{العدل} الأميركية لن تطالب بإعدام المعتدي على بعثتها الدبلوماسية في بنغازي

محققون فيدراليون طلبوا تطبيق عقوبة الموت ضد إرهابيين 14 مرة منذ 1993.. ولم ينفذ إلا واحد

ليبي يفحص آثار الاعتداء على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي في سبتمبر 2012 (أ.ب)
ليبي يفحص آثار الاعتداء على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي في سبتمبر 2012 (أ.ب)
TT

{العدل} الأميركية لن تطالب بإعدام المعتدي على بعثتها الدبلوماسية في بنغازي

ليبي يفحص آثار الاعتداء على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي في سبتمبر 2012 (أ.ب)
ليبي يفحص آثار الاعتداء على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي في سبتمبر 2012 (أ.ب)

أعلنت وزارة العدل، أول من أمس، أنها لن تسعى لاستصدار عقوبة إعدام ضد أحمد أبو ختالة (54 عامًا) الذي تصنّفه واشنطن بالإرهابي، ويتهمه المحققون بقيادة الهجمات التي وقعت في بنغازي الليبية عام 2012، وأسفرت عن مقتل أربعة أميركيين.
وجاء الإعلان ضمن إخطار موجه إلى المحكمة الفيدرالية بواشنطن، ويمهد الطريق أمام محاكمة كبرى للإرهاب داخل العاصمة، تعد الأولى من نوعها داخل الولايات المتحدة منذ عام 2015، ويحول دون إبرام اتفاق تفاوضي مع أبو ختالة لتخفيف العقوبة.
وجاء القرار ليضع نهاية لعملية مراجعة طويلة جرت في أعقاب إبداء الرئيس أوباما رأيا، في أكتوبر (تشرين الأول)، يفيد بأنه «بينما يؤيد عقوبة الإعدام نظريًا، فإنه يجدها «مثيرة للقلق على نحو بالغ» على الصعيد العملي».
وتشكل هذه الخطوة تحولاً نسبيًا في موقف وزارة العدل، بعد عام واحد من نجاح محققين فيدراليين، مايو (أيار) الماضي، في استصدار عقوبة الإعدام في قضية تتعلق بالإرهاب جرت بالعاصمة ضد جوهر تسارنايف لتورطه في تفجير ماراثون بوسطن عام 2013.
ووافقت الوزارة، في نوفمبر (تشرين الثاني)، على أول محاكمة جديدة بالعاصمة في ظل المدعي العام لوريتا لينش - التي سبق وأن وصفت عقوبة الإعدام بأنها «عقاب فعال» قبل مصادقة مجلس الشيوخ على توليها المنصب في أبريل (نيسان) 2015 - ضد نوي أراندا سوتو، مهاجر غير شرعي متهم بالاتجار في البشر والقتل في تكساس.
من جانبهم، أعرب محللون عن اعتقادهم بأن الحكومة تواجه حسابات صعبة فيما يخص قضية بنغازي، مشيرين إلى مخاوف معقدة ذات أبعاد قانونية وسياسية، وأخرى تتعلق بالأمن الوطني تمخضت عن سجل مختلط في ما يتعلق بقضايا الإرهاب التي تجري محاكمتها داخل العاصمة، وإلى تاريخ تميّز بعدم إصدار أي هيئة محلفين داخل العاصمة واشنطن حكمًا بالإعدام.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة العدل: «نتولى هذه الأمور على أساس كل قضية على حدة»، رافضًا تقديم مزيد من الشرح. من جانبهم، أشار مراقبون قانونيون إلى تحديات أمام الحكومة الأميركية تتعلق بنقل شهود من ليبيا للإدلاء بشهاداتهم أمام محكمة أميركية في خضم صراع مشتعل بالمنطقة. ولم يتحدد حتى الآن موعد انطلاق المحاكمة أمام القاضي كريستوفر آر. كوبر.
وتولّى أبو ختالة قيادة فرقة من جماعة «أنصار الشريعة» المتطرفة المعادية للغرب، شنت هجمات خلال 11 و12 سبتمبر (أيلول) 2012، أسفرت عن مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفينز وثلاثة آخرين، تبعًا لما أفاده محققون أميركيون. وفي يناير (كانون الثاني)، صنفت الحكومة الأميركية أبو ختالة و«أنصار الشريعة» كإرهابيين. جدير بالذكر أن «أنصار الشريعة» ميليشيا مسلحة تسعى لإقرار الشريعة في ليبيا.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة العدل، إيميلي بيرس، في بيان أصدرته الثلاثاء، أن: «الوزارة ملتزمة بضمان محاسبة المتهم على دوره المزعوم في الهجوم الإرهابي ضد البعثة الأميركية الخاصة في بنغازي، ما أسفر عن مقتل أربعة أميركيين وإصابة اثنين آخرين بإصابات خطيرة. وحال إدانته، سيواجه المتهم عقوبة تصل إلى السجن مدى الحياة».
