري أميركي إن اثنين من أعضاء فريق أولي، يضم 11 جنديا أميركيا، وصلا إلى ليبيا هذا الأسبوع للمساعدة في الإعداد لتدريبات مزمعة لجنود ليبيين في بلغاريا.
ونقلت وكالة رويترز عن المسؤول الأميركي، الذي تحدث شريطة حجب اسمه، أن الفريق بعد وصوله إلى ليبيا سيساعد في معالجة المسائل اللوجيستية المرتبطة بالتدريبات، بما في ذلك اختيار المجندين. وقال إن تدريب الجنود الليبيين في بلغاريا من المتوقع أن يكون في مجموعات صغيرة بالتناوب، على مدى سنوات، ومن المحتمل أن يتضمن وجود ما يصل إلى 300 مدرب أميركي في بلغاريا، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يكتمل وصول باقي أعضاء الفريق الأولي إلى طرابلس، بحلول مطلع الشهر المقبل.
وقال إنه من المتوقع أن يزيد عدد أعضاء الفريق في وقت لاحق مع تطور البرنامج. وأعلنت الولايات المتحدة العام الماضي أنها تخطط لتدريب 5000 إلى 8000 جندي ليبي بطلب من طرابلس، حيث تخوض حكومتها المركزية الضعيفة صراعا ضد متمردين للسيطرة على موارد بترولية حيوية، بعد ثلاث سنوات من سقوط نظام القذافي. وقد تكون تلك مسألة شائكة في ليبيا، حيث غالبا ما تستخدم الحكومة مسلحين ومقاتلين سابقين لحماية الوزارات والمباني الحكومية. ويبقى ولاء هؤلاء المسلحين لقادتهم أو قبائلهم، وكثيرا ما يتواجهون في صراعات للسيطرة على أراضٍ.
من جهة أخرى، قال الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية وعضو مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، إنه التقى أمس وفدا يترأسه طارق متري مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا. وأوضح الغنوشي، في صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك» أن متري عبّر عن رغبته في أن تقوم تونس بدعم جهود الأمم المتحدة في دعم الحوار بين الفرقاء في ليبيا، وتعزيز الأمن والاستقرار فيها عن طريق الاستفادة من تجربة تونس في مجال التوافق الوطني، لافتا إلى أن التوافق يمثل ضرورة ملحّة لحفظ الوحدة الوطنية والترابية للقطر الليبي، ويمثل في الآن نفسه مسألة حيوية لتونس بحكم العلاقات القوية والمصالح المشتركة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين.
من جهة أخرى، التقى مفتي ليبيا الصادق الغرياني سفراء أميركا وبريطانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي بمقر دار الإفتاء في طرابلس، حيث قال بيان رسمي مقتضب للغرياني إنه جرى «تبادل وجهات النظر حول الوضع الراهن في البلاد»، لكنه لم يكشف عن المزيد من التفاصيل.
وتأتي تلك التطورات في وقت أعلنت فيه الحكومة الانتقالية، برئاسة عبد الله الثني، عن تشكيل لجنة برئاسة وزير العدل وعضوية وزيري المالية والخارجية، تتولى المتابعة والإشراف على القضايا الاستراتيجية الخارجية التي ترفع من أو على الدولة الليبية بالخارج.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».