مسؤول البنتاغون وخبراء أميركيون يرجحون سقوط الطائرة بسبب حادث إرهابي

أميركا تعزز إجراءات الأمن في مطار لوس أنجليس.. وتبحث في هويات الضحايا للبحث عن مشتبهين * اشتباك سياسي بين ترامب وكلينتون حول مكافحة الإرهاب

أهالي وأصدقاء ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة يواسون بعضهم بعضاً بعد الصلاة في جامع أبو بكر الصديق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
أهالي وأصدقاء ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة يواسون بعضهم بعضاً بعد الصلاة في جامع أبو بكر الصديق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

مسؤول البنتاغون وخبراء أميركيون يرجحون سقوط الطائرة بسبب حادث إرهابي

أهالي وأصدقاء ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة يواسون بعضهم بعضاً بعد الصلاة في جامع أبو بكر الصديق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
أهالي وأصدقاء ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة يواسون بعضهم بعضاً بعد الصلاة في جامع أبو بكر الصديق في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

لا يزال الغموض يسيطر على أسباب سقوط طائرة مصر للطيران دون أي تفسير رسمي لسبب تحطم الطائرة، فيما رجح مسؤولو البنتاغون وخبراء مكافحة الإرهاب الأميركيون وجود هجوم إرهابي وراء إسقاط الطائرة.
وقال مايكل موريل المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: «هناك سلسلة متعددة من التحقيقات التي يمكن أن تساعد في تحديد ما إذا كان الحادث إرهابيا»، وقال لشبكة «سي بي إس نيوز» صباح أمس: «نبحث إذا كان هناك شخص على متن الرحلة له صلات بمنظمات إرهابية وما إذا كانت هناك مخططات داخل المنظمات الإرهابية أو قيامهم بالتهنئة حول الحادث وهذا هو ما تقوم به أجهزة الاستخبارات وعلى الجانب التحقيقي نبحث في حطام الطائرة عن بقايا قنبلة كما سيوضح العثور على الصندوق الأسود أسباب سقوط الطائرة». وأشار مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية إلى أنهم لا يستبعدون احتمالات عمل إرهابي وراء سقوط الطائرة.
وأشار خبير الطيران مايلز أوبراين لشبكة «سي إن إن» إلى أنه من الصعب تصور أي سيناريو لما حدث سوى أنه فعل متعمد، فيما أشار فيليب ماد مسؤول الاستخبارات الأميركية السابق لمكافحة الإرهاب إلى احتمالات تورط تنظيم داعش في هذا الحادث. فيما أكد مسؤولون أميركيون إجراء تحقيقات للنظر في خلفيات طاقم الطائرة وأعضاء الطاقم الأرضي وأي شخص كان لدية فرصة الوصول إلى الطائرة في مطار شارل ديغول في باريس. وقالت ديبورا هيرسمان النائبة السابقة للمجلس الوطني لسلامة الطيران إن المحققين يبحثون حطام الطائرة لتحديد مكان مقدمة وذيل وأجنحة الطائرة والتحقق مما إذا كانت هناك علامة على وقوع انفجار. وأوضح مسؤولون أن النظرية الأولية لسقوط الطائرة هي انفجار قنبلة لكنهم أشاروا إلى أن هذه النظرية يمكن أن تتغير حيث لا يوجد دليل دامغ حتى الآن.
ويجري البحث عن الصندوق الأسود للطائرة الذي يسجل المحادثات في قمرة القيادة ويسجل المعلومات التقنية مما يوفر معلومات حول ما حدث لكن تشير السلطات إلى أن انتشال الصندوق من قاع البحر المتوسط بعمق يصل إلى أكثر من 11 ألف قدم سيكون عملية شاقة وتستغرق وقتا طويلا. وتقدمت عدة أجهزة غربية بتفسيرات ترجح تورط عناصر إرهابية في إسقاط الطائرة. وقد أشار البيت الأبيض أول من أمس (الخميس) إلى أنه من السابق لأوانه إقرار الأسباب وراء تحطم الطائرة، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي ومستشاريه لمكافحة الإرهاب يتابعون سير التحقيقات والوضع عن كثب، وأن وزارة الدفاع الأميركية أرسلت دوريات بحرية وطائرات استطلاع للمساعدة في عمليات البحث عن حطام الطائرة.
