نيوزيلندية تفوز بـ«البوكر» لعام 2013

الأصغر سنا وبرواية من 832 صفحة الأضخم في تاريخ الجائزة

نيوزيلندية تفوز بـ«البوكر» لعام 2013
TT

نيوزيلندية تفوز بـ«البوكر» لعام 2013

نيوزيلندية تفوز بـ«البوكر» لعام 2013

فازت الكاتبة النيوزيلندية ألينور كاتون بجائزة «مان بوكر» لعام 2013 عن «النجوم اللامعة»، لتصبح أصغر فائز بالجائزة منذ تأسيسها قبل 45 عاما، ومن ناحية عدد الصفحات اعتبرت الرواية أيضا الأضخم في تاريخ الجائزة.
تتكون الرواية من 832 صفحة، وبهذا تعيد إلى الواجهة زمنا قد ولى في الأسلوب الروائي الذي ساد أكثر في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. تدور أحداث الرواية، التي تنشرها «دار غرانتا»، حول حمى التنقيب عن الذهب التي شهدتها نيوزيلندا في القرن التاسع عشر. وقالت الكاتبة مازحة بعد فوزها: «اضطررت حقا لشراء حقيبة جديدة لليد بدلا عن حقيبتي القديمة التي لم تكف لحمل الرواية».
وتفوقت كاتون على خمسة كتاب آخرين كانوا مرشحين للفوز بتلك الجائزة الأدبية البالغ قيمتها 50 ألف جنيه إسترليني (80 ألف دولار). وقدمت دوقة كورنوول الجائزة لكاتون في حفل أقيم بلندن مساء أول من أمس.
وتنافست ألينور كاتون في روايتها الضخمة هذه مع قائمة صغيرة من الروايات التي اعتبرت الأقصر من حيث عدد الكلمات في تاريخ الرواية. وتضمنت القائمة القصة القصيرة لكولم تويبن «الوصية الأخيرة لماري»، التي اعتبرت الأوفر حظا للفوز، ورواية جيم غريس «الحصاد»، ورواية روث أوزيكي «قصة للوقت الحالي» و«الأرض المنخفضة» ليومبا لاهيري، ورواية «نحتاج إلى أسماء جديدة» لفايوليت بولاوايو.
ووصف روبرت ماكفرلين، الكاتب والناقد الأدبي رئيس لجنة التحكيم، الروائية الكاتبة البالغة، من العمر 28 سنة، بأنها رائعة من حيث أسلوب الكتابة والسرد. وقال ماكفرلين عن حجم الرواية، إن استثمار القارئ «عند شراء هذه الرواية سيكون عاليا جدا، لكن عندما يبدأ بالقراءة سيرى أن المدخول سيكون كبيرا جدا»، مضيفا أن أعضاء اللجنة «عادوا لقراءة الرواية ثلاث مرات، وحفرنا كثيرا في صفحات الرواية ووجدنا أنه في كل مرة كان المكسب عاليا أيضا». وأضاف ماكفرلين: «بقرارنا هذا، فقد وضعنا ضغطا جديدا على الأسلوب الروائي، لكننا نعتقد أن النتيجة كانت مرضية جدا».
في عام 1991، فاز الكاتب بن أوكري بجائزة بوكر وكان عمره 32 سنة. وبهذا، فقد جردت ألينور كاتون الكاتب من لقب أصغر فائز بالجائزة. «النجوم اللامعة» هي الرواية الثانية للكاتبة. روايتها الأولى هي «البروفة»، كتبتها عام 2009.
وهذه هي المرة الثانية التي يفوز فيها روائي نيوزيلندي بالجائزة، التي كانت متاحة لمواطني المملكة المتحدة ودول الكومنولث وجمهورية آيرلندا فقط منذ أن بدأ منحها في عام 1969، وستشهد بدءا من عام 2014 منافسة من مؤلفين أغلبهم أميركيون، لكن يمكن لأي كاتب بالإنجليزية من أي مكان في العالم المنافسة. قرار دعوة أدباء ممن يكتبون بالإنجليزية ومن دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية أثار جدلا واسعا بين أوساط المثقفين، بعضهم من عارض الفكرة وآخرون رحبوا بها، وقالوا إن ذلك سيفتح منافسة أقوى ويزيد من المستوى الروائي. أما من عارض القرار، فقالوا إن ذلك سيعطي كتاب الولايات المتحدة، الذين يكرمون من خلال جوائز خاصة بهم، مجالا أكبر للفوز بها واحتكارها. وقال منظمو مسابقة الجائزة «مان بوكر»، أشهر الجوائز الأدبية العالمية، إن الجائزة ستتيح للمؤلفين من أي دولة المنافسة للفوز بجوائزها من العام المقبل.
وقال أيون تريفين، مدير مؤسسة «جائزة بوكر» سابقا، عندما اتخذ القرار لتوسيع المشاركة فيها من قبل كتاب من دول أخرى: «سيكون في وسع الفائز بجائزة (مان بوكر)، بدءا من 2014، أن يقول أنا الأفضل في العالم الناطق بالإنجليزية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».