المعارضة تحاول فكّ حصار «ثلاثي الشرّ» عن مدينة مارع.. و«سوريا الديمقراطية» تقفل منفذها الأخير

«الحرّ» يتعهّد بقتال النظام و«داعش» والقوات الكردية.. وانتقادات لتراجع دور التحالف الدولي

المعارضة تحاول فكّ حصار «ثلاثي الشرّ» عن مدينة مارع.. و«سوريا الديمقراطية» تقفل منفذها الأخير
TT

المعارضة تحاول فكّ حصار «ثلاثي الشرّ» عن مدينة مارع.. و«سوريا الديمقراطية» تقفل منفذها الأخير

المعارضة تحاول فكّ حصار «ثلاثي الشرّ» عن مدينة مارع.. و«سوريا الديمقراطية» تقفل منفذها الأخير

تخوض فصائل المعارضة المسلّحة اشتباكات عنيفة مع تنظيم «داعش»، في محاولة منها لفكّ الحصار الذي يفرضه التنظيم على مدينة مارع الواقعة في ريف حلب الشمالي من ثلاثة اتجاهات، فيما عمدت قوات «سوريا الديمقراطية» إلى رفع السواتر الترابية من الجهة الغربية التي كانت المنفذ الوحيد للمدينة، وإقفالها، بحسب ما ذكرت مصادر سورية معارضة.
وتوعّد الجيش الحرّ أمس، بقتال ما أسماه «ثلاثي الشرّ» المتمثّل في «النظام السوري، وتنظيم داعش، ووحدات الحماية الكردية»، الذين ينسقون في ما بينهم لإسقاط مارع والسيطرة عليها، في وقت اتهمت الأمم المتحدة القوات الكردية بـ«منع مدنيين فارين من هجوم التنظيم في شمال غرب سوريا من دخول المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك ردًا على قصف مقاتلي المعارضة لحي الشيخ مقصود الواقع تحت نفوذ الأكراد في حلب».
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «اشتباكات عنيفة دارت (أمس) بين فصائل المعارضة من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في محور بلدة كفر كلبين ومحاور أخرى في ريف حلب الشمالي، في محاولة من الفصائل لفك الطوق العسكري للتنظيم عن مدينة مارع، وسط سماع دوي انفجار عنيف في محيط بلدة كفر كلبين ناجم عن تفجير التنظيم لعربة مفخخة في المنطقة، وقد أدت الاشتباكات إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين».
من جهته، كشف مصدر عسكري في المعارضة السورية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مارع باتت محاصرة من الجهات الأربع، بعد رفع قوات (سوريا الديمقراطية)، سواتر ترابية من الجهة الغربية، التي كانت المنفذ الوحيد للمدينة»، لافتًا إلى «غياب كامل لطيران التحالف الذي لم يتصد لتحركات (داعش) العلنية والمكشوفة». وقال: «إن الجيش الحرّ نفّذ أمس ثلاث هجمات، للفصل بين مقاتلي (داعش) الموجودين بين مارع وأعزاز لكنه فشل في ذلك»، مؤكدًا أن «المدفعية التركية ساهمت في إحباط هجوم لـ(داعش) حاول من خلاله اقتحام أعزاز والسيطرة عليها».
ولا تبدو المعارضة في وارد التساهل حيال حصار أحد معاقلها في ريف حلب الشمالي، وفق ما أوضح العقيد عبد الجبار العكيدي، القيادي الميداني في الجيش السوري الحرّ في حلب، إذ أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معركة فكّ الحصار عن مارع، مفروضة على الثوار، لأننا بتنا في منطقة محاصرة من ثلاثي «داعش» والنظام السوري وقوات صالح مسلم، أي مقاتلي الـ(PYD)، وليس لدينا أي خيار سوى القتال بكل الوسائل المتوفرة لدينا»، مشيرًا إلى وجود «تنسيق وانسجام تام بين ثلاثي الشرّ (النظام و«داعش» ووحدات حماية الشعب الكردي)، لإسقاط مارع والسيطرة عليها، لكونها تمثّل أحد معاقل المعارضة في ريف حلب، ونحن مصممون على فكّ هذا الحصار».