ومن لحظات الإعلان عن اختفاء الطائرة، ركزت وسائل الإعلام الأميركية تغطياتها الإخبارية حول الطائرة وقدمت التحليلات واستضافت الكثير من الخبراء، ومالت بعض التقارير إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الإجراءات الأمنية المصرية وعدم كفاية معدات الفحص للمسافرين. وأشارت وسائل الإعلام إلى سقوط الطائرة الروسية في رحلتها من مطار شرم الشيخ إلى موسكو والتي تبين لاحقا أن سبب سقوطها هو قنبلة تم وضعها على متن الطائرة قبل إقلاعها، إضافة إلى حادث قيام مختل عقلي باختطاف طائرة مصرية كانت متوجهة من الإسكندرية إلى القاهرة والتوجه بها إلى قبرص في شهر مارس (آذار) الماضي. فيما أشارت تقارير أخرى إلى احتمالات وجود رابط بين هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وهجمات بروكسل في مارس الماضي وبين احتمالات أن يكون وراء سقوط الطائرة المصرية مخطط إرهابي قام به جماعة إرهابية مثل «داعش» وغيرها من الجماعات، خاصة أن سلطات مطار شارل ديغول الفرنسي قامت بطرد 70 شخصا من العاملين بالمطار بعد الاشتباه في انتماءاتهم وميولهم لجماعات متطرفة.
وأشار محللون إلى أن خط سير الطائرة يثير القلق حيث أقلعت الطائرة في رحلات ذهاب وإيابا من القاهرة إلى أسمرة بإريتريا ثم من القاهرة إلى تونس قبل أن تقلع من القاهرة إلى باريس وتسقط في رحلة العودة. وأعرب مسؤولون أميركيون وأوروبيون عن مخاوفهم بشأن الثغرات الأمنية في تلك المطارات. ويبحث المحللون عن أسباب قيام الطائرة بانحرافات مفاجئة بعد فترة وجيزة من دخولها المجال الجوي المصري حيث انخفضت من ارتفاع 37 ألف قدم إلى 15 ألف قدم بعد قيامها بدورة 360 درجة في حلقة دائرية كاملة قبل أن تختفي من على شاشات أجهزة الرادار. بينما يستمر اتجاه المحللين وخبراء الطيران والمشرعين الأميركيين في الاعتقاد بأن الحادث هو عمل إرهابي، رغم عدم إعلان أي جماعة إرهابية عن مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة. وقال جون ميلر رئيس شرطة نيويورك لمكافحة الإرهاب لشبكة «سي بي إس» الأميركية إنه من شبه المؤكد أن قنبلة تسببت في إسقاط الطائرة، مشيرا إلى أن المحققين بدوا في فحص بقايا الطائرة بحثا عن أدلة على متفجرات مع التحقق من خلفيات المسافرين على متن الطائرة ودراسة حركة اتصالاتهم خلال الأيام التي سبقت الحادث. في الوقت نفسه تزايدت المخاوف من وقوع حادث مشابه في المطارات الأميركية وزادت سلطات الطيران المدني وسلطات مكافحة الإرهاب من التعزيزات الأمنية في عدة مطارات أميركية أبرزها مطار لوس أنجليس LAX. ويقول مايك ماكول رئيس لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب إن الاحتمالات الأقرب أنه قد تم وضع قنبلة على متن رحلة الطائرة المصرية التي كانت متجهة من باريس إلى القاهرة. وأضاف: «أكبر قلقي أن مصر للطيران لديها رحلات إلى مطار جون كنيدي وطالما لدينا رحلات قادمة مباشرة إلى الولايات المتحدة أعتقد أن الأميركيين في خطر». وقد أدى الاختفاء المأساوي لطائرة مصر للطيران إلى انطلاق اشتباك سياسي عنيف بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون حول كيفية مكافحة الإرهاب وأيهما يصلح رئيسا للولايات المتحدة.
وكان المرشح الجمهوري ترامب الأسرع في إعلانه وصف حادث الطائرة بالحادث الإرهابي موجها أصابع الاتهام إلى الإسلام الراديكالي وقال: «إنه هجوم إرهابي آخر» وانتقد ضعف الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. فيما كانت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أكثر حذرا وطالبت بالانتظار حتى إعلان النتائج النهائية للتحقيقات وقالت: «التحقيقات ستحدد الأسباب لكن الحادث يسلط الضوء على التهديدات التي تواجهنا من الجماعات الإرهابية المنظمة». وأشارت إلى أن ترامب لا يملك خبرة بالسياسة الخارجية ولا يصلح لقيادة الولايات المتحدة.



