مشاعر من الفخر والفرح ترافق شرطية المرور ملازم أول آلاء علي شلتاغ في عملها وهي تمسك بصفارة التنبيه، وتنظم السير في أحد تقاطعات العاصمة العراقية (بغداد) المزدحمة بحركة السيارات والمشاة معًا.
وعلى الرغم من نظرات الاستغراب التي تتلقاها آلاء (32 عاما) من الناس، فإنها تواصل عملها بحزم كأي شرطي مرور، وتصف تجربتها التي بدأت منذ عام ونصف تقريبا بأنها ناجحة 100 في المائة.
آلاء، أو كما تحب أن يناديها زملاؤها وزميلاتها «سيدي» أو «ملازم أول»، تعتز برتبة الضابط التي حصلت عليها. وعشقها لمهنتها جعلها تترك المحاماة التي عملت بها لمدة سنتين بعد تخرجها من كلية الحقوق، وتوجهت إلى الدراسة في المعهد العالي للتطوير الأمني لمدة تسعة أشهر، لتتخرج برتبة ضابطة بمرسوم جمهوري، إلى جانب نحو 30 شرطية عراقية.
والمعروف أن العراق من البلدان العربية الأولى التي منحت الفرصة للمرأة لتنظيم السير في شوارعها، وذلك في مطلع سبعينات القرن الماضي، وزج بالشرطيات للدراسة في كلية الشرطة، لكن التجربة لم تستمر، وانزوت الشرطيات لمزاولة مهام إدارية داخل مكاتب المرور فقط، لتعود مرة أخرى منذ نحو سنتين بتشجيع من مدير المرور العام.
تقول آلاء، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «زوجي شجعني كثيرًا لتحقيق حلمي، وعلى الرغم من نظرات الناس واستغرابهم (وحتى ضحكاتهم) وهم يرون امرأة تعمل شرطية في الشارع، فإنها تحفزني للمواصلة، وقد لمست من الجميع تشجيعًا لعملنا الذي اعتبره تحديًا جديدًا لكل العادات والتقاليد التي تحد من عمل المرأة ومشاركتها للرجل في العمل».
وأضافت آلاء: «وجود المرأة في الشارع يعطني انطباعا بالأمن أكثر، ونلمس ذلك من خلال تجاوب الجميع مع ملاحظاتنا لهم وتوجيههم بأهمية الالتزام بقوانين السير والمرور، والابتعاد عن استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، وهي أكثر مخالفة نواجهها اليوم في الشارع، ولها تأثير في زيادة عدد الحوادث المرورية».
وبشأن استقبال زملائها الرجال لعملها ورتبتها العسكرية، قالت: «لمست التشجيع من الجميع، عدا الرجال من الرتب العسكرية الأعلى، لأنهم يخشون منافسة المرأة لمراتبهم!».
أما زميلتها، ملازم أول رشا محمد، فقالت: «نزلت للشارع للعمل الحقيقي، تحديدًا في تقاطع شارع فلسطين وساحة الفارس العربي (أحد الشوارع المزدحمة وسط العاصمة بغداد)، لكننا وزميلاتي لم نواجه صعوبة تذكر، خاصة وقد رافقنا المدير العام وبعض الزملاء من رجال شرطة المرور»،مضيفة: «لمست فرحة الناس، خصوصا من النساء وهن يوجهن لنا التحية في الشارع، ويحرصن على الالتزام بقوانين المرور».
وبشأن التحرش، أو المضايقات التي تعرضت لها، وردود أفعال الأهل، قالت: «ذلك يحصل نادرًا، أقصد ظاهرة التحرش والمضايقة، وهذا ما شجع زميلاتي على الانخراط في سلك الشرطة». وبشأن تقبل الناس لمهنتها، تقول: «إن ذلك يبدو متباينًا بين المتحمس للفكرة والرافض لها تمامًا بحكم أننا نعيش في مجتمع محافظ وعشائري».
وحول الأكثر مخالفة لتعليمات المرور من الرجال والنساء، قالت رشا إن المشاهدات الميدانية أثبتت أن «الرجل يسجل مخالفات على نحو أكثر من المرأة في قيادة المركبة».
من جانبه، يقول المتحدث باسم مديرية المرور العامة، العميد عمار وليد: «أثبتت التجربة نجاحها، وتقبل الناس لمهنة شرطية المرور، على الرغم من قلة عدد الشرطيات وضابطات المرور، إذ بلغ عددهن حتى الآن (30) شرطية في جانبي الكرخ والرصافة، وما زلنا نتلقى الطلبات بشأن الانخراط في هذه التجربة التي أضافت للمرأة قوة على المواجهة، واطمئنانًا في الشارع، وذلك أفضل من انزوائهن في مكاتب المرور الإدارية».
ولفت يقول: «حالة الذهول ما زالت تعتري الناس عندما يشاهدون شرطية المرور أو ضابطة مرور في الشارع، بسبب قلة عددهن وحداثة التجربة، لكننا نسعى لمواكبة التطور الحاصل في البلدان الأخرى».
وبشأن شروط الاختيار، قال: «الشروط هي ذاتها الشروط التي تُحدد اختيار الذكور، منها أن لا يزيد عمرهن عن ست وعشرين عامًا».
30 عراقية يلتحقن بالشرطة رغم النقد ونظرات الاستغراب
إحداهن تركت المحاماة لتخوض تحدي نشر الأمن في شوارع بغداد
30 عراقية يلتحقن بالشرطة رغم النقد ونظرات الاستغراب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة