فرنسيات يطرزن ثياب الملوك والنجمات والباباوات

فساتين الممثلات في «كان» مرت بدار «لوساج»

فرانسوا لوساج ورث التطريز عن أبيه و ساعات من الشغل اليدوي في كل زي و دور الأزياء العالمية تعتمد على لوساج في نقوش الثياب
فرانسوا لوساج ورث التطريز عن أبيه و ساعات من الشغل اليدوي في كل زي و دور الأزياء العالمية تعتمد على لوساج في نقوش الثياب
TT

فرنسيات يطرزن ثياب الملوك والنجمات والباباوات

فرانسوا لوساج ورث التطريز عن أبيه و ساعات من الشغل اليدوي في كل زي و دور الأزياء العالمية تعتمد على لوساج في نقوش الثياب
فرانسوا لوساج ورث التطريز عن أبيه و ساعات من الشغل اليدوي في كل زي و دور الأزياء العالمية تعتمد على لوساج في نقوش الثياب

في حين تتركز عدسات المصورين على الفساتين الباذخة لنجمات السينما وهن يحضرن حفلي افتتاح واختتام مهرجان «كان» الدولي، وتجتهد محررات المجلات النسائية لمعرفة من صمم أناقة هذه الممثلة أو تلك، تقبع مجموعة من العاملات اليدويات في الظل، يتابعن الاستعراض المثير من التلفزيون، دون أن يذكرهن أحد رغم أن تلك الأزياء الرائعة مرت بين أناملهن. إنهن طرّازات دار «لوساج»، أشهر مشغل للنقوش وخيوط الحرير في باريس.
الدار التي تتذكر هذا العام مرور خمس سنوات على رحيل مؤسسها، فرنسوا لوساج، ما زالت تواصل تقديم خدماتها لكثير من القصور الملكية ودور الأزياء العالمية، رغم أن سوق التطريز انتقلت إلى الهند وشرق آسيا بحثًا عن الأيدي العاملة الرخيصة. لكن تراكم الخبرة لدى العاملات في مشغل الدار الفرنسية يتيح لها البقاء في الصدارة، ويحفظ لها أشهر زبون لديها: حاضرة الفاتيكان التي توصي لديها على ثياب المناسبات للباباوات. وبهذا يمكن لزائر الدار أن يقرأ في سجل الشرف الخاص بها أسماء لا يربط بينها رابط، مثل نجمة هوليوود الراحلة آفا غاردنر، أو البابا يوحنا بولس الثاني.
حين رحل فرنسوا لوساج عن 80 عامًا، كان قد ترك توقيعه بالإبرة والخيوط الملونة على حواشي ثياب دخلت تاريخ الحرف اليدوية ومتاحف الموضة. إنه الجندي المجهول الذي ظل حاضرًا وراء الستار في عروض الأزياء الباريسية لأكثر من نصف قرن، يتفرج الجمهور على الزي، ويصفقون لمصممه، ولا يعرفون الأنامل القديرة التي أنفقت أياما في تطريز الذيل أو الصدر أو أطراف الأكمام. فما أن ينتهي المصممون من قص الأقمشة حتى يهرعون إلى «لوساج» لكي ينثر فراشاته وأزهاره على فساتينهم. لكن الجندي المجهول كان علمًا في وطنه، وقد حاز أرفع أوسمة الشرف، وأنشأ مدرسة لتعليم فنون التطريز اليدوي وحفظها من الانقراض، وقد كانت جنازته مناسبة لاجتماع نخبة من الشخصيات الفرنسية والعالمية التي لا تلتقي إلا في وداع المشاهير.
كان فرنسوا لوساج في العشرين من عمره حين تولى إدارة دكان العائلة للتطريز. لقد ولد ليقوم بتلك المهمة، ولم يفكر في غيرها. وكان يصف استغراقه في عمله بالقول: «نمت في الغرفة التي ولدت فيها». لكن طموحه كان أوسع من تصورات والديه، فسعى خلال النصف الأول من القرن الماضي لمد أواصر التعاون مع كبار المصممين. وساعده في ذلك أن والدته كانت تعمل مصممة لدى مادلين فيونيه، أشهر خياطات باريس آنذاك. وكانت المصممة الذائعة الصيت إلزا سكياباريلي أول من استفادت من مهارته، وهي المرأة التي عاصرت كوكو شانيل، ونافستها في الشهرة، وكانت ملهمة الرسامين السرياليين. وقد اعتبرته إلزا صديقًا لها، وكانت تصارحه بأمور القلب فينصحها ويكتم أسرارها. وبعد تلك البداية المثيرة جاءه الطلب الذي كان يحلم به: إن المسيو كريستيان ديور، بشحمه ولحمه، يريد الاستفادة من تطريزاته. وكان ديور، حتى آنذاك، هو الرجل الذي يرسم أناقة أميرات أوروبا ونجمات هوليوود.
تعرف لوساج، لدى ديور، على شاب مبتدئ، يدعى إيف سان لوران، سرعان ما لمع وخطف الأضواء من معلميه. وطوال 40 عامًا، كانت عروض الخياطة الراقية لدار «سان لوران» تعتمد على طرّازات لوساج وأناملهن الذهبية. لكن الجندي المجهول لم يكن يحب الظهور على المسرح، ويكفيه أن يقف في الكواليس، ويرى المصممين وهم يحصدون التصفيق ويحتكرون الكاميرات في نهاية كل عرض. وكان يقول للصحافيين: «مكاني ليس في الصف الأول، فأنا مجرد متعهد تطريزات». لكن المتعهد المتواضع كان الفنان الذي قدم لكارل لاغرفيلد، المدير الفني لدار «شانيل»، ذلك القماش الأبيض المشغول بالخيوط الملونة والذهبية لكي يقص عليه تصاميم تاييراته ذات الشهرة العالمية. كما أنه الفنان الذي يقف وراء فستان السهرة الذي أطلقه ديور بلون ليلكي مطرز بفتائل الأورغنزا. وهو أيضًا صاحب الصديري المشغول بألف لون الذي دخل ذاكرة الموضة بعد عرض لكريستيان لاكروا. كان لوساج ساحرًا قادرًا على توليف الخيوط مع الأحجار والحبال ليطلع منها نقش بديع. وقد جاءه سان لوران، ذات يوم، وعرض عليه انعكاس إحدى الثريات على صفحة المرآة، وقال له: «أريد مثل هذا البريق». وغاب لوساج يومين وعاد له بثلاثة نماذج من التطريزات، واحدة في ضوء الصباح، وثانية في نور الظهيرة، وثالثة تعكس التماعات النجوم وفضة القمر، ففتح سان لوران عينيه وفمه من الذهول. إن بعض الفساتين كانت تتطلب 350 ساعة من العمل اليدوي، وقد قصدته إمبراطورة إيران السابقة فرح ديبا لتطريز عدد من العباءات والجبب التي ارتدتها في حفل تتويجها. كما أنه الرجل الذي أنجز بدلة الأعياد لباباوات الفاتيكان.
لذلك، يحتفل الفريق الذي عمل مع فرنسوا لوساج بذكراه كل عام، فهو كان يحب الحياة، ويقود الطائرات، ويستقبل ضيوفه في منزله بجزيرة كورسيكا، ويطبخ لهم بنفسه. وما زالت هناك في مشغله بضاحية «بونتان»، قرب باريس، 60 ألف علبة وجارورًا من الخيوط والأحجار والنماذج المطرزة التي استغرق العمل فيها آلاف الساعات وملايين اليوروات.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.