العلاقة بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تتصدر حوار «نقاش ـ تاغ»

أولى حلقات البرنامج التفاعلي تشهد مشاركة واسعة بين المغردين

شعار البرنامج
شعار البرنامج
TT

العلاقة بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تتصدر حوار «نقاش ـ تاغ»

شعار البرنامج
شعار البرنامج

نظمت قناة سكاي نيوز عربية مساء أول من أمس وبالشراكة مع «تويتر» الشرق الأوسط أولى حلقات البرنامج التفاعلي «نقاش تاغ» على منصة «تويتر»، والتي ناقشت العلاقة بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، والمتغيرات التي استجدت في الساحة الإعلامية العربية مع دخول المنصات الجديدة.
واستضافت الحلقة التي أدارها الإعلامي ومقدم البرامج في سكاي نيوز عربية فيصل بن حريز، كلاً من سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط»، والدكتور عمار بكار الرئيس التنفيذي لمجموعة نعم للإعلام الرقمي (Digital 2 Yes)، وكندة إبراهيم مديرة الشراكات الإعلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «تويتر»، ونارت بوران الرئيس التنفيذي لسكاي نيوز عربية، وناقشت موضوع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الإعلام التقليدي.
من جانبه، قال سلمان الدوسري رئيس تحرير «الشرق الأوسط» إن مصطلح الإعلام التقليدي ليس بالدقيق، متسائلاً عن الصحف التي ليس لديها موقع إلكتروني وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن وسيلة الإعلام التي لا تتناغم مع التقنية وتستغلها لتطور أدواتها تحكم على نفسها بالموت البطيء.
وأضاف: «التحدي الحقيقي يكمن في كيفية استخدام المنصات كافة لتسويق المحتوى المتميز الذي تصنعه الوسيلة الإعلامية، فوسائل التواصل الاجتماعي كالكنز لوسائل الإعلام، فبعد أن كان انتشارها محدودا أضحى يصل لمئات الآلاف بل للملايين؛ حيث تكمن إيجابيات هذه الوسائل بأن فتحت آفاقا ومنحت حرية غير مسبوق لكنها لا تحتكم للقانون إلا نادرًا، وهي حتى الآن وسيلة لنقل الخبر والتفاعل وليست مصدرا له، ونحن كوسيلة إعلامية لدينا محاذيرنا في التنبه لعدم مصداقية كثير مما يتداول ربما المتابع العادي هو من يقع ضحية لذلك».
وأكد نارت بوران في تغريداته على موضوع العلاقة بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي هي علاقة تكاملية، حيث إن هذه المنصات تزيد من أهمية الإعلام، مشيرًا إلى أن ليس ثمة ما يدعى بالإعلام الجديد أو القديم، فالإعلام ذاته لم يتغير وإنما تجددت الأدوات والنواقل.
بالحديث عن سلبيات وإيجابيات منصات التواصل الاجتماعي قال بوران: «تكمن الإيجابيات في سرعة الوصول إلى المعلومة، وإلغاء العوائق الجغرافية والمسافات، وإظهار الوجه الاجتماعي أو الإنساني للأحداث. في حين أرى أن سلبيات هذه الوسائل تكمن بالتعامل معها كمصدر موثوق للمعلومة؛ وتوظيف أدواتها لنشر الشائعات أو بث الكراهية والفتن والتعصب. بالإضافة إلى استخدام هذه المنصات لممارسة اسميتها في وقت سابق (غسيل الأخبار) من خلال اختلاق إشاعات والتعامل معها كحقائق».
من جهتها قالت كندة إبراهيم إن طريقة تناقل الخبر عبر منصات التواصل الاجتماعي وعلى وجه الخصوص عبر «تويتر» والسهولة بالاستخدام التي يتم توفيرها للمتابعين من مثل إعادة التغريد وسرعة اكتشاف أكثر المواضيع تداولا عبر وسوم الهاشتاغ #، جميعها أساليب عززت من انتشار الخبر فأصبح العالم في متناول هؤلاء المستخدمين.
وقالت في هذا السياق: «التغريد لا يتطلب سوى توفر هاتف محمول واتصال بالإنترنت، بحيث أصبح عدد كبير من وسائل الإعلام التقليدية الآن يعتمد على (تويتر) لمعرفة الأخبار بأنواعها كافة وخصوصا العاجل منها». وأضافت إبراهيم: «وفر (تويتر) كثيرا من الأدوات للصحافيين ووسائل الإعلام التي تساعدهم على تطوير أدائهم وتقديم تغطية صحافية حية وإبداعية، وذلك باستخدام الوسائط المتعددة التي باتت الصناعة الصحافية الرقمية تعتمد عليها بشكل أساسي، ومنها Periscope وTwitter Curator وTweetDeck».
وتعتقد إبراهيم أن ما يطلق عليه سلبيات منصات التواصل الاجتماعي، هي فرص للتطوير في «تويتر» وجعل التطبيق أكثر انتشارًا وأسهل استخدامًا، حيث يتم التركيز على التطوير في مجال الفيديو المباشر، التصفح بأمان، التعاون مع صناع المحتوى ومطوري التكنولوجيا.
من جهته، قال الدكتور عمار بكار إن وسائل التواصل الاجتماعي تتميز عن الإعلام التقليدي كونها ذات تفاعلية عالية جدًا خلال لحظات، وتعمل على إنشاء حوارات جماعية تضم أعدادا كبيرة من المشاركين، كما أن هذه الوسائل تعطي القوة لأي فرد من الجمهور ليصبح وسيلة إعلامية مستقلة. وأشار بكار إلى أن تزايد الإقبال على هذه الوسائل وتنوع أدواتها سيزيد من سلبيات هذه الوسائل التي لا سبيل في تجنبها والتغلب عليها إلا في حال تكثيف التعليم وحملات التوعية.
وأضاف: «في العالم العربي ما زال جهد التعليم والتوعية الإيجابية عن الشبكات الاجتماعية محدودا جدا مقارنة بالغرب للأسف، حيث نعمل على استهلاك التكنولوجيا لا المساهمة في تطورها، كما أن شركاتنا الناشئة ليس لها دعم، ونسبة التعليم والقراءة محدودة، أضف لذلك أن سوقنا الإعلانية صغيرة جدًا مقارنة بالغرب، وهذا يمنع نجاح معظم مشاريع الإعلام الرقمي».
وأشار إلى أن التطور الذي تشهده صناعة الإعلام ككل ستنتج عن اندماج الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي تدريجيًا بحيث يستفيد كل منهما من قوة الآخر وميزاته، ليبقى الرابح هو الجمهور.
وحظيت الندوة بمشاركة كثير من الأسماء الإعلامية المعروفة في الوطن العربي والعالم، حيث قدم المغردون آراءهم وأفكارهم حول مستقبل العمل الإعلامي في عصر السوشيال ميديا، وامتد النقاش لساعات بعد انتهاء الحلقة التي استمرت نحو 90 دقيقة بمشاركة وتفاعل المئات من المغردين.
يذكر أن برنامج «نقاش_تاغ» يجمع أبرز المؤثرين في مجالاتهم عبر منصة «تويتر» في حوار شهري، من خلال مشاركتهم بتغريدات نصية ومصورة ضمن معايير محددة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».