بيئة «حزب الله» لا تزال تستفيد من دول غربية بمشاريع تنموية

طبارة: البيئة المستهدفة من العقوبات هي البيئة المالية للحزب وليس الفقراء

بيئة «حزب الله» لا تزال تستفيد من دول غربية بمشاريع تنموية
TT

بيئة «حزب الله» لا تزال تستفيد من دول غربية بمشاريع تنموية

بيئة «حزب الله» لا تزال تستفيد من دول غربية بمشاريع تنموية

لم يحرم الصراع بين ما يُسمى «حزب الله» اللبناني وحكومات غربية، بيئة الحزب من مشاريع تنموية تهدف إلى رفع الحرمان من بلدات في جنوب لبنان، حيث يتمتع الحزب بنفوذ واسع. فعلى طريق الجنوب، تعلن لوحتان عملاقتان عن تنفيذ مشروعين إنمائيين في بلدتي السكسكية والزرارية، هما عبارة عن تأهيل شبكة مياه الشفة، وتمديدها في البلدتين، بتمويل من الحكومة الكندية.
وكندا التي تدرج الحزب على قائمتها للجماعات «الإرهابية»، ليست الدولة الغربية الوحيدة التي تمول مشاريع إنمائية في مناطق جنوب لبنان، باعتبار أن خططها تشمل كافة المناطق اللبنانية المحتاجة للتنمية. فقد سبقتها الحكومة الأميركية التي مولت مشاريع ثقافية، مثل مشروع «الإنجليزية للنساء» الذي نُفذ في العام 2010. والحكومات الأوروبية التي أدرجت في وقت لاحق في العام 2013 الجناح العسكري للحزب على قوائمها للمنظمات الإرهابية، وذلك عبر مشاريع تنموية تركزت في مناطق جنوب لبنان التي كانت ساحات مواجهات في حرب يوليو (تموز) 2006.
ولم تنفّذ كندا المشروعين مباشرة، بل مولتهما، وأوكل التنفيذ لمنظمة «كير ليبان»، علمًا أن السفارة «لا تميز بتاتًا بين المناطق اللبنانية، إذ تشمل تقديماتها مختلف المناطق عبر المنظمات الشريكة وحسب المعايير الكندية، وبالتنسيق مع المؤسسات الحكومية اللبنانية»، كما تقول مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط».
وتقول مسؤولة العلاقات العامة في السفارة الكندية في بيروت مايا بركات، بأن كندا «توجه تمويلها إلى منظمات موثوقة في لبنان، وتتبع عملية حازمة في ذلك»، مؤكدة أن التمويل الكندي «غير قائم على معايير جغرافية، ولكنه يهدف إلى الوصول إلى الجماعات السكانية الأكثر احتياجًا في كل المحافظات اللبنانية».
وتشدد بركات على أن المناطق التي تنفذ فيها المشاريع: «يختارها شركاؤنا الموكلون مهمة التنفيذ، استنادًا إلى الحاجات القائمة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية».
المشروعان في الجنوب، نُفذا إلى جانب مشروعين آخرين في بلدتي كترمايا وبرجا في جبل لبنان، إضافة إلى مشاريع أخرى في مناطق أخرى. وهي جزء من سلسلة مشاريع سنوية، بلغت قيمتها في العام 2015، 53 مليون دولار، وتوزعها المنظمات المحلية التي تتولى التنفيذ، وفق خريطة تقييم تضعها الحكومة اللبنانية مع المؤسسات الدولية، ترصد المناطق الأكثر فقرًا، والمناطق التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين، وذلك ضمن خطة مساعدة المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين.
وتوضح منسقة ملفات «الماء والإصحاح» في منظمة «كير ليبان» التي نفذت المشروعين مهى البيراني، أن هناك قائمة لدى الأمم المتحدة، تحدد الأولويات المرتبطة بالفقر وحجم استضافة البلدات للاجئين السوريين، مشيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى تنفيذ مشاريع أخرى ممولة من الاتحاد الأوروبي، بينها مشروع ترميم الآبار الارتوازية وتأمين شبكات المياه في قرى مدينة صيدا، وهو مشروع يُنفذ على سنتين، ينتهي في سبتمبر (أيلول) 2017. وممول من Europe aid – Devco. وتؤكد أن المشاريع يجري تنسيقها مع البلديات ومصلحة المياه في المناطق اللبنانية.
بدورها، تؤكد رشا ضاوي، المتحدثة الإعلامية في منظمة «كير ليبان»، أنه «لا معايير سياسية في المشاريع، بل معايير إنمائية فقط»، لافتة إلى «أننا نقترح المشروع، ونعرضه على الممول الذي يوافق على تمويله وتنفيذه». وتشدد على أن المنظمة «تتبع المعايير الدولية في توزيع المشاريع ولا تسأل عن الانتماءات الدينية أو السياسية».
وتقول ضاوي، بأن مساعدة المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين: «من شأنه أن يسهل عمليات اندماجهم في تلك المجتمعات، فضلاً عن تخفيف الأعباء المترتبة عن اللجوء على المجتمع المضيف».
غير أن تلك المشاريع، تستفيد منها البيئة المؤيدة لما يُسمى «حزب الله» اللبناني، والذي تدرجه بعض الحكومات على قوائم الإرهاب. لكن الحكومات الغربية، تفصل عادة الأمور السياسية المرتبطة بالحزب، عن التقديمات الإنمائية، ذلك أن مشاريع التنمية التي تُنفذ في جنوب لبنان: «هي جزء من المشاريع التنموية التي تُنفذ بكامل القرى والبلدات اللبنانية المحتاجة»، كما يقول سفير لبنان الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طبارة، مشيرًا إلى أن المشاريع المرتبطة بتأهيل شبكات مياه الشفة، أو حفر آبار مياه وغيرها من المشاريع البسيطة «لا إشكال عليها، سواء أكان يستفيد منها مناصرون للحزب أو سواهم من البيئات اللبنانية الفقيرة».
ويقول طبارة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن «البيئة المستهدفة من العقوبات الغربية، وخصوصًا الأميركية، هي البيئة المالية للحزب وهي عبارة عن متمولين يقدمون مساعدات وتسهيلات مالية للحزب»، مشددًا على أن البيئات المستهدفة «بالتأكيد ليس الفقراء والبسطاء الذين يقيمون في مناطق سيطرته ولا تهتم الحكومات الغربية عادة بمعاقبتها»، موضحًا أن تلك المشاريع «هي جزء من التنمية التي تشمل المناطق اللبنانية الفقيرة».
وينفي طبارة الاعتقادات التي تقول: إن تلك المشاريع تنافس الحزب في مناطق نفوذه، مؤكدًا أن قيمتها في العادة «ليست كبيرة جدًا، بالمقارنة مع المشاريع التنموية التي تقدمها إيران أو الحزب نفسه في مناطق نفوذه». ويشير إلى أن الحزب «لا يبدو أنه يعارض تنفيذ مشاريع مشابهة».
وبرزت المشاريع التنموية التي تمولها حكومات غربية على نطاق واسع في مناطق جنوب لبنان، بعد حرب يوليو 2006. وصدور القرار الدولي 1701. وانتشار عدد كبير من قوات حفظ السلام العاملة في الجنوب (يونيفيل). وتنوعت المشاريع بين تقديم الخدمات الطبية، وإنشاء حدائق، وتمديد شبكات إنارة للشوارع بالطاقة الشمسية، ودعم دور أيتام، وغيرها من المشاريع التنموية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.