خط أنفاق بريد لندن يتحول إلى متحف

بعد 87 سنة من إنشائه ونقل 12 مليون رسالة بريد يوميا

الزوار يتمكنون من ركوب القطار الذي يعمل بالكهرباء ومن دون سائق
الزوار يتمكنون من ركوب القطار الذي يعمل بالكهرباء ومن دون سائق
TT

خط أنفاق بريد لندن يتحول إلى متحف

الزوار يتمكنون من ركوب القطار الذي يعمل بالكهرباء ومن دون سائق
الزوار يتمكنون من ركوب القطار الذي يعمل بالكهرباء ومن دون سائق

لأول مرة ومنذ إنشائه عام 1927، سيجري افتتاح قطار الأنفاق السريع الخاص بالبريد الملكي تحت شوارع لندن للجمهور عام 2016، وسيتمكن الزوار من ركوب القطار الذي يعمل بالكهرباء ومن دون سائق بعد أن قام مجلس إيلنغتون في لندن بتمويل جزء من مشروع متحف وأرشيف لخدمة البريد الملكي الذي جرت خصخصته هذا العام كجزء من خطة تقدر بـ20 مليون جنيه إسترليني لاستعادتها، ليس لنقل البريد، ولكن للجمهور لكي يتعرف على الخدمة في رحلة سياحية ممتعة تحت الأرض.
وكان قطار أنفاق البريد الذي لا يعرف الكثير من الأجانب والمحليين عن أسراره والذي يربط بين بادينغتون ومحطة وايت تشابل في شرق لندن، ينقل 12 مليون رسالة عبر عاصمة الضباب كل يوم لأكثر من ثلاثة أرباع قرن، كما يقطع ستة أميال ونصف الميل. وقد توقف العمل في قطار أنفاق البريد الذي يعد قمة في سرعة لتوصل البريد في ذلك الوقت، باعتبار لندن مركزا تجاريا يعتمد على الأعمال الاقتصادية والمعاملات والمضاربات حول العالم. لذلك، جاءت فكرة قطار الأنفاق لنقل الرسائل بأسرع ما يكون. ولكن بعد إنشاء الطريق السريع M25 في عام 1970، أصبح نقل البريد عبر الطرق السريعة أفضل وأقل تكلفة، وفي عام 2003 جرى إغلاق قطار أنفاق البريد.
وفي مستودع بارد بوسط لندن، يبدو كأن عمال سكة حديد بريد لندن قد خرجوا فجأة وتوقف الزمن عند تلك اللحظة. تراكم غبار كثيف على زي العمل برتقالي اللون، وهناك مجسمات السلامة مخروطية الشكل، وغلاية للشاي مهجورة وقد علقت في المكان رائحة الرطوبة. وبدت المعدات الميكانيكية الثقيلة المصنوعة في العشرينات من القرن الماضي في عدم انسجام مع أجهزة اتصال «الوكي توكي» اللاسلكية الضخمة المصنوعة في الثمانينات، بينما تدلت الأنابيب والأشرطة التي بهت طلاؤها من السقف. وعلى الجدران بدت أسلاك غير مثبتة قرب لوحة سلامة من عام 1989، بينما كانت هناك خريطة مساحية حربية لمنطقة «هولبورن» ملفوفة فوق أحد المكاتب.
كانت أبواب الخزانات الصغيرة مواربة وعليها قوارير الجل المستخدم للحمام الفارغة، بينما تدلت المناشف المتسخة في الداخل.
جرت الموافقة على «ميل ريل» بقانون من البرلمان قبل قرن من الآن، وفي شبابه كانت تحمل قطاراته التي تسير دون سائق 12 مليون رسالة وطرد بريدي يوميا عبر الخط الحديدي الممتد من وايت شابل في شرق لندن إلى بادينغتون في غرب المدينة. لكن أوقف العمل به قبل قرن.
وإن نزلت من المستودع بواسطة المصعد إلى رصيف مونت بليسانت، فسترى أنه يبدو كأرصفة محطات مترو الأنفاق العادية، لكن الأنفاق عند كل نهاية تبدو أصغر حجما من أنفاق المترو، إذ يقل قطرها بسبعة أقدام (2.1 متر).
ويقف قطار صغير على القضبان وهو واحد من 70 قطارا مخزنة على الشبكة، ويتميز هذا القطار بأنه جرى تعديله خصيصا ليحمل الركاب. وتحتوي المقصورة على 12 مقعدا صغيرا، وبمجرد دخولك يتحرك مصراع بلاستيكي لتأمين رأسك، وتشعر كأنك تركب على لعبة الأفعوانية. ثم يتحرك القطار وتشعر بكل ضربة من ضربات عجلاته وهو يقعقع متجها إلى النفق ثم تسمع صرير المكابح وهو يتلوى حول المنحنيات الضيقة. وتكون على بعد بوصات فقط من جدران النفق ذو الرائحة النتنة والرواسب المتدلية من السقف. وقد يستمتع السياح بهذه التجربة المثيرة في المستقبل القريب.
