فنسنت فان غوخ على الشاشة

فيلم جديد عن الفنان يحيي قديمه

من الفيلم الجديد «في حب فنسنت»
من الفيلم الجديد «في حب فنسنت»
TT

فنسنت فان غوخ على الشاشة

من الفيلم الجديد «في حب فنسنت»
من الفيلم الجديد «في حب فنسنت»

أنجزت الفنانة البولندية دوروتا كوبييلا، بمعاونة الإنجليزي هيو ولشمان، فيلمًا يتناول رسومات فنسنت فان غوخ من دون سبر غور حياته. الفيلم، وعنوانه «في حب فنسنت»، ليس بيوغرافيًا ولا يرصد حدثًا معينًا في حياة الرسام الهولندي الأشهر، بل يستوحي حكاية وضعتها كوبيلا حول شاب يقتفي خطوات الرسام محاولاً وضع خلاصة لسنوات حياته الأخيرة.
تقع الأحداث في تسعينات القرن التاسع عشر، مباشرة بعد وفاة فان غوخ (عن 37 سنة في عام 1890). ساعي بريد يكتشف وجود خطاب أغفل الرسام إرساله بالبريد لأخيه ثيو. يقوم الساعي بإرساله لكنها تعود إليه، فيبعث بابنه الشاب ليبحث عن ثيو ويعطيه الرسالة. هذا يجوب فرنسا بحثًا حتى من بعد أن اكتشف أن ثيو مات بدوره (مات فعلاً بعد أقل من سنة على وفاة فان غوخ وعن عمر شاب أيضًا: 33 سنة).
توظف دوروتا، صاحبة الفكرة منذ عشر سنوات، الرحلة لرسم صورة شغوفة برسومات فان غوخ. تقتبس من الرسام عبارته: «لا نستطيع أن نتحدث بأي لغة غير لغة الرسم» وتحوّلها إلى لغات. فالفيلم هو رسم متحرك (أنيميشن) ومشاهد حيّة ورسومات ولوحات فان غوخ نفسه. الشاب (كما يؤديه الممثل دوغلاس بوث) يستمع إلى كثير من الحكايات عن فنسنت فان غوخ تزيد إعجابًا والفيلم يحاول نقل هذا الشغف إلى مشاهديه ولا يكتفي بمتابعة تلك الحكايات، بل يقدّم صورته الشخصية للرسام مستوحاة من تلك الحكايات وبالتقاطع معها.
نمطيًا، في هذه الأحيان، ينتقل الفيلم من الألوان إلى الأبيض والأسود. فلوحات فان غوخ وما ينتج عنها حين تحريكها لتصبح رسوم أنيميشن بالألوان الطبيعية (كما يفترض بها أن تكون) والأحداث التي تفتح تلك الصفحات التاريخية والمعنية برحلة الشاب الاستقصائية، مصوّرة بالأبيض والأسود.
ولا يتم هذا التراوح بين الأبيض والأسود وبين الألوان تبعًا لنظام سردي آخر أو بنظام نصفي (نصف الأحداث ملونة ونصف الأحداث غير ملونة مثلاً)، بل حسب منهج وضرورة الانتقال من الحدث الماثل إلى الماضي وبالعكس. المشاهد الحيّة تصور رحلة الشاب بحثًا. تلك الرسوم هي، في بعضها، استنطاق لرسومات فان غوخ، وفي بعضها الآخر، إحاطة بشخصيته. ومع أن ولشمان ساهم بدرجة كبيرة في إنجاز هذا المشروع، إلا أن فكرته وبلورة تلك الفكرة، كما تنفيذ غالبية المشاهد الرسمية هي من فعل المخرجة البولندية التي سبق لها وإن اشتغلت على هذا المنوال من الأفلام وإن لم يكن على رقعة كبيرة كما هو الحال هذه المرّة.
التصوير الحي قام به لوكاش زال، الذي صوّر فيلم «آيدا» لبول بوليكوفسكي (نال أوسكار أفضل فيلم أجنبي سنة 2015) والتصوير المتحرك أقدم عليه ترستان أوليفر. هذا اشتغل على فيلم الأميركي وز أندرسون الجيد «فانتاستك مستر فوكس».
دراما وتسجيل
هذا الجهد لا ينبع من رغبة أحد من صانعيه الاحتفاء بأي مناسبة بل هو شغف إضافي بفن الرسم وفن فان غوخ تحديدًا. وهو، من ناحية أخرى، ليس الفيلم الوحيد الذي يتم إنجازه حول حياة الرسام الهولندي أو يسرد قبسات منها إذ سبق للسينما أن تعاملت مع الشخصية المذكورة بضعة مرات.