وكانت مصادر المعارضة قالت في وقت سابق إن «داعش» يحاصر مارع من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية، بينما تحاصر قوات «سوريا الديمقراطية» الجهة الغربية، وكانت فتحت ذلك المنفذ لإخراج المدنيين يوم السبت الماضي، قبل أن تقفله ردًا على قصف حي الشيخ مقصود ذات الأغلبية الكردية في حلب. وفي الوقت نفسه، توجد قوات النظام على بعد نحو 7 كيلومترات إلى جنوب مارع.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الأمم المتحدة قوله «إن السلطات الكردية السورية تمنع مدنيين فارين من هجوم لتنظيم داعش في شمال غرب سوريا، من دخول المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك ردًا على قصف مقاتلي المعارضة لحي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة الأكراد في حلب». وأبدت الأمم المتحدة «قلقها إزاء حصار ما يقدر بنحو ثمانية آلاف سوري بسبب القتال في شمال حلب».
وأكد العقيد عبد الجبار العكيدي أن القوات الكردية «تحوّل المدنيين في مناطق سيطرتها وسيطرة (داعش) إلى رهائن بهدف ابتزاز المعارضة»، نافيًا قصف المعارضة لحي الشيخ مقصود، وأوضح أن «وحدات الحماية الكردية تبحث عن ذرائع لتغطية جرائمها وجرائم النظام و(داعش)».
وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أن «نحو ألفي شخص استطاعوا الخروج من مارع وقرية الشيخ عيسى القريبة اللتين طوقهما مقاتلو (داعش) في 27 مايو (أيار) الماضي». وقال: «إن ما يقدر بنحو سبعة آلاف مدني ما زالوا في الداخل وغير قادرين على المغادرة بسبب القيود التي تفرضها السلطات الكردية».
هذا، وأفادت تقارير حقوقية بأن «الحصار يهدد نحو 1700 عائلة بأوضاع كارثية، خصوصًا وأن القصف العشوائي الذي ينفذه التنظيم، يستهدف الأحياء السكنية، وهدفه الضغط على ما تبقى من مقاتلين لتسليم المدينة».
وفي تلك الأثناء أصدرت سلطات المعارضة في بلدة أعزاز الواقعة تحت سيطرتها قرب الحدود التركية توجيهات بعدم السماح بدخول المزيد من الفارين من مناطق خاضعة لسيطرة «داعش». وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة: «إن التوجيهات صدرت بسبب مخاوف من تسلل متشددين من (داعش) يعرفون أنفسهم على أنهم نازحون بعد وصول ثمانية آلاف نازح إلى أعزاز».
ميدانيًا، تحدث العكيدي عن «تنسيق تام بين القوات الكردية وداعش»، قائلاً: «احتلت الـ(PYD) بالتنسيق مع التنظيم الإرهابي، مناطق متعددة كانت بيد المعارضة، مثل تل رفعت، والشيخ عيسى، ومناطق استراتيجية تشكل ممرًا إلى مدينة أعزاز من أجل تحقيق مكاسب ميدانية»، لافتًا إلى أن «هذا المثلث يحاول اليوم محاورة المعارضة على تسليمه مارع، بهدف تنفيذ المخطط الإيراني الروسي، ووصل عين العرب (كوباني) بعفرين، واستكمال معالم الدولة الكردية»، معتبرًا أن «كل ما يحصل الآن هو بتوجيه وبقرار أميركي». ورأى أن «محاولة تقدّم قوات سوريا الديمقراطية نحو منبج، تصبّ في هذا المخطط، لكونها المنطقة الواصلة بين كوباني وعفرين».
وفي السياق نفسه، نقلت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» عن أهالي في المدينة استغرابهم: «عدم وجود أي دور فاعل لقوات التحالف الدولي بقصف قوات (داعش) التي تحاصر المدينة والمكشوفة بشكل واضح، بل إن هناك اتهامات لقوات التحالف الدولي باستهداف قوات المعارضة المسلحة التي تدافع عن مدينة مارع».
أضافت الشبكة السورية لحقوق الإنسان: «ينظر أهالي مدينة مارع إلى كل من تنظيم (داعش) وقوات (سوريا الديمقراطية) التابعة للإدارة الذاتية الكردية على أنهما وجهان لعملة واحدة، فكلاهما يسعى لبسط السيطرة والنفوذ ونهب ثروات الأراضي وانتهاك حقوق أهلها»، مؤكدة أن «قوات سوريا الديمقراطية الكردية، تقوم بعمليات ابتزاز تهدف للحصول على مزيد من القرى والبلدات مقابل تسهيل مرور المدنيين إلى مناطق أكثر أمنًا».
إلى ذلك، دارت مواجهات بين قوات «سوريا الديمقراطية» وبين تنظيم «داعش»، غرب سد تشرين بريف حلب الشمالي الشرقي، وتمكنت قوات «سوريا الديمقراطية» من السيطرة على قريتين جديدتين في المنطقة، وقتل 3 عناصر من عناصر التنظيم وأسر جثثهم، في وقت شن مقاتلو «داعش» حملة اعتقالات في مدينة منبج، حيث اعتقل نحو 100 مواطن كردي.



الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.