البنتاغون: لا أسرى داعشيين إلى غوانتانامو

ردًا على قلق الصليب الأحمر و«هيومان رايتس ووتش»

القوات العراقية تعتقل شخصين يعتقد أنهما ينتميان إلى «داعش» (نيويورك تايمز)
القوات العراقية تعتقل شخصين يعتقد أنهما ينتميان إلى «داعش» (نيويورك تايمز)
TT

البنتاغون: لا أسرى داعشيين إلى غوانتانامو

القوات العراقية تعتقل شخصين يعتقد أنهما ينتميان إلى «داعش» (نيويورك تايمز)
القوات العراقية تعتقل شخصين يعتقد أنهما ينتميان إلى «داعش» (نيويورك تايمز)

بينما قال عسكريون أميركيون كبار إن مقاتلي تنظيم داعش يتراجعون في كل من سوريا والعراق، وإن هجمات حاسمة تنتظرهم في الموصل والرقة، وتوقعًا بوقوع مزيد منهم في الأسر، قال العسكريون إنهم لن ينقلوا أي أسير إلى قواعد عسكرية أميركية، ناهيك بنقلهم إلى قاعدة غوانتانامو التي كانت القوات الأميركية أرسلت إليها في الماضي أسرى من تنظيم القاعدة.
في الأسبوع الماضي، قال أعضاء جمهوريون في الكونغرس، ظلوا يعارضون إغلاق قاعدة غوانتانامو، إن أسرى «مهمين» من «داعش» يمكن أن يرسلوا إلى هناك، بالإضافة إلى استمرار إرسال أسرى من تنظيم القاعدة.
وأمس (الخميس)، قال عسكريون أميركيون لصحيفة «نيويورك تايمز» إن القوات التي تحارب مقاتلي «داعش» لا تأسر عددًا كبيرًا منهم، وذلك لأن المقاتلين يحاربون حسب استراتيجية «انغماسي» (الإسراع في المواجهة حتى الموت). لكن، يتوقع أن تؤدي المعارك لاسترداد الموصل في العراق والرقة في سوريا إلى أسر أعداد كبيرة منهم. واستبعد العسكريون الأميركيون أن تحتجز القوات الأميركية في العراق أو في سوريا أي أسير. وقالوا إنه، في بداية هذا العام، سلمت قوات الكوماندوز الخاصة التي تحارب داعش أسيرين إلى قوات البيشمركة الكردية في شمال العراق. وقال واحد من هؤلاء العسكريين: «بعد تجارب العقد الماضي في حربي أفغانستان والعراق، نحن مصممون على عدم إحياء عمليات الاعتقال على نطاق واسع».
أمس، قال الكولونيل ستيف وارين، المتحدث باسم القوات الأميركية في العراق: «نحن غير مستعدين، وغير مؤهلين، لاحتجاز أسرى لفترات طويلة. لسنا هنا لهذا الهدف، وليس هذا جزء من عملنا»، لكنه أضاف: «نحن نهتم اهتمامًا كبيرًا بمعاملة الأسرى. ونعتقد أن القوات الديمقراطية السورية (التي تدعمها القوات الأميركية) تهتم بذلك أيضًا».
وإجابة عن سؤال عن ماذا ستفعل القوات الأميركية إذا اعتقلت القوات الديمقراطية السورية «شخصيات قيادية» في «داعش»، قال: «نحن لا نشرف إشرافًا مباشرًا» على القوات الديمقراطية السورية.
أمس، قالت مايلز كاغينز، متحدثة باسم مجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض: «لا تنوي الولايات المتحدة التدخل في اعتقالات طويلة المدى لأسرى (داعش). ولا تنوى إرسال أي من هؤلاء الأسرى إلى منشآت الاعتقال في قاعدة خليج غوانتانامو».
وقال الجنرال المتقاعد ويليام ليتزاو، الذي كان يشرف على الأسرى في أفغانستان والعراق: «توجد معارضة قوية في المستويات العليا في إدارة الرئيس أوباما للعودة إلى الاعتقال في زمن الحرب. لكن، يمكن أن يؤدي البديل إلى جرائم حرب، وذلك إذا اعتقل المقاتلون الذين ندعمهم عددا كبيرا من الأسرى»، وأضاف: «إذا زادت أعداد الأسرى، فسيطلقون النار عليهم».
وأشار إلى ما حدث في أفغانستان عند سقوط حكومة طالبان في عام 2001، حيث قتل «مئات، وربما آلاف» من أسرى طالبان بواسطة قوات أفغانية حليفة للقوات الأميركية هناك.
جاءت هذه التصريحات الأميركية ردًا على قلق منظمات إنسانية دولية عن وضع أسرى «داعش». وأشارت هذه المنظمات إلى انتهاكات في الماضي في سجن باغرام في أفغانستان، وفي سجن أبو غريب في العراق، وفي سجن غوانتانامو في كوبا، الذي يظل مفتوحًا.
وقال بيتر مورر، رئيس المنظمة الدولية للصليب الأحمر: «إذا لم يقتل (الداعشيون)، ولكن اعتقلوا، نحن نقلق على حالات اعتقالهم. من يحميهم؟ وكيف؟».
وقال كريستوف ويلكي، خبير في منظمة «هيومان رايتس ووتش»: «بالإضافة إلى حسن المعاملة، نحن نريد محاكمات عن الفظائع التي ارتكبها قادة (داعش)، مثل ذبح الآلاف من الإيزيديين في عام 2014»، وأضاف: «نحن مهتمون بموضوع الأسرى من أجل العدالة».
في الوقت نفسه، كرر عسكريون أميركيون أن قوات «داعش» تظل تتلقى هزائم بعد هزائم.
وأمس، قال الجنرال غاري فوليسكي، مبعوث الرئيس أوباما إلى قوات التحالف، إن «الغارات، وانخفاض سعر النفط، وجهود الدول المتحالفة ضد الإرهاب ساعدت في تحجيم قوة (داعش) عسكريًا وماليًا»، وأضاف أن «داعش».. «فقد كثيرًا من قوته للهجوم على القوات العراقية. وإن أعداد معداتها العسكرية، وأعداد مقاتليها (تقلصت كثيرًا)، وأن متوسط هجماتهم الأسبوعية أقل من 70 هجومًا إلى 5 أو 8. وأنهم صاروا يحتاجون لأكثر من أسبوعين لإعادة تنظيم قواتهم بعد تعرضهم لهجوم».
لكن، كرر بأن «داعش» تظل «قادرة على شن اعتداءات دامية»، وأشار إلى التفجيرات المتكررة في بغداد يوم الأربعاء.
يوم الأربعاء، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن متوسط عائدات داعش انخفض بمقدار النصف عما كان عليه في عام 2015، ووصل إلى نحو 250 مليون دولار سنويا. وقال دانيل جلاسر، مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الإرهاب، إن ذلك حدث بسبب الغارات على «داعش»، وانخفاض سعر النفط، وجهود تركيا لمكافحة التهريب والصعوبات التي يواجهها «داعش» في نقل النفط عبر جبهات القتال.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.