القطاع النسائي يتأهب لنيل حصته في «رؤية المملكة 2030» لقيادة قاطرة الصناعة

دعوات لتعزيز القطاع في مجالات ريادة الأعمال ومشروعات المنشآت الصغيرة والمتوسطة

القطاع النسائي يتأهب لنيل حصته في «رؤية المملكة 2030» لقيادة قاطرة الصناعة
TT

القطاع النسائي يتأهب لنيل حصته في «رؤية المملكة 2030» لقيادة قاطرة الصناعة

القطاع النسائي يتأهب لنيل حصته في «رؤية المملكة 2030» لقيادة قاطرة الصناعة

تسارع عدة قطاعات الخطى وتتقاسم الرغبة في تعزيز مشاركتها في «رؤية المملكة 2030»، غير أن عددا من الاقتصاديين والمختصين، شدد على ضرورة، تحريك القطاع النسائي تحديدا، وتوظيف ثرواته التي تقدر بأكثر من 106 مليارات دولار، في مجالات جديدة لتتواءم مع مستحقات «رؤية المملكة 2030»، من خلال اقتحام مجالات جديدة، واستغلال مواردهم المالية في الاستثمار في الأفكار الرائدة، في سبيل تعظيم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، في ظل توقعات بأن يقود القطاع قاطرة الصناعة وتعظيم الصادرات.
وفي هذا السياق، أوضح الباحث الاقتصادي عبد الرحمن العطا لـ«الشرق الأوسط»، أن «رؤية المملكة 2030»، تعتبر فرصة حقيقية للنهوض بقطاع المال والأعمال النسائي بشكل مختلف، بدخوله مجالات جديدة تنسجم مع الرؤية، ويزيد من كفاءة إنتاج القطاع. ويرى أن الرؤية تفسح المجال واسعا لاستغلال الثروات النسائية في مجال الأفكار الجديدة المتعلقة بريادة العمل، تعزيزا لكفاءة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، للمساهمة في تعظيم الصادرات السعودية، وفق معايير جودة عالية، تمنحه تنافسية أمام المنتجات الأخرى في الأسواق العالمية، متوقعا بنمو القطاع بنسبة لا تقل عن 3 في المائة خلال العامين المقبلين.
من جهتها، أكدت سيدة الأعمال الدكتور عائشة نتو، الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة غرفة جدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاع النسائي يعتبر «المارد المختفي حتى الآن»، مبينة أنه ينضوي على ثروات ضخمة، حيث تقدّر أرصدة سيدات الأعمال السعوديات المجمدة في البنوك حتى الآن بأكثر من 400 مليار ريال (106.6 مليار دولار)، مع توقعات بنموها بنسبة 3 في المائة خلال العامين المقبلين، متوقعة أن يجني القطاع ثمار برامج «الرؤية السعودية 2030»، من خلال الانطلاق في قطاعات جديدة غير مألوفة.
ولفتت إلى أن عدد السجلات التجارية النسائية لا يتجاوز نسبة 10 في المائة من مجمل سجلات قطاع الأعمال في السعودية بشكل عام، بما يعادل 130 ألف سجل تجاري نسائي، رغم أن ثروات النساء بالمملكة تجاوزت حاجز 400 مليار ريال (106.6 مليار دولار)، المستثمر منها لا يتجاوز نحو 80 مليار ريال (21.3 مليار دولار).
من ناحيته، قال الباحث الاقتصادي صلاح برناوي لـ«الشرق الأوسط» إن ثروات سيدات الأعمال في زيادة مستمرة، في ظل توقعات بأن تستفيد من برامج «الرؤية السعودية 2030»، من خلال اقتناص الفرص الاستثمارية والتجارية والاقتصادية الجديدة، وإطلاق مشروعات طموحة تنافس قطاع رجال الأعمال في المهن التي احتكرها طوال الفترة الماضية، متوقعا أن يحقق القطاع توسعا في مجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي تعزيز الإنتاج وتوفير فرص عمل ودعم متكافئة مع نظيره قطاع رجال الأعمال.
وفي الإطار نفسه، توقع محمد الحمادي، رئيس لجنة الأمن الغذائي والزراعة في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن يشهد القطاع النسائي طفرة كبيرة مع الاستفادة من «الرؤية السعودية 2030»، الرامية لتعظيم الصادر الوطني وتوطين الصناعات وتنويع الاقتصاد، من خلال إطلاق مشروعات نسائية مختلفة عما كان عليه الوضع سابق، ضمن محور الاستقلال الاقتصادي وسبل العيش المستدامة لصاحبات المشروعات السعودية، بالإضافة إلى تمكين المرأة السعودية، من خلال صقل موهبتها عن طريق تدريبها على أساسيات ومتطلبات العمل الحر بطريقة مهنية وواقعية، داعيا القطاع للاستفادة من التسهيلات التي ستمنحها هيئة الشركات الصغيرة والمتوسطة، والدخول في مشروعات تواكب الرؤية، كالاستثمار في القطاع الزراعي والغذائي والصناعي.
وتأتي هذه التوقعات حول الدور المتوقع للمرأة السعودية في إطار «رؤية المملكة 2030»، متزامنة مع إعلان الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة، بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية ممثلا في إدارة القطاع النسائي، عن تنظيم فعاليات المنتدى التاسع لسيدات الأعمال في الدول الإسلامية، وذلك في يوم 25 مايو (أيار) الحالي بمقر المجلس بالرياض.
وسيتناول المنتدى الدور المؤسسي لتعزيز فرص الاستثمار من خلال القطاع الخاص في الدول الإسلامية وفرص الاستثمار وتعزيز تمكين المرأة في الدول الإسلامية، فيما سيشهد المنتدى عقد جلسات ثنائية، فضلا عن مشاركة متحدثات من الغرفة الإسلامية، واتحاد الغرف الخليجية، ومنظمة التعاون الإسلامي، واتحاد الغرف العربية، والبنك الإسلامي، واللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى.
يذكر أن الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة دأبت على تنظيم منتديات سيدات الأعمال منذ عام 2005 بهدف منح الفرصة لسيدات الأعمال في الالتقاء والتفاعل ومناقشة مجالات جديدة للتعاون والتبادل التجاري، وتحديد احتياجات سيدات الأعمال، وما يعترضهن من صعوبات وكيفية تمكينهن من الانخراط في المسار الرئيسي للتعاون الاقتصادي، حيث تشمل هذه النواحي تقديم المساعدة في مجالات التمويل، والتسويق والإدارة، وتوفير المعلومات، من أجل تحقيق التمكين الاقتصادي لسيدات الأعمال في الدول الإسلامية.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»