رئيس الحكومة السورية المؤقتة لـ «الشرق الأوسط»: سنمارس مهامنا من الداخل

برنامج أبو حطب يعتمد على استثمار الموارد الذاتية وتفعيل قطاع التعليم

مقاتلان من مجموعة ألوية الفاروق بالقرب من سيارة تحمل مدفعاً مضاداً للطيران في إحدى قرى درعا (رويترز)
مقاتلان من مجموعة ألوية الفاروق بالقرب من سيارة تحمل مدفعاً مضاداً للطيران في إحدى قرى درعا (رويترز)
TT

رئيس الحكومة السورية المؤقتة لـ «الشرق الأوسط»: سنمارس مهامنا من الداخل

مقاتلان من مجموعة ألوية الفاروق بالقرب من سيارة تحمل مدفعاً مضاداً للطيران في إحدى قرى درعا (رويترز)
مقاتلان من مجموعة ألوية الفاروق بالقرب من سيارة تحمل مدفعاً مضاداً للطيران في إحدى قرى درعا (رويترز)

يبدو الجراح السوري جواد أبو حطب، الذي انتخب مطلع الأسبوع رئيسا للحكومة السورية المؤقتة، منهمكا كعادته في التنقل بين المشافي في منطقتي إدلب وحلب؛ ما يجعل من الصعب جدا التواصل معه.
ولعل المهمة الجديدة التي ينكب على إنجازها بتشكيل حكومته، التي يتوقع أن تضم 8 حقائب، تجعله أكثر انشغالا من أي وقت مضى. لا يستقر أبو حطب في إسطنبول، أو على الحدود التركية مع سوريا لإتمام المهمة؛ فهو الذي واكب جلسة الهيئة العامة الأخيرة التي خلصت إلى انتخابه رئيسا من إدلب عبر «سكايب»، يصر على التواجد الدائم في الداخل السوري، وفي المناطق التي تطلق عليها المعارضة السورية مصطلح «المناطق المحررة» المنتشرة بشكل خاص في حلب وإدلب ودرعا، حيث يتنقل بين المشافي مع زوجته المتخصصة في الطب النسائي لمعالجة الجرحى والمرضى.
ويؤكد أبو حطب، أن مهمته الجديدة تجعله أكثر تمسكا بالتواجد في الداخل السوري، وهو يجزم بأن «كل أجهزة الحكومة الجديدة كما الوزراء سيكونون على الأرض، وعلى تماس مع السوريين الصامدين داخل مدنهم وقراهم؛ لتقديم الخدمات بشكل مباشر وتفعيل المؤسسات الموجودة، والعمل بشكل أساسي على ملفات محددة، كالتربية والتعليم والجامعات والزراعة والصحة والإدارة المحلية». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بالأساس موجودون على الأرض، في المشافي والكليات تحت القصف. أصلا ما الفرق بأن يقصف الوزير أو مدير المشفى؟ كلنا سوريون شركاء بهذه الثورة، ننتصر معا وندفع الثمن معا».
ولا يزال أبو حطب، بالتنسيق التام مع الائتلاف السوري، يبحثون عن آلية محددة لممارسة الحكومة الجديدة عملها من الداخل السوري، ويبدو أن خيار إنشاء أو اعتماد مبنى حكومي واحد، أمر غير مرحب به، لاعتبارات أمنية. وفي هذا السياق، يرجح أبو حطب أن تنتشر مكاتب الوزارات «بشكل أفقي على الأرض، على أن يكون هناك 8 حقائب وزارية وعدة هيئات تابعة لها، إضافة لمعهد للتطوير الإداري»، لافتا إلى أنه سيطلب من الائتلاف وقوى الحراك المدني إنشاء «جهاز رقابي إداري مالي لمراقبة عمل الحكومة منذ البداية».
