بريطاني يخطف «سعفة كان» و«الكاميرا الذهبية» لفرنسية من أصول عربية

«نهاية العالم» يحل ثانيا وأفضل مخرج مناصفة بين الروماني مونجو والفرنسي أساياس

المخرج البريطاني كن لوتش يتسلم بجائزة السعفة الذهبية  عن فيلمه «أنا دانيال بلاك» (أ.ب) لجنة التحكيم خلال حفل ختام وتوزيع جوائز مهرجان كان السينمائي بدورته الـ 69 (أ.ف.ب) - المخرجة الفرنسية المغربية هدى بنيمينة (أ.ف.ب)
المخرج البريطاني كن لوتش يتسلم بجائزة السعفة الذهبية عن فيلمه «أنا دانيال بلاك» (أ.ب) لجنة التحكيم خلال حفل ختام وتوزيع جوائز مهرجان كان السينمائي بدورته الـ 69 (أ.ف.ب) - المخرجة الفرنسية المغربية هدى بنيمينة (أ.ف.ب)
TT

بريطاني يخطف «سعفة كان» و«الكاميرا الذهبية» لفرنسية من أصول عربية

المخرج البريطاني كن لوتش يتسلم بجائزة السعفة الذهبية  عن فيلمه «أنا دانيال بلاك» (أ.ب) لجنة التحكيم خلال حفل ختام وتوزيع جوائز مهرجان كان السينمائي بدورته الـ 69 (أ.ف.ب) - المخرجة الفرنسية المغربية هدى بنيمينة (أ.ف.ب)
المخرج البريطاني كن لوتش يتسلم بجائزة السعفة الذهبية عن فيلمه «أنا دانيال بلاك» (أ.ب) لجنة التحكيم خلال حفل ختام وتوزيع جوائز مهرجان كان السينمائي بدورته الـ 69 (أ.ف.ب) - المخرجة الفرنسية المغربية هدى بنيمينة (أ.ف.ب)

على إيقاع من ضربات قلوب 21 مخرجًا ومخرجة، وفي حفلة دامت أكثر من الوقت المقدّر لها بأكثر من ربع ساعة خرج فيلم «أنا، دانيال بلايك» للمخرج البريطاني الفذ كن لوتش بالسعفة الذهبية، أعلى جوائز المهرجان وأكثرها بقاء وأهمية.
لوتش، الذي كان فاز قبل عشر سنوات بسعفة ذهبية أولى عن فيلمه «الريح التي عصفت بالشعير» فوجئ بالإعلان بعدما تداول الإعلام الكثير من الاهتمام بأفلام أخرى نافسته. لكن فوزه الثاني هذا أتاح له إلقاء خطاب سياسي ندد فيه باليمين المتطرّف وبالجشع المادي الذي يهدد العالم وأشاد بالسينما كفن يرى فيه الخلاص عبر الوعي بالمسؤولية.
قبل الوصول إلى هذه الجائزة، انطلقت الجوائز التمهيدية الأولى وهي جائزة الفيلم القصير، التي فاز بها فيلم «شيفرة زمنية» للإسباني يوانخو غيمينز، وجائزة الكاميرا الذهبية التي تُمنح إلى مخرج العمل الأول من بين كل ما يتم تقديمه على شاشة المهرجان. وقد فاز بها هذا العام فيلم «إلهي» للمخرجة الفرنسية ذات الأصل المغربي هدى بن يمينة التي قدّمت عملها اللافت هذا في مظاهرة «نصف شهر المخرجين».
لكن عددًا من الجوائز، ما بين تلك الأولى التي تم الإعلان عنها ووصولاً إلى السعفة الذهبية، مُـنحت بعد استثناء ما هو أكثر قيمة منها. على الأخص تلك الجائزة التي نالها الممثل الإيراني شهاب حسيني عن دوره في فيلم «البائع»، كما الجائزة التي نالتها الممثلة الفيليبينية جاكلين جوزيه عن دورها في «الأم روزا». كلاهما لم يقدّم أداء بالغ التميّـز أو يتجاوز به أداء فنانين آخرين في أفلام منافسة. والحقيقة أن فيلم «أنا، دانيال بلايك» انفرد، بين كل الأفلام التي فازت باستحقاقه غير القابل للشك وذلك بسبب معالجته المتينة والبسيطة في آن معًا لموضوعه الاجتماعي الصعب. الفيلم، كما تم وصفه هنا، هو استمرار للمنهج الأوروبي الواقعي على غرار ما عرفته السينما الإيطالية (التي غابت عن المهرجان هذا العام) مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية.
من ناحيته، حلّـق فيلم «إنها فقط نهاية العالم» للمخرج الكندي إكزافيير دولان في ضروب خيالية متكلفة لم تثن لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج الأسترالي جورج ميلر (المشهور برباعيته «ماد ماكس») عن منحه «الجائزة الكبرى» وهي في واقعها ثاني أهم الجوائز بعد السعفة الذهبية.
وكما بكى دولان على المسرح قبل عامين عندما نال جائزة لجنة التحكيم (العادية) عن فيلمه «مومي»، بكى هذه المرّة أيضًا خلال إلقاء خطابه المطوّل فنال تصفيقًا مضاعفًا يواكب عواطفه الجياشة.
جائزة أفضل إخراج تقاسمها كل من الروماني كريستيان مونجو عن فيلمه الجيد «بكالوريا» (أو «المتخرج» كما تداول الإعلام الإنجليزي عنوانه) والفرنسي أوليفييه أساياس عن فيلمه المتوتر «متبضعة شخصية» بطولة كرستن ستيوارت التي كانت تستحق جائزة أفضل ممثلة عوض الممثلة الفيليبينية لولا أن للعواطف، على ما يبدو، مكانة أكبر من المتوقع حتى لدى لجان التحكيم.
ونال جائزة النقاد المخرجة البريطانية أندريا أرنولد عن فيلمها «عسل أميركي» حول يوميات فتاة تعمل بائعة متجوّلة مع فريق من الشابات والشبان الذين يحيون في رتابة عبث تصيب الفيلم في بعض مراحله.
وفاز الفيلم الإيراني «البائع» لأصغر فرهادي بجائزة أفضل سيناريو، وهو فيلم وجده الكثير من النقاد أضعف شأنًا من أفلام المخرج السابقة التي من بينها «انفصال» الذي كان نال أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2012.
وإذ وقف الممثل مل غيبسون ومكتشفه المخرج جورج ميلر وقد أحاطا بالمخرج البريطاني كن لوتش، تبدّت صورة ذهنية للقاء يساري على منصّـة يمينية بامتياز. إنها من عجائب الفن السابع.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».