زهور «تشيلسي» تحتفل بعيد ميلاد الملكة الـ90

المعرض السنوي يؤرخ زيارات العائلة المالكة لفعالية تعود لعام 1949

جوانب من فعاليات افتتاح معرض الزهور في تشيلسي في العاصمة لندن أمس (رويترز)
جوانب من فعاليات افتتاح معرض الزهور في تشيلسي في العاصمة لندن أمس (رويترز)
TT

زهور «تشيلسي» تحتفل بعيد ميلاد الملكة الـ90

جوانب من فعاليات افتتاح معرض الزهور في تشيلسي في العاصمة لندن أمس (رويترز)
جوانب من فعاليات افتتاح معرض الزهور في تشيلسي في العاصمة لندن أمس (رويترز)

زارت ملكة بريطانيا، وعدد من أفراد الأسرة المالكة، معرض الزهور السنوي في تشيلسي لهذا العام، الذي افتتح يوم الاثنين.
وكان من بين من رافقوا الملكة خلال الزيارة الأمير ويليام، دوق كمبردج، وزوجته كيت، دوقة كمبردج، وشقيقه الأمير هاري.
وكُرَست معظم المعروضات للاحتفال بعيد ميلاد الملكة التسعين، وكان من بينها قوس من الزهور يصل ارتفاعه إلى 4.6 متر، وهو مؤلف من مائة ألف زهرة على الأقل. كما أُقيم معرض لصور تؤرخ لزيارات الأسرة المالكة لتشيلسي ترجع لعام 1949. ويستمر المعرض حتى الثامن والعشرين من مايو (أيار) الحالي.
ويضم معرض تشيلسي للزهور مجموعة منتقاة من النباتات المختلفة في ألوانها وطرق إنباتها، وكذلك وسائل العناية بها والحفاظ عليها.
ويقام معرض تشيلسي للزهور في لندن، في الفترة من 22 إلى 26 مايو من كل عام، ويعد المعرض من بين أكبر وأشهر معارض الزهور في العالم.
وفي كل عام، يتبارى مئات المشاركين من فنانين، وبستانيين، ومنظمات مدنية، وسفارات أجنبية، وجهات مختلفة، بالمشاركة في المعرض من خلال تصاميم بالزهور تعكس أهدافهم ورؤيتهم في مجالات السلام والطب والعلوم وحب الحياة والإيجابية.
وشارك في المعرض هذا العام نحو 600 عارض من أنحاء العالم، كما يضم المعرض لهذا العام حديقة خاصة بولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز مصممة بزخرفة إسلامية على شكل سجاد.
ومن المتوقع أن تنقل حديقة الأمير تشارلز إلى منزله، في منطقة جلو ستشاير، بعد انتهاء المعرض. وقد أطلق على حديقة الأمير، وهي من تصميم مايكل ميللر، اسم حديقة السجاد، وهي تضم تصاميم ولمسات إسلامية، مثل قنوات الماء والأرائك المغطاة ورائحة الطيب.
وكان الأمير تشارلز، الذي لديه اهتمام كبير بالحضارة الإسلامية، قد قام بزيارة للمعرض قبل افتتاحه لمتابعة العمل الحالي على الحديقة.
ويعد المعرض أكبر معرض زهور في العالم، قبل أن يتنازل عن اللقب لصالح معرض زهور قصر هابتون كورت الذي يقام كذلك في العاصمة البريطانية لندن، لكن ظل معرض تشيلسي محتفظًا ببريقه، مستقطبًا المشاهير وعشاق الزهور. وهذا العام، منح المعرض الحرية للمشاركين لاختيار الطابع الذي يناسبهم في تصميم الحدائق للاحتفال بعيد ميلاد الملكة التسعين، كما تم منحهم 25 يومًا لتجهيزها، ويضم المعرض الذي تستمر فعالياته 5 أيام 600 عارضًا، فاجأ بعضهم الزوار بأفكار جديدة مبتكرة تتجاوز المتعة البصرية إلى استخدام الزهور لتصوير ساحات الحرب، ومزج الحضارات.
وقد أصبح معرض تشيلسي للزهور إحدى أكثر الفعاليات التي يتم الاحتفاء بها سنويًا في العالم. واستهلّ المعرض مسيرته منذ بدايته مع 244 عارض زهور، ليضمّ اليوم ما يزيد عن 600، وهو يجتذب 161 ألف زائر.
وعلى مدار قرن تقريبًا، شهد معرض تشيلسي للزهور تغييرات جذرية في أساليب البستنة، التي تتراوح من حيث الأشكال بين الأشجار اليابانية القزمة والحدائق الهرمية التي يصل ارتفاعها إلى 80 قدمًا! أمّا في قلب تشيلسي، فيكمن معرض الشتلات التي عرضها الجنائنيون والجنائنيات والمحترفون والهواة في الجناح الكبير.
فما زالت تشيلسي تُعتبر من أبرز الفعاليات في رزنامة البستنة والرزنامة الاجتماعية على حد سواء. فهي فعالية تسودها أجواء الأناقة، حيث تشكّل القبعات والفساتين متعة للنظر، وتفيض ترفًا شأنها شأن الزهور. وبالإضافة إلى التجوّل في أنحاء المعرض، والاستمتاع بالمعروضات المبهرجة والمبتكرة والعطِرة، عادة ما ينغمس الزوّار في تناول الأطايب البريطانية بامتياز كالكعك والشاي وعصائر الفواكه والليمون.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».