مصر تؤكد أهمية حشد الدعم الإقليمي والدولي لخطة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر تؤكد أهمية حشد الدعم الإقليمي والدولي لخطة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)

أكدت مصر أهمية «حشد الدعم الإقليمي والدولي لضمان التنفيذ الفعال لخطة التعافي المبكر والإعمار في قطاع غزة»، وأشار وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى ضرورة «تثبيت اتفاق إنهاء الحرب بالقطاع».

وناقش عبد العاطي، في عدة اتصالات ولقاءات مع مسؤولين دوليين، بينهم نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، «ترتيبات بلاده لعقد المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية قطاع غزة»، إلى جانب «المشاورات الجارية بشأن قرار مجلس الأمن الخاص بالترتيبات الأمنية في قطاع غزة».

وبحث وزير الخارجية المصري، في اتصال هاتفي مع نائب الرئيس الفلسطيني، السبت، «المشاورات الجارية حول مشروع قرار مجلس الأمن والترتيبات الأمنية»، وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الجانبان «أهمية ضمان أن يسهم القرار في تثبيت إنهاء الحرب، وتهيئة الظروف لتحقيق سلام عادل وشامل يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة».

الأمر نفسه ناقشه وزير الخارجية المصري مع وزير العدل والشرطة السويسري، بيت يانس، في محادثات مشتركة بالقاهرة، وأشار إلى «جهود بلاده لتثبيت اتفاق شرم الشيخ للسلام، والتنفيذ الكامل لبنود الاتفاق بما يضمن وقف إطلاق النار بشكل دائم وتخفيف المعاناة الإنسانية عن سكان القطاع».

ووقّع قادة الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر في مدينة شرم الشيخ المصرية، الشهر الماضي، وثيقة اتفاق إنهاء الحرب في غزة الذي دعا إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين بين إسرائيل وحركة «حماس»، وذلك في القمة التي استضافتها مصر بحضور 31 من قادة وممثلي دول ومنظمات دولية.

محادثات وزير الخارجية المصري ووزير العدل والشرطة السويسري بالقاهرة (الخارجية المصرية)

كما ناقش عبد العاطي ونائب الرئيس الفلسطيني، «التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة»، وأكد «أهمية الدعم الإقليمي والدولي لضمان التنفيذ الفعال لخطة التعافي المبكر والإعمار»، حسب بيان «الخارجية المصرية».

والشهر الماضي، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «بلاده سوف تستضيف في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار قطاع غزة».

وتعمل القاهرة على تثبيت وقف إطلاق النار، والانتقال للمرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب، مع تهيئة المناخ لبدء خطة الإعمار في قطاع غزة، وفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تراهن على حشد حضور دولي وإقليمي وجهات ومنظمات مانحة لمؤتمر إعادة الإعمار، لضمان الخروج بنتائج إيجابية في هذا المسار».

ويرى فهمي أن «مصر تريد توفير مصادر للتمويل في مؤتمر إعادة الإعمار»، موضحاً أن «القاهرة تتمهل في تحديد موعد المؤتمر، لحين ضمان أكبر قدر من المشاركة الدولية ومن الجهات المانحة»، إلى جانب «تهيئة المناخ لبدء خطة الإعمار، من خلال تنفيذ المراحل التالية لخطة وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة بالقطاع».