بعض هذه المرّات تمّت بوحي من غرابة حياة فان غوخ نفسها وعشقه وجنونه اللذين تحوّلا إلى لغز استمر منذ وفاته قبل 126 سنة وحتى الآن. صحيح أن عشرات الكتب اقتربت أكثر من عشرات أخرى حول فحص كل مرحلة من مراحل حياة الفنان، لكن الانقسام ما زال واردًا بخصوص محطات خاصة مثل إذا ما كان فان غوخ قد انتحر، كما أشيع، أو مات مقتولاً (لم يكن هناك من شهد الحادثة لوضع حد للشائعات على جانبيها).
قبل 60 سنة كاملة قام المخرج ڤنسنت مينيللي بتقديم نسخة تدعو للاحترام حول حياة الفنان فنسنت فان غوخ بعنوان «شهوة للحياة» Lust for Life. نوع من البيوغرافي على الطريقة الهوليوودية مع كيرك دوغلاس في الدور، وهو رشح للأوسكار عن دوره هذا، لكن أنطوني كوين هو الذي نال الشرف لاعبًا دور الرسام الفرنسي بول غوغان في ظهور مساند.
يبدأ الفيلم مع قرار فان غوخ بترك هولندا إلى بلجيكا سنة 1878 ثم توجهه إلى فرنسا حيث عرف الوسط الفني فيها آنذاك. لكن في حين أن المخرج مينيللي استعان برسومات فان غوخ لدعم مرجعية الفيلم وأمانته، ترك الحكاية تغزل بخيوط عامّة غير معمّقة. كذلك اضطر المخرج لقبول رغبة الشركة المنتجة (مترو - غولدوين - ماير) التي اعتبرت أن التغني بفن فان غوخ عليه أن يكون بنظام 70 مم بينما كانت وجهة نظر المخرج (المغلوب على أمره) أن هذا النظام لن يصنع التواصل المنشود بين المشاهد وبين الشخصية ذاتها.
وحسب المؤرخ هال إريكسون فإن كيرك دوغلاس أراد إلقاء الضوء على جانب من حياة الشخصية بقي بدوره مجال تأويلات وهو جانب مثليّته. لكن هوليوود آنذاك لم تكن لتسمح بمثل هذا الموضوع خشية ردّ فعل المشاهدين السلبية.
في عام 1948 انتقل هوى فان غوخ إلى المخرج الفرنسي الآن رينيه الذي أنجز فيلمًا بالأبيض والأسود سمّاه «فان غوخ». الفيلم دخل سباق الأوسكار كأفضل فيلم قصير وخطف الجائزة بالفعل، كذلك نال جائزة من مهرجان فنيسيا في العام ذاته. هذا الفيلم الذي قلما شوهد بعد ذلك بنى قوامه على المونتاج في نحو عشرين دقيقة.
فيلمان تسجيليان لحقا بعمل رينيه: واحد من إخراج الألمانية ماي زترلينغ سنة 1972 بعنوان «فنسنت الهولندي»، ولو أن بعضًا من هذا الفيلم كان مؤسسًا على الدراما بنفس توثيقي، والثاني هو «فان غوخ أو النصر ذو النصل المزدوج» (1989). في الثمانينات أيضًا أنجز بول كوكس، وهو مخرج أسترالي جيد ومقل، «فنسنت: حياة وموت فنسنت فان غوخ»، الذي كان محاكاة صُورية لرسائل فان غوخ. الممثل البريطاني جون هيرت يقرأ والكاميرا تصوّر مكان الأحداث التي تمر في تلك الرسائل. أما الأفلام الدرامية فكانت أكثر عددًا. المخرج الياباني قام بتحقيق «أحلام» التي منها فصل ساحر مصوّر باللون الأصفر كبعض لوحات الفنان. أما من قام بدور فان غوخ فلم يكن سوى المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي. حدث ذلك سنة 1990 وفي العام ذاته أخرج الأميركي روبرت ألتمن فيلمه النيّر «فنسنت وثيو» مع تيم روث في دور الرسام وبول ريز في دور شقيقه تاجر اللوحات. قبل خروج هذا الفيلم إلى العروض السينمائية في نطاق محدود، تم صنع 200 ساعة عرض منه لصالح البث التلفزيوني.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.