وقال هاري هوسكيسون من متحف البريد والأرشيف البريطاني، وهي مجموعة غير ربحية وراء المشروع لخدمة المجتمع: «لا تزال قطارات الأنفاق تحتفظ بسحرها الحقيقي في لندن تحت الأرض».. وأضاف: «إنها سحر تحت الأرض على امتداد لأكثر من ستة أميال، ولكن الناس قد تصاب بالدهشة عند معرفة أن هنالك مجموعة أخرى من الأنفاق تعمل بجانب قطارات الأنفاق الخاصة بالركاب». وقال ميدليس ورث مهندس البريد الملكي: «أنا مسرور لتفعيل شيء مهم، ومن خلاله يمكن لنا أن نرد الجميل للمجتمع لأن المشروع يعد آخر خدمة للمجتمع».
أحد الأشخاص الملمين بالسكة الحديدية هو راي ميدلسويرث الذي عمل مهندسا بالأنفاق لمدة 27 سنة. ويقول راي: «إن بعض الناس يقولون إنه أفضل سر مخفي للبريد». وبعد توقف الخط عام 2003، ظل ميدلسويرث مع مجموعة صغيرة من المهندسين الذين كانت مهمتهم الحفاظ على الشبكة. ويضيف: «الأمر أشبه بلعبة قطار كبيرة، لقد كان عندي لعبة قطار عندما كنت صبيا، ولذلك ترقيت بعض الشيء». عندما كانت الشبكة في عنفوان شبابها، كان يعمل بها 220 شخصا، وتمتد الشبكة تحت شارع أكسفورد بوسط لندن وعند نقطة معينة على بعد أقدام قليلة من خط «بيكرلوو». ويقول المهندس ميدلسويرث بفخر وهو يسترجع ماضي سكة الحديدية: «يقولون بمجرد أن تصبح رجل سكة حديدية تستمر هكذا دائما، كان هناك شعور عائلي حقيقي، كان هناك الكثير من الآباء والأبناء يعملون معا وسط فرق العمل». وكانت مهامه متنوعة وشملت بعض الأعمال خلف الكواليس لحفلات أعياد الميلاد (الكريسماس). ويضيف: «كانت هناك مغارة بابانويل وكنا ندعو الأطفال من دور الرعاية ليستمتعوا بجولة على القطارات». ويعد سبب وجود هذه الشبكة دليلا على أن مشكلة الاختناق في العاصمة البريطانية ليست مشكلة جديدة بالتأكيد.
ويقول كريس تافت، من المتحف والأرشيف البريطاني للبريد: «قبل قرن من الآن أيام كانت العربات التي تجرها الخيول هي وسيلة النقل السائدة في لندن، كانت مشكلة الاختناق تسبب تأخرا في حركة البريد. وجاء في التقرير الذي يبرر إنشاء الشبكة وإقناع أعضاء البرلمان بالموافقة على خطط بناء الشبكة، أن حركة السير في لندن لن تتجاوز أبدا سرعة ستة أميال في الساعة (9.5 كيلومتر)، بينما تبلغ سرعة قطار الشبكة 40 ميلا في الساعة (64 كيلومترا). واكتمل العمل في الخط بحيث يخدم طرود البريد لموسم عيد الميلاد لعام 1927». ويضيف تافت: «وأصبحت الشبكة الكهربائية الوحيدة في العالم المخصصة لنقل البريد». واستمرت الشبكة في العمل طوال القرن العشرين وكانت تنقل أربعة ملايين رسالة خلال 22 ساعة من اليوم في الثمانينات. وظهرت الشبكة في فيلم آكشن لبروس ويليس وهدسون هوك في مشاهد بالمستودع قصد بها سكة بريد الفاتيكان السرية الخيالية. وفي التسعينات، أنشأت هيئة البريد «رويال ميل» مجمعا جديدا في منطقة ويليسدون بغرب لندن، وبحلول عام 2003 لم يتبق في العمل سوى ثلاث محطات من محطات سكك حديد البريد الثماني. وفي ذلك العام، قالت هيئة البريد إن تكلفة تشغيل الخط تساوي خمسة أضعاف تكلفة النقل عبر الطرق وأغلقت الشبكة. ويقول ميدلسويرث: «كان غلق الشبكة عيبا، ولكنه أصبح محتما». لكنه يبقى متفائلا بشأن خطط تشغيل الشبكة للأغراض السياحية. وبعد أن اتخذت بلدية منطقة إيلنغتون الأسبوع الماضي قرارا بافتتاح الشبكة بحلول عام 2016.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.