من جانبها، أقرت إدارة أوباما عملية القبض على أبو ختالة في يونيو (حزيران) 2014، في إطار غارة شنتها قوات أميركية خاصة داخل ليبيا بعد أن جرى اجتذابه إلى فيلا بجنوب بنغازي. ودفع المتهم ببراءته مما نسب إليه بعد إدانته بـ18 اتهاما، منها اتهامات تصل عقوبتها للإعدام تتمثل في قتل شخص يخضع لحماية دولة، وقتل ضابط أو موظف يتبع الولايات المتحدة، وقتل شخص في هجوم على منشأة أميركية، وتوفير دعم مادي للإرهابيين أسفر عن وقوع قتلى.
وفي يوليو (تموز) 2013، قال المدعي العام آنذاك إريك هولدر إن التحقيقات جارية وإلقاء القبض على أبو ختالة «يثبت أن الحكومة الأميركية لن تدّخر جهدًا في ملاحقة الإرهابيين الذين يؤذون مواطنينا».
ويعيد القرار الأخير من قبل وزارة العدل تسليط الضوء، ولو بصورة مؤقتة، إلى محاكمة جنائية تتعلق بهجوم لا يزال مشحونا سياسيًا - وأثير ذكره في خضم المناظرات الرئاسية داخل الحزب الجمهوري، بل وتحول لقصة فيلم عرض بدور السينما مطلع هذا العام.
من ناحيتها، كررت المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، خلال شهادة أدلت بها في أكتوبر أمام لجنة منتخبة من مجلس النواب تحقق في الهجمات، نفيها الشديد للاتهامات التي طالتها منذ فترة بعيدة بإعاقة محاولات إنقاذ الضحايا. ومع ذلك، خلصت مراجعة أجرتها وزارة الخارجية حول الحادث إلى أن مستوى الإجراءات الأمنية في بنغازي لم تكن مناسبة، ولا تزال القضية تثير اتهامات متبادلة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وفي ما يتعلق بأبو ختالة، لا يزال من غير الواضح ماهية تأثير قرار عدم السعي وراء استصدار عقوبة إعدام ضده على سير المحاكمة، التي لا تزال تحيطها مخاوف تتعلق بالأمن الوطني. ومع ذلك، لا يعد هذا الموقف فريدا من نوعه، ذلك أن للحكومة سجلا مختلطا فيما يخص قضايا الإرهاب التي تعقد محاكماتها بالعاصمة، مع تحقيقها نجاحات في القضايا ضد «الذئاب المنفردة» الذين يشرعون من تلقاء أنفسهم في محاولات قتل على أراضٍ أميركية، أكثر منها الدعاوى التي تقام ضد مقاتلين عملوا بالخارج أو تلقوا تدريبات هناك.
المعروف أن ليبيا في خضم حرب أهلية، ما يزيد من حدة تعقيد التحقيقات ويثير تساؤلات حول مدى اعتماد المحققين على أدلة سرية، وعن تأثير الكشف عن هذه الأدلة على المصالح الأميركية بالمنطقة. والمعروف أن المحققين سلموا بالفعل قرابة 200 صفحة إلى دفاع أبو ختالة، معظمها سرية، ومع ذلك يبقى جزء كبير من الدعوى الحكومية سريًا.
في المقابل، سبق وأن اعترضت الحكومة الليبية على إلقاء واشنطن القبض على أبو ختالة باعتباره انتهاكًا للسيادة الليبية. وطبقًا لما ورد بوثائق المحاكمة، تزعم السلطات الأميركية أن أبو ختالة أخبر آخرين عن اعتقاده بأن الوجود الدبلوماسي الأميركي في بنغازي لا يعدو كونه غطاءً لمنشأة مخصصة لجمع الاستخبارات، وتعهد بـ«فعل شيء حيال تلك المنشأة».
من ناحية أخرى، قال خبراء معنيون بعقوبة الإعدام إنهم لم يندهشوا حيال الخطوة الأخيرة من قبل الحكومة، مشيرين إلى أن محاكمات إرهابيين عن قتل أميركيين لا تزال من القضايا النادرة. وتشير الأرقام إلى أن المحققين الفيدراليين سعوا لاستصدار عقوبة الإعدام لإرهابيين متهمين 14 مرة على الأقل منذ عام 1993، لكن واحدًا فقط أعدم بالفعل، وهو تيموثي مكفاي، الذي فجر مبنى فيدرالي في مدينة أوكلاهوما عام 1995. ويعد مكفاي واحدًا من بين ثلاثة أشخاص أعدمتهم الحكومة الأميركية منذ عام 1964.
* خدمة صحيفة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.