«دعاء الكروان» من أحب الأفلام إلى قلب فاتن حمامة

صدر في ذكرى مرور عام على وفاتها وبالتزامن مع ذكرى ميلادها الـ85

فاتن حمامة وأحمد مظهر في «دعاء الكروان»
فاتن حمامة وأحمد مظهر في «دعاء الكروان»
TT

«دعاء الكروان» من أحب الأفلام إلى قلب فاتن حمامة

فاتن حمامة وأحمد مظهر في «دعاء الكروان»
فاتن حمامة وأحمد مظهر في «دعاء الكروان»

«من الممكن أن أبكي عندما أرى شخصين يودعان بعضهما.. فهذه اللحظات تكون قاسية»، و«أكثر ما يؤلمني مشاهد اللاجئين.. أين العدالة في هذا العالم؟».. تلك الكلمات المفعمة بالمشاعر الإنسانية وغيرها من أسرار يكشف عنها كتاب «فاتن حمامة» للكاتبة الصحافية زينب عبد الرزاق، الذي صدر مؤخرًا في طبعة فاخرة عن «دار الشروق المصرية» بمناسبة مرور عام على وفاتها، والذي صادف أول من أمس الجمعة ذكرى ميلادها الـ85.
ولدت فاتن حمامة الملقبة بـ«سيدة الشاشة العربية» في 27 مايو (أيار) 1931 وتوفّيت في 17 يناير (كانون الثاني) 2015. ويعد هذا الكتاب نافذة على عالم فاتن حمامة الخاص، فالقارئ هنا يجد نفسه عبر الكلمات أقرب ما يكون إلى همس سيدة الشاشة وهي تجيب عن أسئلة لا بد وأنها طرأت في ذهنه من قبل، خاصة وأنها كانت تحيط حياتها الأسرية بشيء من السرية تارة والكتمان أحيانًا، فكانت تحيط بها هالة سحرية من الغموض، لم تكن تمنع نجوميتها من السطوع والتألق.
تتكشف تلك الأسرار تدريجيًا مع كل صفحة من صفحات الكتاب، ونجحت الكاتبة ببراعة في ذلك، يبدأ الكتاب في سرد قصته؛ حيث أوصت به السيدة فاتن حمامة قبيل وفاتها، ليضم سلسلة الحوارات التي أجرتها معها الصحافية زينب عبد الرزاق عبر 20 عامًا، وطلبت إليها جمعها ونشرها في كتاب. يقدم الكتاب في بابه الأول مذكرات فاتن حمامة كما روتها للإعلامي وجدي الحكيم عام 1995، عبر 15 حلقة تلفزيونية تم تسجيلها في لندن آنذاك، وقامت الكاتبة بصياغتها ونشرها في هذا الكتاب. أما في الباب الثاني، فيجد القارئ 5 حوارات لفاتن حمامة تروي خلالها تاريخ حياتها ومسيرتها وأحزانها وأفراحها منذ عام 1996 وحتى عام 2014 قبيل وفاتها بعدة أشهر.
تصفها الكاتبة «هي الخيط الرفيع بين الكبرياء والرقي لحن الخلود العذب، والحلو في أيامنا المرة، هي دعاء الكروان الذي ينبهنا إلى عدالة السماء التي يتناساها البعض متعمدًا» وتروي بداية معرفتها بسيدة الشاشة عام 1996 حين طلبت منها أن تجري حوارًا معها لمجلة «نصف الدنيا»، وتروي تفاصيل آخر مكالمة هاتفية بينهما التي قالت فيها السيدة فاتن حمامة للكاتبة: «الحياة حلوة، ماتخليش حد يسرقها منك».
بدأت سيدة الشاشة العربية مشوارها الفني عام 1940 بدور «أنيسة» في فيلم «يوم سعيد» حينما اكتشفها المخرج محمد كريم، وقفت فاتن حمامة في أول أدوراها أمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وكان عمرها 8 سنوات وأجرها 10 جنيهات فقط.