فلسطينيون يستعيدون جثة من تحت أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

وكان الرئيس الأميركي طرح خطة سلام، من 20 بنداً، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وتهيئة المناخ لإعادة إعمار القطاع.

وباعتقاد رئيس «الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني»، صلاح عبد العاطي، أن «الاتصالات المصرية تستهدف مواجهة العراقيل الإسرائيلية لتعطيل تنفيذ خطة ترمب في غزة»، وأشار إلى «الجهود العربية التي تستهدف انسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها في القطاع، بما يعزز من فرص الاستجابة الإنسانية للفلسطينيين».

ووفق تقدير عبد العاطي، فإن عملية إعمار غزة «تحتاج إلى نحو 70 مليار دولار»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا يحتاج إلى جهود من منظمات دولية وإقليمية، إلى جانب الشراكة العربية والدولية لتوفير التمويل الكافي خلال مؤتمر إعادة الإعمار بالتنسيق مع الأمم المتحدة»، موضحاً أن «القاهرة تعوّل على تنسيق عربي وإقليمي ودولي لدفع مسارات التسوية الشاملة في قطاع غزة».

ويرى فهمي أن «القاهرة تعوّل على مجموعة من التحركات، من بينها قرار مجلس الأمن الدولي، وبدء تمكين لجنة الإسناد الدولية لإدارة قطاع غزة، والتنسيق العربي، من أجل بدء عملية إعادة الإعمار»، وقال إنه يجب أن تكون «عملية نزع سلاح حركة (حماس)، مقابل بدء مشروع الإعمار، وانسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها».


«قوة استقرار غزة»... هل تقود المشاورات الأممية لانفراجة؟

فلسطينيون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... هل تقود المشاورات الأممية لانفراجة؟

فلسطينيون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

متغير جديد تشهده المشاورات في مجلس الأمن، بشأن نشر «قوة استقرار في قطاع غزة»، تضمن تأييداً عربياً - إسلامياً لمشروع قرار أميركي، غداة طرح موسكو مشروعاً مماثلاً، وسط مخاوف من انهيار تلك الخطوة بـ«فيتو» من موسكو أو بكين.

ذلك التأييد الذي تلاه محادثات مصرية مع فلسطين وباكستان والولايات المتحدة بشأن مشروع القرار المنتظر أن يصوت عليه، الاثنين، يعتقد خبراء في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه سيبقى عالقاً بين انفراجة محتملة جراء التوافق العربي الإسلامي مع طرح واشنطن واحتمال استقطاب تأييد من روسيا، وانهيار محتمل بسبب رفض موسكو أي نفوذ لواشنطن ورغبة منها في استخدم الورقة كمساومة مستقبلية في ملف الأزمة الروسية - الأوكرانية.

وتشمل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتي لم تبدأ بعد، إنشاء قوة أمنية دولية في غزة، ونزع سلاح «حماس»، وانسحاباً إضافياً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتسمية إدارة للقطاع.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «المجموعة العربية - الإسلامية مالت لدعم مشروع القرار الأميركي باعتبار واشنطن القادرة على تنفيذ قرارها على الأرض والضغط على إسرائيل لتنفيذه»، مرجحاً أن «هناك رغبة أميركية متمسكة بالدفع بقوات على الأرض قريباً حتى لو دفعت بقوات متعددة الجنسيات حال استخدمت موسكو الفيتو».

وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في اتصالات هاتفية، السبت، مشروع القرار بشأن «قوة استقرار غزة»، مع نظيره الباكستاني، إسحاق دار، ونائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، وفق بيانين لـ«الخارجية المصرية».

وأعربت الولايات المتحدة، والسعودية، وقطر، ومصر، والإمارات، وإندونيسيا، وباكستان، والأردن، وتركيا في بيان مشترك، الجمعة، عن «دعمها المشترك» لمشروع القرار الأميركي الذي يعطي تفويضاً لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، مبدية أملها في اعتماده «سريعاً».

