دعوات لتكثيف عمليات البحث وإنقاذ اللاجئين على الساحل الليبي

لجنة أوروبية: تركيا ترحل لاجئين سوريين إلى بلادهم قسرًا

دعوات لتكثيف عمليات البحث وإنقاذ اللاجئين على الساحل الليبي
TT

دعوات لتكثيف عمليات البحث وإنقاذ اللاجئين على الساحل الليبي

دعوات لتكثيف عمليات البحث وإنقاذ اللاجئين على الساحل الليبي

قال أعضاء في البرلمان الأوروبي إن الصور المأساوية لغرق قارب كان يقل مايقرب من 600 شخص قبالة سواحل ليبيا، يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى زيادة مساعدات الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء في إطار عمل يتعلق بالبحث والإنقاذ.
ودعا نواب الكتلة السياسية للاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي إلى مزيد من العمل الأوروبي في هذا الإطار، وإلى تعزيز دعم السلطات اليونانية، والإيطالية، «التي لا تزال تواجه العبء الأكبر من العمل في معالجة أزمة اللاجئين».
وقال نائب رئيس الكتلة، بيتر نيدمولر، في تصريحات مكتوبة لـ«الشرق الأوسط»: «علينا العمل بسرعة لوقف مزيد من الوفيات في البحر المتوسط، والجميع يثمن الجهود التي تقوم بها الدول الأعضاء للمساهمة في عمليات البحث والإنقاذ، ولكن مطلوب عمل أكثر على المستوى الأوروبي، لتقديم مزيد من المساعدة في البحث والإنقاذ».
وجاء ذلك بعد أن قال دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، أمس، إنه يتطلع إلى أن يظهر المجتمع الدولي تضامنا فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، وأن يعترف بأنها مشكلة عالمية. وأضاف توسك أنه سيسعى إلى تأييد وتعهد من مجموعة الدول السبع الكبرى لزيادة المساعدات العالمية لتلبية الحاجات الفورية والطويلة الأجل للاجئين، موضحا: «نحن ندرك أنه بسبب الجغرافيا، فإن معظم المسؤولية (فيما يتعلق بأزمة اللاجئين) وضعت وستوضع على أوروبا».
من جانبها، أبدت اللجنة الاجتماعية الاقتصادية الأوروبية قلقها تجاه استمرار العراقيل أمام التنفيذ الأمثل للاتفاق الأوروبي - التركي بشأن اللاجئين، المؤرخ بـ18 مارس (آذار) الماضي. وجاء ذلك في تقرير أصدرته اللجنة عقب زيارة قام بها وفد من أعضائها إلى تركيا استمرت عدة أيام، اطلع خلالها على الإجراءات التي تنفذها أنقرة في إطار الاتفاق، حيث «ما زال هناك كثير من مصادر القلق وقدمنا توصيات بذلك»، حسب اللجنة.
وتعد اللجنة الاجتماعية الاقتصادية الأوروبية هيئة استشارية مستقلة تم إنشاؤها عام 1957 بموجب معاهدة روما، وتضم طيفًا واسعًا من الفعاليات الاجتماعية والهيئات غير الحكومية الأوروبية. وركزت اللجنة في تقريرها على الشكوك المحيطة بوضع تركيا بلدا آمنا لاستقبال طالبي اللجوء، وقالت: «التقينا كثيرا من ممثلي منظمات المجتمع المدني التركية التي أعربت عن قلقها بشأن هذا الموضوع تحديدًا»، كما جاء في التقرير.
وأوضحت اللجنة أنها وثقت حالات ترحيل للاجئين إلى بلادهم الأصلية، وبينهم بعض السوريين، رغم الخطر على حياتهم، مشيرة إلى أن تركيا تخالف التزاماتها بمبدأ عدم الإعادة القسرية. كما نبهت اللجنة في تقريرها إلى أن طالبي الحماية في تركيا لا يتمتعون بوضعية لاجئين، بل يطلق عليهم اسم «ضيوف»، وهذا الوصف لا يتطابق مع التعريف الدولي للاجئين. كما نبّهت اللجنة إلى استمرار فرض السلطات التركية قيودا على حرية التنقل ولم شمل الأسر والاندماج في سوق العمل على المدى الطويل، «فلا يمكن للاجئين التقدم مباشرة للحصول على رخصة عمل، فهم يضطرون إلى الاعتماد على أرباب العمل الذين لا يرغبون دائمًا في توظيف الأجانب».
ولفتت اللجنة النظر إلى أن أرباب العمل في تركيا لا يتمتعون بدورهم بحرية اختيار العاملين لديهم، فهم ملزمون بحصص معينة من العمال المحليين مقابل كل لاجئ. كما أشارت اللجنة إلى عدم كفاية الخدمات التعليمية التي يحصل عليها أطفال اللاجئين، وأن معظم هؤلاء ترك المدرسة من أجل العمل. ورغم أن السلطات التركية قد زادت عدد الضباط والسفن والمعدات لمحاربة التهريب، فإن تدفق المهاجرين غير الشرعيين ما زال مستمرًا، ولو بصورة أقل من السابق: «أما عمليات إدانة المهربين فهي قليلة جدًا والقانون التركي لا يبدو صارمًا في مجال محاربة ظاهرة الاتجار بالبشر»، كما جاء في التقرير.
هذا، ومن المعلوم أن الاتفاق الأوروبي - التركي يقف الآن على حافة الهاوية، إذ تهدد تركيا بإلغائه تمامًا إذا لم يحصل مواطنوها على الإعفاء من تأشيرات الدخول لأوروبا، بصفته أحد بنود اتفاق مارس، المعروف إعلاميا باتفاق «لاجئ مقابل لاجئ». أما المؤسسات الأوروبية، فتقول: إنها لن تحرك ملف الإعفاء من التأشيرات ما لم تلب تركيا جميع الشروط المطلوبة، خصوصا تعديل قانون محاربة الإرهاب، وهذا ما ترفضه أنقرة جملة وتفصيلا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.