الأمم المتحدة تشيد بجهود السعودية الإغاثية في اليمن

مدير العمليات الإنسانية نفى أن معونتها كانت «مشروطة بأمر سياسي»

طفل يمني في أحد أحياء صنعاء القديمة.. والنداء الذي وجهته الأمم المتحدة لجمع مليار و800 مليون دولار لتغطية حاجات 13 مليون يمني لم تتم تلبيته إلا بنسبة 16 في المائة (أ.ف.ب)
طفل يمني في أحد أحياء صنعاء القديمة.. والنداء الذي وجهته الأمم المتحدة لجمع مليار و800 مليون دولار لتغطية حاجات 13 مليون يمني لم تتم تلبيته إلا بنسبة 16 في المائة (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تشيد بجهود السعودية الإغاثية في اليمن

طفل يمني في أحد أحياء صنعاء القديمة.. والنداء الذي وجهته الأمم المتحدة لجمع مليار و800 مليون دولار لتغطية حاجات 13 مليون يمني لم تتم تلبيته إلا بنسبة 16 في المائة (أ.ف.ب)
طفل يمني في أحد أحياء صنعاء القديمة.. والنداء الذي وجهته الأمم المتحدة لجمع مليار و800 مليون دولار لتغطية حاجات 13 مليون يمني لم تتم تلبيته إلا بنسبة 16 في المائة (أ.ف.ب)

أشاد مدير العمليات الإنسانية بالأمم المتحدة، جون غينغ بالدور الإنساني الذي تلعبه السعودية في اليمن، مستعرضًا الجهود التي يقوم بها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والحكومة السعودية، من أجل تخفيف معاناة الشعب اليمني التي وصفها بأنها «مؤسفة».
وقال المسؤول الأممي، خلال مؤتمر صحافي شاركت فيه «الشرق الأوسط» بمقر الأمم المتحدة إن السعودية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تقدم الخدمات لكثير من المحتاجين اليمنيين في كل أنحاء اليمن، مشيرًا إلى «التبرع السخي الذي قدمته المملكة العام الماضي للأمم المتحدة لدعم عملياتها الإنسانية في اليمن». وقال إننا نرحب بالمساهمات السعودية الكبيرة للمناطق المحتاجة باليمن، فهي تقدم كثيرًا من تلك المساعدات عن طريق المنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن.
وقال غينغ إنه زار صنعاء وعمران، والتقى هناك بالمسؤولين من أصحاب المصلحة والسلطات المحلية، وقال إن زيارته التي استمرت ثلاثة أيام رافقه فيها ممثلان لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي هما مدير الطوارئ في المنظمة، ريك برينان، ونائب مدير الطوارئ لبرنامج الأغذية العالمي، جيان كارلو تشيري. وقال إن الجميع هناك قالوا للوفد الأممي إن الشعب اليمني لم «يحصل على الاهتمام العالمي الذي يستحقه».
وقال غينغ: «على العلم أن ما يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة لا يخضع لولاية الأمم المتحدة باليمن، فإنني لمست خلال زيارتي أثر تلك المساعدات الإنسانية التي تقدمها السعودية في صنعاء، فالمساعدات السعودية تصل إلى كل مكان بما في ذلك صنعاء وتعز، ولا تقتصر على مناطق معينة».
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الأمم المتحدة تعمل «على تغطية كل أرجاء اليمن» بالمساعدات، وأن ما تقوم به السعودية في هذا المجال واضح وإيجابي.
ورفض غينغ أن تكون المنحة المقدمة لليمن من السعودية العام الماضي تتعارض مع مبادئ الدائرة الإنسانية بالأمم المتحدة، كون السعودية تقود التحالف لاسترداد الشرعية في اليمن. وقال إن الشؤون الإنسانية تلقت مساعدات مالية من بعض أعضاء الأمم المتحدة، التي كانت طرفًا أو لها مشاركة بشكل ما في العراق وأفغانستان (وهنا يقصد الولايات المتحدة والدول الأوروبية). وتابع: «لم تطلب السعودية أن تكون معونتها لليمن التي بلغت العام الماضي 245 مليون دولار مشروطة بأمر سياسي أو غيره».
وأضاف أن السعودية في مساهماتها الكثيرة للأمم المتحدة، تتماشى مع المعايير والقواعد الدولية. وأعرب عن أمنياته أن تقوم الدول الخليجية، بما فيها السعودية، بالتبرع بسخاء إلى الأزمة الإنسانية في اليمن، كون العجز في الميزانية الحالية ناتجًا عن ذلك.
وفي هذا الصدد، كشف غينغ أن الأمم المتحدة ستناقش العجز المالي خلال القمة الإنسانية التي ستعقد هذا الشهر في إسطنبول التركية، مشيرًا إلى «النقص الفادح في تمويل المساعدة الإنسانية في اليمن، فالنداء الذي وجهته الأمم المتحدة لجمع مليار و800 مليون دولار لتغطية حاجات 13 مليون يمني لم تتم تلبيته إلا بنسبة 16 في المائة».
وقال غينغ إن هناك 300 ألف تأثروا بالوضع في مدينة عمران التي زارها أيضًا، مشيرًا كذلك إلى الفيضانات التي أثرت في تردي الأوضاع في المدينة. وقال إنه قام بزيارة إلى مصنع الإسمنت الذي قيل إنه تعرض لغارات جوية من قوات التحالف، حيث أدى إلى تسريح أكثر من 1500 عامل في المصنع. وقال إنه خلال زيارته إلى عمران، لم يتطرق أي من المسؤولين من أي طرف كان، أو من المدنيين ومنظمات المجتمع المدني، على الإطلاق لمزاعم تشير إلى تعرض مواقع للحوثيين أخيرًا إلى غارات من قوات التحالف.
ووصف المسؤول الأممي الوضع في اليمن بأنه من سيئ إلى أسوأ، مشيرًا إلى أن الوضع الإنساني في اليمن كان في الأساس رديئًا بسبب «سنوات من الفقر وسوء الإدارة وعدم الاستقرار»، إلا أن الوضع ازداد صعوبة بسبب الصراع الذي بدأ في منتصف مارس (آذار) عام 2015. وحسب الأمم المتحدة هناك ما يقرب من 2.5 مليون نازح في كل أنحاء اليمن، وأن الشعب اليمني بحاجة إلى حماية وغذاء وصحة ومأوى. وفي هذا الصدد أشار المسؤول الأممي إلى أن الناس يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها بسبب محدودية حتى معظم الإمدادات الطبية الأساسية، وأن كثيرًا منهم لا تتوفر لهم المياه الصالحة للشرب بشكل مستمر.
وقال إن الناس في اليمن قالوا له حرفيًا: «أين الإنسانية؟ لماذا تجاهلتنا الأسرة الدولية والعالم الغني في محنتنا»؟ وأشار إلى أن هناك 56 ألف طفل يعانون من نقص الغذاء الحاد، وهو الأمر الذي يتطلب تدخلاً طبيًا عاجلاً. وعن قطاع التعليم، قال إن وزارة التعليم اليمنية أفادت بأن مليون طالب لم يتمكنوا من الالتحاق بمدارسهم، ووصف مثل هذا الوضع بـ«الخطير».
وحول فرض قوات التحالف بقيادة السعودية حصارًا يؤدي إلى تفتيش السفن التجارية المقبلة إلى الموانئ اليمنية، رحب غينغ بما يعرف بآلية المراقبة والتفتيش على السفن التجارية التي تصل إلى الموانئ اليمنية (مقر الآلية في جيبوتي)، مشيرًا إلى أن الآلية مهمة وتعمل بشكل سريع وهدفها تسهيل وصول الإمدادات التجارية إلى الأسواق اليمنية.
وفارق غينغ بين السفن التي تحمل مواد ومساعدات إنسانية وطبية تحت رعاية الأمم المتحدة، التي لا خلاف عليها، وبين تلك السفن التجارية التي تحمل مواد يستوردها التجار في اليمن، حيث يعتمد اليمن كدولة على كثير من الواردات. وأوضح أن الآلية هامة كونها تتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي، الذي فرض عقوبات على اليمن، تخوفًا من استيراد الأسلحة، موضحًا أن على الموردين إخطار آلية التفتيش بموعد وصول سفنهم إلى المياه الإقليمية اليمنية والحصول على الأذون اللازمة. وتابع أن «هدف الآلية التسريع في وصول المواد».
ودعا غينغ الأطراف المتحاربة إلى «تحديد أولويات حماية المدنيين وتلبية الاحتياجات المدنية، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق من خلال رفع الحصار»، لا سيما في محافظات تعز وحجة وصعدة وعدن والجوف. وأنهى كلامه بالقول إن «الحرب في اليمن لا معنى لها».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».