هذا الحراك يأتي قبل تصويت مجلس الأمن الدولي، الاثنين، على مشروع القرار الذي طرح لمناقشات قبل نحو أسبوع، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية، الجمعة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

طفلة فلسطينية تسير وسط الركام شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)

ويُخول القرار الدول الأعضاء، بحسب المصدر ذاته، تشكيل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تعمل مع إسرائيل، ومصر، والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثاً للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية، ونزع السلاح من قطاع غزة، وعلى عكس المسودات السابقة، يُشير هذا القرار إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية.

ويشير رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، إلى أن «مشروع القرار يواجه صعوبات، وأتمنى ألا يكرس في تقسيم القطاع»، لافتاً إلى أن المشروع الأميركي عقب تعديلات عليه تضمنت المضي في مسار سياسي لقيام الدولة الفلسطينية شجع الدول العربية على التوافق حوله.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن موقف المجموعة العربية - الإسلامية الداعم لمشروع القرار الأميركي رغم وجود مشروع روسي ينبئ عن احتمال حدوث تفاهمات وتعديلات كان من بينها الإشارة لمحادثات مستقبلية بشأن الدولة الفلسطينية، معتبراً هذه الخطوة تحمل انفراجة حذرة، خاصة أن الفيتو الروسي لا يزال محتملاً بالمواجهة.

ويتحدى هذا المشروع الأميركي، آخر روسياً منافساً وزع، الخميس، على أعضاء مجلس الأمن، لا ينص على إنشاء مجلس سلام، أو الانتشار الفوري لقوة دولية في غزة، وفقاً للنص الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة. ورحب المشروع الروسي «بالمبادرة التي أدت إلى وقف إطلاق النار».

ويدعو مشروع القرار الروسي الأمين العام للأمم المتحدة إلى «تحديد خيارات لتنفيذ بنود» خطة السلام، وتقديم تقرير على الفور يتناول أيضاً إمكانات نشر قوة استقرار دولية في غزة.

فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وكتب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، في صحيفة «واشنطن بوست» أن «أي رفض لدعم هذا القرار هو تصويت لاستمرار حكم (حماس)، أو للعودة إلى الحرب مع إسرائيل، ما يحكم على المنطقة وشعبها البقاء في نزاع دائم». وأضاف: «أي انحراف عن هذا المسار، سواء كان من جانب أولئك الذين يرغبون في ممارسة ألعاب سياسية، أو إعادة إحياء الماضي، سيأتي بتكلفة بشرية حقيقية».

وقد لا تأتي العراقيل من «فيتو» روسي فحسب، فوفقاً لما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة، فإن أبرز البنود التي تثير مخاوف إسرائيل في المسودة الجديدة تتمحور حول تضمين تمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، والدور الموسع للأمم المتحدة في الإشراف على توزيع المساعدات، وتوسيع صلاحيات «هيئة الحكم الانتقالية» المزمع تشكيلها لإدارة القطاع.

ويحتاج القرار في مجلس الأمن إلى 9 أصوات مؤيدة على الأقل، وعدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حقّ النقض (الفيتو) ليتسنى اعتماده.

ويرى العرابي أن المشروع الروسي الأكثر ملائمة للتطلعات الفلسطينية لكنه في النهاية لا يستطيع فرض شيء على إسرائيل في التنفيذ، متوقعاً أنه رغم الرغبة في صدور تفويض أممي قد تستخدم روسيا الفيتو، وتمتنع الصين عن التصويت في إطار المناكفات الدولية مع واشنطن، وأن تتجه أميركا لنشر قوات متعددة الجنسيات، وهذا يتماشى مع رغبة إسرائيل التي لا تقبل بتنفيذ قرارات أممية.

