عادت الاحتجاجات إلى شوارع مدينة بن قردان، جنوب شرقي تونس، لليوم الثاني على التوالي دون أن تتوصل السلطات التونسية إلى حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة في المنطقة.
وتجمع يوم أمس عدد كبير من التجار الشباب أمام مقر المعتمدية (السلطة الحكومية المحلية) احتجاجا على مواصلة احتجاز المؤسسة العسكرية سيارات تونسية محملة بالبنزين المهرب بمنطقة الظاهرة الليبية، إثر دخولها المنطقة العسكرية العازلة دون ترخيص مسبق.
وأغلقت مجموعة من المؤسسات التعليمية ومحطات النقل أبوابها بعد إحراق عجلات مطاطية في شوارع مدينة بن قردان، كما قطعت الطرقات وتعطلت حركة مرور شاحنات نقل البضائع والسيارات على مستوى المعبر الحدودي «رأس الجدير» لنفس الأسباب، وهي المطالبة بالتنمية وتشغيل الشباب العاطل عن العمل وعودة المبادلات التجارية مع الجانب الليبي إلى نسقها العادي.
وفي هذا الشأن، قال ياسر مصباح المكلف بالإعلام في وزارة الداخلية التونسية في تصريح إعلامي إن مئات من الشباب الغاضب تجمعوا أمام معتمدية بن قردان (السلطة المحلية)، وأحرقوا العجلات المطاطية احتجاجا على غلق معبر رأس جدير الحدودي بقرار من الجانب الليبي، وأضاف أن قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الغاضبين، وهي تسعى لإيجاد حلول لمشاكل «لا تتحمل مسؤوليتها».
من جانبه، أكد محسن لشيهب، الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل (نقابة العمال) بمدينة بن قردان، أن رأس الجدير هو معبر يعتبره المحتجون مصدر رزقهم الأساسي: «وطالبوا الحكومة بحلول عاجلة لمشكلة البطالة». وأكد أن الاحتجاجات على استمرار غلق المعبر الحدودي الرئيسي مع ليبيا بناء على قرار من سلطات طرابلس، ستبقى قائمة ما دام «مصدر رزق» هؤلاء الشباب مهددا.
وذكر حسين الجويلي، وهو ناشط سياسي من مدينة بن قردان، أن «عمليات الكر والفر مع وحدات الأمن الموجودة بكثافة في المدينة تواصلت لليوم الثاني على التوالي». وأكد دعوة المؤسسة الأمنية المحتجين إلى عدم ترك فراغ أمني في المدينة في حال استمرار المواجهات، ما قد يهدد بعودة العناصر الإرهابية واستيقاظ الخلايا الإرهابية النائمة وعودتها إلى النشاط من جديد.
وكانت مدينة بن قردان عرضة لأعنف هجوم قادته مجموعة إرهابية في السابع من شهر مارس (آذار) الماضي، بهدف إقامة إمارة «داعشية» في المدينة. وانتهت المواجهات المسلحة بمقتل 55 عنصرا إرهابيا و20 تونسيا، سبعة منهم من المدنيين.
وتشير إحصائيات حكومية إلى أن التجارة الموازية التي لا تخضع لرقابة الدولة تمثل نحو 54 في المائة من الأنشطة التجارية في تونس، وهي ترتفع إلى حدود 90 في المائة في المدن الحدودية، على غرار بن قردان والذهيبة ورمادة في الجنوب الشرقي التونسي.
وتعاني منطقة بن قردان من قرارات الإغلاق المتكرر للمعابر الحدودية، خاصة على مستوى معبر راس الجدير نتيجة عدم استقرار الوضع السياسي الأمني في ليبيا. وقال محسن حسن، وزير التجارة التونسي في تصريح إعلامي، إن استراتيجية الحكومة تقتضي تخفيض هذه النسبة إلى حدود 20 في المائة، ويتطلب هذا الأمر القضاء التدريجي على نقاط التهريب الحدودية من ليبيا والجزائر.
وأوضح المصدر ذاته أن السلطات التونسية وضعت برنامجا لتأسيس منطقة تبادل حر في منطقة بن قردان لامتصاص غضب الأهالي تجاه نسبة البطالة المرتفعة، إلا أن هذا المشروع لن يكون جاهزا إلا بحلول نهاية 2017، وتقتضي الوضعية الاجتماعية حل معضلة البطالة في صفف الشباب المعتمد بنسبة 90 في المائة على الأقل على التجارة الموازية مع ليبيا المجاورة، ومن المنتظر كذلك تركيز 14 نقطة تبادل حر مع الجزائر، وهي مناطق تعيش بدورها على التجارة البينية.
تونس: تواصل الاحتجاجات لليوم الثاني في بن قردان
احتجاجًا على استمرار إغلاق المعبر الحدودي مع ليبيا
تونس: تواصل الاحتجاجات لليوم الثاني في بن قردان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة