دول عربية سميت بأسماء رجال

الباحث الكويتي السهلي يتتبع أصول أسمائها عبر التاريخ

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

دول عربية سميت بأسماء رجال

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يبحث كتاب «فصل المقال فيما سمي بين الدول بالرجال» للباحث الكويتي سلطان بن عبد الهادي السهلي في تاريخ عدة دول سميت، كما هو واضح من العنوان، بأسماء رجال. وهو بحث جديد في موضوعه.
القسم الأول من هذا الكتاب مخصص لخمس دول عربية هي السعودية، وعمان، وفلسطين، ومصر، واليمن، على أن يصدر قسم آخر مخصص للدول الأجنبية، أو «العجمية»، بلغة السهلي، ومنها أميركا، وإيران.
في الفصل الأول «الدولة السعودية (المملكة العربية السعودية)، الرجل» نقرأ أن «من حسن الاتفاق بين حاضر العرب وغابرهم، إن هذه الدولة العربية سميت على مذهب من مذاهب العرب. فالمسمّون من أبنائها وإخوانهم اقتدوا بأسلافهم، واقتفوا آثارهم، وذهبوا مذهبهم، وفعلوا فعلهم، وسموا الدولة بمن كان لها سببا».
لقد اختار أبناء السعودية، اعترافا بفضل الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود، اسم جده الخامس (سعود) ليسموا المملكة به، وينسبوها إليه، وهو اختيار» يحمل على التفاؤل، ويدل على الوفاء، فـ«سعود» اسم من أصل لغوي هو «س.ع.د». ويدل هذا الأصل على معان منها «الإعانة» و«التوفيق» و«الخير» و«السرور» و«السعادة» و«النماء» و«اليُمن»، بالإضافة إلى أن «سعود» هو «رجل عربي المحتد، إسلامي المعتقد، وهو ابن من أبنائها الأفاضل، وأمير من أمرائها الأماثل، ليس بالطارئ عليها، ولا بالوافد إليها، ولا بالغريب عنها، ولد بها، وتوفي فيها».
والنسبة إلى «سعود» الرجل، صحيحة أيضًا، لأن «من مذاهب العرب في التسمية، تسمية الشيء بما كان له سببا».
أما في الفصل التالي «الدولة، عُمان (سلطنة عمان) الرجل: عمام بن سبأ بن يقشان»، فنعرف أن هذه الدولة العربية سميت بهذا الاسم نسبة إلى رجل اسمه «عُمان». ويقول المؤلف إ هذا ما اتفق عليه جملة من العلماء المتقدمين والمتأخرين، ولا خلاف في اسمه، وتسمية الدولة به. لكن الاختلاف، كما يضيف، في تتمة اسمه، ونسبه، وهو على ثلاثة أقوال: الأول: أنه من ولد إبراهيم. والثاني: أنه من ولد قحطان. والثالث: أنه من ولد لوط. ويرى السهلي أن هناك «راجحا، ومرجوحين» في هذه الأقوال. الراجح هو القول الأول، مستندا إلى الشرقي، وابن الكَلبي، والزجاجي، الحِميري، والزبيدي. أما القولان المرجوحان، فالأول منهما أن عمان من ولد قحطان. وهو قول مرجوح لأن ثلاثة من أصحابه الأربعة من المتأخرين من أهل القرن الخامس الهجري). والراجح الثالث، هو أنه من ولد لوط. وهذا القول، كما يقول الكاتب، تفرد به شيخ الربوة، وهو خلط بيّن، لأن الذي ولد من لوط هو «عمَّان»، بالفتح والتثقيل وليس «عُمان»، بالضم والتخفيف. ويغوص السهلي عميقا في التاريخ، مستندا إلى كثير من المراجع، ليصل إلى الغرض الذي قصده وهو تسمية دولة «عُمان» برجل اسمه «عُمان».
ويتبع المؤلف المنهج نفسه في الفصل المخصص لفلسطين وتسميتها باسم رجل. وهذا الرجل هو: فلسطين بن كسلوخيم بن صدقيّا. ويقول إن هذا الاسم ورد بعدة صور، هي «فلستين» و«فلشتان» و«فلشتيم» و«فلشنين»، و«فليشين» و«فيلسين». وهذا الاختلاف، كما يضيف، مرده أن الاسم أعجمي. وقد عربته العرب، فقالوا «فلسطين».
أما الرجل، فهناك اختلاف في بقية اسمه ونسبه. فهو عند ياقوت من أبناء سام. وعند ابن الكلبي، وابن الفقيه، والسمعاني، والحميري، وابن خلدون من أبناء حام. ولكن الثابت أن اسم فلسطين منقول من اسم رجل، وهو غرض الكتاب. وفيما يخص مصر، يقول الباحث السهلي إن هذه الدولة العربية قد عرفت في تاريخها الطويل بجملة من الأسماء، تبلغ أحد عشر اسما، وهي اليوم «منسية، جهلها الناس، فلا يعرفونها، ولا ينتسبون إليها، ولا يستعملونها في شؤونهم، ولا ترد على ألسنتهم». ولكن بقي اسمها الأشهر: مصر.
وهو اسم رجل، اختلف فيه المؤرخون. فمنهم، حسب الباحث، من قال إنه «مِصر الأول»: مصريم بن مركائيل بن دوائيل بن عرياب بن آدم. ومنهم من ذكر أنه «مصر الثاني»: مصرام بن نقراوش بن مصريم الأول.
ورأى قسم آخر أنه «مصر الثالث»، وهو: مصر بن بيصر بن حام بن نوح.
ويرى الباحث أن هذا القول الأخير هو الأقرب إلى الصواب، متفقا في ذلك مع القلقشندي. أما بالنسبة لليمن، فيرى الباحث أن هذه الدولة العربية سميت بهذا الاسم نسبة إلى رجل من أهل بابل، من ولد النبي نوح. وكان قد انتقل إليها، ونزل بها، فسميت باسمه، وهو يمن بن قحطان بن عابر. وسبق للباحث السهلي أن أصدر الكثير من الدراسات في الأدب واللغة، والتاريخ والأنساب.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.