ويتوقع الرقب أنه حال أصرت موسكو على الفيتو لمنع أي نفوذ أميركي بالمنطقة أو استخدام المشروع كورقة مساومة مستقبلية في أزمة أوكرانيا، وواشنطن، ستذهب فوراً لإنشاء قوات متعددة الجنسيات دون شرعية من مجلس الأمن.


الانتخابات النيابية أمام تسوية بترحيلها لشهرين.. والاغتراب يقترع من لبنان

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
TT

الانتخابات النيابية أمام تسوية بترحيلها لشهرين.. والاغتراب يقترع من لبنان

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

إصرار رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون، كما رئيسي المجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام، على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2026، لا يعني بالضرورة أن الطريق سالكة سياسياً أمام إنجازها بلا أي تأخير في ظل تصاعد وتيرة «الكباش السياسي» بين بري وخصومه الذين يأخذون عليه رفضه إدراج اقتراح القانون الذي تقدّموا به على جدول أعمال الجلسة التشريعية، ويقضي بشطب المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب بما يسمح للمنتشرين اللبنانيين في الاغتراب بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً.

الرئيس جوزيف عون يتوسط رئيسَي الحكومة نواف سلام والبرلمان نبيه بري (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

فقد أحال برّي اقتراحهم إلى اللجنة النيابية الفرعية المكلفة بدراسة الاقتراحات الخاصة بقوانين الانتخاب، وهذا ما سينسحب، كما يقول مصدر نيابي بارز، على مشروع القانون الذي أعدته الحكومة، في هذا الخصوص، فور إحالته إلى رئاسة المجلس.

وتوقع المصدر النيابي أن تصل اقتراحات القوانين المتعلقة بالتعديلات المقترحة على قانون الانتخاب إلى أكثر من 14 اقتراحاً، إضافةً إلى اقتراح مشروع القانون الذي أعدته الحكومة ولم ترفعه حتى الساعة إلى رئاسة المجلس ريثما تكتمل توقيعات الوزراء المعنيين عليه. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان يقف حالياً أمام زحمة اقتراحات قوانين. وكشف عن أن كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري تقدّمت بأكثر من اقتراح قانون، أبرزها الذي تقدم به المعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل.

ولفت إلى أن اقتراحه فاجأ النواب، ويقضي بخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة واعتماد المحافظة دائرة انتخابية، وصوتين تفضيليين بدلاً من واحد. وقال إنه يدعو لتقسيم الدوائر إلى 9 أسوةً بعدد المحافظات، لتصحيح الخلل الناجم عن تقسيمها إلى 15 دائرة تفتقر لتحقيق التوازن في توزيع أصوات الناخبين.

وأكد المصدر أن السجال بدأ يشتد مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها، في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، والخارجية والمغتربين يوسف رجي، للمنتشرين اللبنانيين في الاغتراب لتسجيل أسمائهم والاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، خصوصاً أن نسبة التسجيل ما زالت متدنية قياساً إلى حجم التسجيل في الانتخابات الأخيرة، ويكمن السبب في الغموض الذي يكتنف القانون الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات وسبّب إرباكاً حول الآلية التي ستُعتمد لاقتراعهم.

وقال المصدر إنه لا مجال أمام تمديد المهلة، مما دفع بالوزير رجي، في الجلسة الأخيرة للحكومة، إلى المطالبة بتمديدها حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وقوبل بمعارضة من وزراء «الثنائي الشيعي»؛ أي «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها برِّي بذريعة أن تمديدها بحاجة إلى تعديل القانون، ولن يتم بقرار صادر عن مجلس الوزراء، وإلا سيلقى الطعن أمام المجلس الدستوري.

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)

ورأى المصدر أن تبادل الحملات بلغ ذروته في غياب المحاولات للتوفيق بين الكتل النيابية حول التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب لتسهيل إنجاز الاستحقاق النيابي في موعده، بدلاً من تأجيل إتمامه لشهرين، فيما التمديد للبرلمان يلقى معارضة من المجتمع الدولي، ولا يحظى بغطاء سياسي من عون كونه يشكل أول محطة لإعادة تكوين السلطة من وجهة نظر أصدقاء لبنان لإحداث تغيير في ميزان القوى يأخذ بالتحولات التي حصلت في الإقليم، وتبدُّل ميزان القوى في الداخل لمصلحة الفريق المناوئ لمحور الممانعة بعد أن أقحم «حزب الله» بإسناده لغزة، لبنان، في مواجهة غير محسوبة مع إسرائيل.