تكشف الحوارات عن شخصية فاتن حمامة التي كانت تخاف من البحر وركوب الطائرة والحيوانات، وأن «دعاء الكروان» من أحب الأفلام إلى قلبها. ويبدو لقارئ الحوارات تحفظ سيدة الشاشة العربية الشديد تجاه علاقتها بزوجها عمر الشريف وقصة حبهما التي أسفرت عن ابنهما طارق، مراعاة لمشاعر زوجها د. محمد عبد الوهاب، الذي ظل رفيق دربها لسنوات كثيرة وحتى وفاتها. وضمن ما يحوي الكتاب هناك مقالة هامة وشيقة بقلم الكاتب الصحافي الكبير مصطفى أمين بعنوان «قلم على وجه فاتن حمامة» نشر في جريدة أخبار اليوم يروي فيه قصة الصفعة الوحيدة التي تلقتها من والدها حينما أحس أن ابنته أصابها الغرور والتكبر على الناس، وكان ذلك في فترة مراهقتها حينما كانت نجمة سينمائية في بداية سطوعها بعد فيلمها مع عبد الوهاب، ويروي فيه الكاتب ببراعة بداية مراهقة فاتن حمامة وحبها لابن الجيران الذي ظنت أنه يراقبها من وراء نافذة غرفته المواجهة لغرفتها في حي عابدين بالقاهرة، لتفاجأ بعد ذلك يوم أن انفتحت تلك النافذة أن «فتى أحلامها» مجرد شماعة ملابس خشبية!.
ويضم الكتاب مجموعة من أروع صور سيدة الشاشة في جميع مراحل حياتها، وأغلبها نادرة وتنشر لأول مرة، تأخذك الصور لعالم فاتن حمامة الجميل بابتسامتها الراقية العذبة لتظل أمامها تتأملها وتشرد بذهنك لتتأمل كم كانت نجمة رائعة وأنيقة وبسيطة!. يبدأ ملحق الصور بمجموعة نادرة تجسد فاتن حمامة منذ نعومة أظافرها في ثلاثينات القرن الماضي، ثم صور لوالدها ووالدتها وصور لها في مرحلة الشباب وصور لها مع ابنتها نادية ذو الفقار، وصور مع عمر الشريف وابنهما طارق، وصور لها أثناء ممارستها لهواية الصيد المحببة إلى قلبها، وعدد من الصور أثناء الرحلات البحرية مع زوجها د. محمد عبد الوهاب، وأيضًا صور تجسد مرافقتها له أثناء عدد من المؤتمرات الطبية، وصور لها مع حفيدتها مارين فاتن. وهناك مجموعة رائعة من صور التكريمات الرسمية لها تجمعها مع زعماء وكبار الشخصيات وكبار نجوم التمثيل في العالم. ويضم الملحق أيضًا عددًا من صور أفيشات ومشاهد من أفلامها ويختتم الملحق ببرقية عزاء من جلالة ملك المغرب الملك محمد السادس عند وفاة فاتن حمامة، وصورة شعار مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي الذي خصص جائزة باسمها بناءً على طلب زوجها محمد عبد الوهاب وأبنائها تخليدًا لاسمها.
أما في الباب الثالث من الكتاب، تأخذنا الكاتبة زينب عبد الرازق إلى حوارات أجرتها مع كبار النقاد السينمائيين والمخرجين الذين ربطتهم علاقة وطيدة بسيدة الشاشة يتحدثون عن أعمالها وذكرياتهم معها، تبحث معهم كيف تحولت فاتن حمامة الفتاة البسيطة الرقيقة لأسطورة في عالم السينما، وكيف كانت محور اهتمام المخرجين، وغيرها من أسئلة وإجابات تمتع عشاق الفنانة الكبيرة، منهم: رفيق الصبان، وداود عبد السيد، والأديب الراحل خيري شلبي، وغيرهم. أما في الباب الرابع والأخير «أسرة فاتن حمامة تتحدث»، فينفرد الكتاب بالغوص في أعماق زوجها د. محمد عبد الوهاب في حوار إنساني ومؤثر عن زوجته وسيدة الشاشة، حيث ارتبط بها في بداية السبعينات وفرق بينهما الموت بوفاتها العام الماضي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».