تونس: خلافات تشق صفوف «النهضة» في مؤتمرها العاشر

مستشار الغنوشي نفى تحول الحزب إلى حركة علمانية

تونس: خلافات تشق صفوف «النهضة» في مؤتمرها العاشر
TT

تونس: خلافات تشق صفوف «النهضة» في مؤتمرها العاشر

تونس: خلافات تشق صفوف «النهضة» في مؤتمرها العاشر

لم تفلح محاولات قيادات الصف الأول لحركة النهضة في السيطرة على الخلافات التي برزت بمناسبة انعقاد المؤتمر العاشر لحركة النهضة، بعد مراسيم الافتتاح الذي حضره الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والذي أثنى خلاله على جهود «الحركة» في دعم المصالحة الوطنية، والمشاركة في حكومة توافقية، حيث انتقل المؤتمر من القاعة الرياضية برادس (الضاحية الجنوبية للعاصمة) إلى مدينة الحمامات السياحية، لتظهر على السطح انشقاقات مهمة تتعلق بمستوى خيارات «الحركة» وتوجهاتها المستقبلية.
وبرزت بوادر الانشقاق الأولى بشكل مبكر من خلال تغيب القيادي عامر العريض، رئيس الدائرة السياسية لحركة النهضة، وسمير ديلو، وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية السابق عن أشغال الافتتاح، ونفى عبد الحميد الجلاصي القيادي في «الحركة» خبر استقالته من الحزب. فيما أشارت مصادر مقربة من حركة النهضة إلى أن مقاطعة القياديين لأشغال الافتتاح جاءت على خلفية خلافات داخلية بين قيادات حركة النهضة.
وفي هذا الشأن نفى عبد الحميد الجلاصي، مدير الحملة الانتخابية لحركة النهضة في انتخابات 2014، ما تردد حول استقالته من الحزب، وقال في تصريح إعلامي إن وجوده في المؤتمر يؤكد على تمسكه بحركة النهضة. لكنه لم ينف في المقابل وجود خلافات في وجهات النظر بين القيادات السياسية، موضحا أن الخلاف لا يفسد للود للقضية.
ولامتصاص غضب بعض أعضاء حركة النهضة حول خيارات الحزب، وجه لطفي زيتون، المستشار السياسي للغنوشي، رسالة إلى أبناء حركة النهضة نشرتها وسائل إعلام محلية، قال فيها إن غموض عبارة الفصل بين السياسي والدعوي تسببت في سوء فهم لدى أبناء الحركة وجمهورها. ونفى في هذه الرسالة أن تكون النهضة قد تحولت «من حركة إسلامية إلى حركة علمانية، مفندا وجود انقسام تنظيمي بين الدعاة والسياسيين وانقسام (النهضة) إلى حركتين، بما يوحي بوجود توزيع أدوار بين شقين متواطئين: واحد يتولى السيطرة على العمل المدني، والثاني على العمل السياسي بهدف إعادة إنتاج نظام سياسي شمولي، على حد قوله».
وأضاف زيتون أن الحركة تدخل المؤتمر موحدة حول خط سياسي، مبني على التوافق، وتقديم المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية، والوحدة على الانقسام.
وبرزت خلافات حادة بين قيادات حركة النهضة من خلال تجربة الحكم في الترويكا، وأدى الخلاف حول طبيعة الحكومة إلى استقالة حمادي الجبالي من منصب الأمانة العامة للحركة في سنة 2013. كما استقال القيادي رياض الشعيبي من «النهضة»، وهو رئيس لجنة إعداد المؤتمر التاسع للحزب، وأسس حزبا سياسيا بعد اعتراضه على خروج حركة النهضة وتنازلها عن السلطة، إثر ضغط مارسته المعارضة بشقيها اليساري والليبرالي، واتهامها بالفشل في إدارة البلاد.
وخلال اليوم الثاني للمؤتمر أمس، افتتح علي العريض، الرئيس المنتخب للمؤتمر فعالياته، معلنا عن انتخاب مكتب المؤتمر الذي يضم النائب الأول لرئيس المؤتمر رضا إدريس، والنائب الثاني علي المحرابي، وأسامة الصغير ناطقا رسميا باسم المؤتمر.
وواصلت قيادات حركة النهضة أمس مناقشة نحو 10 لوائح، وسيتم النظر في انتخاب رئيس جديد للحركة، وثلثي أعضاء مجلس الشورى (100 عضو)، إلى جانب عدة مسائل سياسية أخرى، كالمصالحة الوطنية. كما ينظر المؤتمر مسألة الفصل بين الجانبين الدعوي والسياسي، وهي مسألة لا تحظى بالتوافق بين القمة وقواعد الحركة.
ومن المنتظر أن ينبثق عن هذا المؤتمر تحولات جوهرية في خيارات الحركة من الناحية الاستراتيجية، والتدقيق في هويتها وفي علاقتها بمحيطها المحلي والدولي. وفي هذا السياق، أكد أسامة الصغير، المتحدث باسم المؤتمر، إضافة نحو 50 فصلا جديدا للنظام الداخلي للحركة، لينتقل عدد الفصول من 40 إلى 90 فصلا، وشملت الإضافات المسألة الانتخابية في الجهات، والصلاحيات المتعلقة بالقيادات على المستويين المركزي والجهوي.
ومن المنتظر أن يحدد القانون الأساسي المنظم لعمل الحزب رئاسة الحركة بدورتين فقط، تنفيذا لقرارات المؤتمر التاسع الذي عقد سنة 2012. وأضاف الصغير أن هذا التنقيح الذي سيرى النور خلال المؤتمر الحالي سيجعل الدورة المقبلة هي الأخيرة بالنسبة لراشد الغنوشي رئيس الحركة، في حال إعادة انتخابه على رأس «النهضة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.