شاشة الناقد

الأوسكار بانتظار هذا الفيلم

شاشة الناقد
TT

شاشة الناقد

شاشة الناقد

الفيلم: 12Years a Slave
إخراج: ستيف ماكوين
أدوار أولى: شيويت إيجيفور، مايكل فاسبيندر، براد بيت، بول جياماتي
النوع: دراما اجتماعية [ الولايات المتحدة 2013]
تقييم: **** (من خمسة)
لاثنتي عشرة سنة، بقيت حياة سولومون (شيويت إجيفور) معلـقة بين السماء والأرض. إنه أفرو - أميركي حر، لكن بشرته السوداء لم تمنحه الحريـة. ها هو، بعد قليل من مطلع الفيلم، يـساق عبدا من جديد للبيع في السوق. كل احتجاجاته وأوراقه لا تعني شيئا. في أحد المشاهد نراه معلـقا بحبل المشنقة. لم يرتفع كثيرا عن الأرض ولا الحبل اشتد ليخنقه. المشهد يعبـر عن تلك السنوات الطويلة من العبودية في سجن الإنسان الآخر.
«اثنتا عشرة سنة عبدا»، للمخرج ستيف ماكوين، مقتبس عن مذكرات منشورة في كتاب وضعه سولومون نورثاب بنفسه سنة 1853 يروي فيه حياته. ولد في سنة 1807، وأصبح عازف كمان عندما انتقل من موقع ولادته (بلدة صغيرة) إلى المدينة (نيويورك). بسيط وقليل الارتياب في الناس، لذلك يصدق ادعاء رجلين من البيض بأنهما يريدان منه العزف في مسرح جوال بواشنطن. في اليوم التالي، يجد نفسه مقيدا في سلاسل. لقد باعه الرجلان إلى تاجر. خسر في ساعات حريـته وتحول عبدا يجري نقله إلى ريف لويزيانا. المخرج يتابع رحلة بطله المؤلمة، فالعبد ليس أكثر من بضاعة يمكن بيعها أكثر من مرة، بل، في مشهد آخر، يجري دفع دين بين رجلين به.
في العام الماضي، في مثل هذه الأيام، قدم كونتين تارنتينو قراءته لواقع العبيد في «دجانغو طليقا»، وعرض ستيفن سبيلبرغ هذا الوضع في «لينكولن»، وكلاهما دخل سباق الأوسكار (وكلاهما خسر لصالح فيلم من التاريخ القريب «جدا» هو «أرغو» لبن أفلك). لكن، إذا ما كانت قراءة تارنتينو بطولية ساخرة ثم عنيفة، وعرض سبيلبرغ يدور حول الأبيض الذي حرر العبيد وليس العبيد بذاتهم، فإن فيلم ماكوين هو الفكر الجاد حول هذا الموضوع. بالتأكيد، هو أفضل فيلم عن موضوع العبيد قامت بإنتاجه السينما الأميركية، وإذا ما فشل الفيلمان السابقان في استحواذ الأوسكار، فإنه من المستبعد جدا أن يفشل هذا الفيلم أيضا لأنه مدهم وقوي وغير عاطفي ولو أنه في الوقت ذاته مؤلم.
الساعة الأولى من الفيلم، إذ تنقل الأحداث تباعا، ليست مجرد تمهيد بل بناء لساعة ثانية أقوى وأكثر تعقيدا بالنسبة لشخصياتها البيضاء، خاصـة تلك التي يؤديها مايكل فاسبيندر الذي بات سولومون واحدا من عبيده في الحقل. هنا، يصرف الفيلم بعض الوقت لإظهار شخصية معقـدة في زواج مفرط في الخديعة. المخرج كوين لا يفتأ تقديم الواقع كما يراه، لكنه واقع قابل للتصديق (وبل موثوق في الكتب والمراجع)، ولأول مرة في مهنته السينمائية التي شملت «جوع» و«عار»، ينتقل إلى صرح الدراميات الاجتماعية الكبيرة. لكن لا شيء من هذا يتقدم حسن تنفيذ وقوة حضور فني لمخرج دائما ما يفاجئ. ثم لا شيء من الأحداث يطغى على قوة حضور وتمثيل، خصوصا من قـبل الممثل شيويتل إيجيفور في دور سولومون. إلى جانب أنه ممثل أفرو - أميركي يشعر تلقائيا بتاريخه، يملك الممثل ذلك الوجه المعبـر عن الألم والغضب والقدر الكبير من الكرامة التي ترفض أن تـهدر.



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.