وأكد أن «الثنائي الشيعي» يخوض معركته النيابية على أساس «قاتل أو مقتول» بالمفهوم السياسي للكلمة، في ظل الاستعصاء الذي يمنع حتى الساعة التوصل إلى تسوية تضع حداً للرهان على التمديد للبرلمان.

ولفت إلى أن «الثنائي» يراهن على انقضاء المهل بما يسمح بإعادة الاعتبار لقانون الانتخاب النافذ حالياً، كما يطالب به بري برفضه إحالة اقتراح القانون الذي تقدمت به الأكثرية النيابية إلى الهيئة العامة. والموقف نفسه ينسحب على مشروع القانون الذي أعدته الحكومة. لكن القانون النافذ، حسب المصدر النيابي، بحاجة إلى تعديل، في ضوء امتناع الحكومة عن إصدار المراسيم التطبيقية لتنفيذ بعض بنوده التي ما زالت عالقة، ورميها كرة النار في حضن البرلمان، وبذلك تكون أعفت نفسها من الضغوط التي تطالبها بالتدخل لإخراج القانون من التجاذبات التي تحاصره، وبالتالي لن تُعقد جلسة تشريعية لإقرار التعديلات المطلوبة ما لم يتم الاتفاق عليها مسبقاً لقطع الطريق على خصوم «الثنائي» من الإفادة من انعقادها لإعادة طرح اقتراحهم الخاص بالتعديلات الذي سيلقى تأييداً من الأكثرية النيابية، مما يشكل إحراجاً له.

ويبقى السؤال: هل القانون النافذ بعد تعديله كأمر واقع، هو الحل لإنقاذ الاستحقاق النيابي وإخراجه من التأزم، أم أن الأبواب أمام التوافق ما زالت مقفلة بما يسمح لتأجيل إنجازه أو التمديد للبرلمان بأن يتقدم على ما عداه، مما يضع لبنان أمام مساءلة دولية، ويشكل انتكاسة للعهد مع اقتراب إتمام عون عامه الأول في الرئاسة؟ رغم أن المصدر النيابي بدأ يلمس اهتمام بعض السفراء المعتمدين لدى لبنان ومعظم الموفدين إلى بيروت، وأنهم بدأوا يركّزون على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة كأولوية، ونادراً ما يتحدثون عن ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها باعتبار أنه لا مفر من إتمامها.

في هذا السياق، أكد المصدر أن التسوية في حال جرى التوافق عليها لإنجاز الاستحقاق النيابي، تقضي بتعديل القانون الناجز بتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة، وبصرف النظر عن تخصيص 6 مقاعد نيابية لتمثيل المنتشرين، على أن يمارسوا حقهم في الاقتراع بالمجيء إلى لبنان في ظل الحديث عن ترحيل إتمامه لشهرين مع حلول فصل الصيف، لما لحضورهم من دور في تحريك العجلة الاقتصادية بتنشيط السياحة الصيفية. وكشف عن أن تأجيل الانتخابات لشهرين قد يكون المَخرج، لعله يتزامن مع تحقيق خطوات ملموسة لتطبيق حصرية السلاح، وإلا فإن «الكباش السياسي» سيتصاعد فيما «الثنائي الشيعي» يتمسك بموقفه ولن يبدّله.

وعليه فإن التسوية تبقى معلّقة على التوافق بين الأضداد، وإلا فإن لبنان سيتعرض لضغوط دولية هو في غنى عنها، فيما يصر الرئيس عون ومعه الحكومة على حشر الجميع لعلهم يتوصلون إلى قناعة بأن التسوية وحدها هي الحل لإنجاز الاستحقاق النيابي.