ويبدو الجراح السوري أثناء حديثه عن برنامج عمل حكومته، واضحا ومصمما؛ إذ يؤكد أن الهدف الأول والأبرز، الذي سيسعى لتحقيقه هو «استثمار الموارد الذاتية». ويقول في هذا الإطار: «لدينا أكثر 14 مليون شجرة زيتون في المناطق المحررة سنسعى لاستثمارها من خلال تسويق الزيت والزيتون الذي تنتجه. كما لدينا سهل الروج الذي يحوي مائة ألف دونم تنتج نحو ربع مليون طن قمح؛ ما يعني أننا لن نكون في حاجة إلى الاستيراد». ويضيف: «في سهل الغاب لدينا أيضا 20 ألف دونم من القمح، إضافة للقطن الشمندر السكري، وكلها زراعات وصناعات يمكن تفعيلها، إضافة لتواجد نحو 300 ألف رأس غنم مهمل من دون أعلاف»، لافتا إلى أنه سيكون هناك «خطط مالية لاستثمار وتفعيل عشرات المداجن بالتعاون والتنسيق مع مديري هذه المؤسسات والجمعيات الزراعية والحيوانية، فنصل إلى مرحلة من الاكتفاء الذاتي، وبخاصة أن المناطق التي نتحدث عنها، فيها من الموارد الطبيعية أكثر من بعض الدول العربية».
ويزيد الإقبال والترحيب الشعبي «الهائل» من حماسة واندفاعة أبو حطب، الذي يبدو واثقا من قدرته وفريق عمله على الانتقال بسوريا من الإغاثة إلى التنمية، من دون أي التفاتة دولية؛ إذ لا يتردد الجراح السوري في التعبير عن استيائه واقتناعه بسعي المجتمع الدولي لـ«تدمير سوريا»، قائلا: «هو لم يكن يوما جادا بموضوع إنشاء مناطق حظر جوي أو مساعدة السوريين. فماذا فعل حين استخدم النظام السلاح الكيمائي الذي أدى إلى استشهاد 1400 شخص، بينهم 400 طفل؟ ماذا فعل حين ألقت طائرات النظام عشرات آلاف البراميل على المدارس؟»، وأضاف: «لن نعول بعد اليوم على المجتمع الدولي. سنعتمد على طرقنا الخاصة كما كان يحصل بداية الثورة. هذه الحكومة جزء من الشعب وهذه الثورة. سنتأقلم مع القصف ونجعل الحكومة بالداخل. وسنجد الطريقة والآلية المناسبة للعمل».
ويركز أبو حطب في برنامج عمل الحكومة، وبشكل خاص، على قطاع التعليم، لافتا إلى أن هناك مليون طفل سوري يجب أن يكونوا في المدارس: «لذلك سننشئ المزيد من المعاهد، وسنعمل على تفعيل عمل الجامعات. لن نسمح بضياع هذا الجيل. سننتج جيلا جديدا هو من سيبني سوريا مرة ثانية. سنعتمد على الموارد الذاتية، ومن ثم على الدول الصديقة كتركيا لإقامة مناطق حرة ومعابر ومصارف ولـتأمين الكهرباء، كما سنعمل لتحقيق ذلك في مناطق الجنوب المحررة».
وبحسب السيرة الذاتية التي وزّعها الائتلاف السوري، فقد ولد أبو حطب في منطقة أشرفية الوادي في محافظة ريف دمشق في عام 1962، وحصل على شهادته الجامعية من كلية الطب البشري في جامعة دمشق عام 1988، ومن ثم اختص في الجراحة العامة في عام 1998، كما اختص في جراحة القلب عام 2001. ومن ثم انتقل إلى إيطاليا للاختصاص في جراحة القلب لدى الأطفال في عام 2003.
وعمل أبو حطب، سابقا، جراح قلب استشاريا في مشفى جراحة القلب التابعة لجامعة دمشق، وكان عضوا في مجلس إدارة مشفى جراحة القلب الجامعي، ومديرا للمعهد التقاني الطبي في جامعة حلب، وكان يشغل قبل تكليفه رئيسا للحكومة، عمادة كلية الطب البشري في جامعة حلب التي تعمل في المناطق المحررة.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.