وزيرة دفاع إيطاليا في الموصل لبحث نشر 450 جنديًا لحماية إصلاحات السد

ازدياد المخاوف من انهيارات محتملة في بنية السد الأكبر في العراق

وزيرة الدفاع الإيطالية لدى زيارتها أحد المعسكرات التدريبية في العراق أمس (رويترز)
وزيرة الدفاع الإيطالية لدى زيارتها أحد المعسكرات التدريبية في العراق أمس (رويترز)
TT

وزيرة دفاع إيطاليا في الموصل لبحث نشر 450 جنديًا لحماية إصلاحات السد

وزيرة الدفاع الإيطالية لدى زيارتها أحد المعسكرات التدريبية في العراق أمس (رويترز)
وزيرة الدفاع الإيطالية لدى زيارتها أحد المعسكرات التدريبية في العراق أمس (رويترز)

مع ازدياد احتمالات انهيار سد الموصل، والمخاوف والتحذيرات الدولية، زارت وزيرة الدفاع الإيطالية، أمس، روبرتا بينوتي، العراق لبحث ومناقشة تفاصيل نشر 450 جنديا إيطاليا على مقربة من جبهات القتال مع تنظيم داعش المتطرف، وذلك لغرض حماية الشركات والعمالة المنفذة لإصلاحات سد الموصل، أكبر سدود العراق ورابع أكبر سد في منطقة الشرق الأوسط. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إنّه التقى بينوتي في بغداد قبل سفرها. وقالت قوات الدفاع الإيطالية إنها توجهت فيما بعد إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان التي تبعد 115 كيلومترا شرق سد الموصل.
450 جنديا إيطاليا جديدا في العراق سيرفعون حصيلة الجنود الإيطاليين الموجودين على الأراضي العراقية إلى ألف ومائتين، حيث يعمل بعضهم مع وحدات الجيش والشرطة العراقيين في بغداد وأربيل للتدريب والتطوير العسكري. إلا أن البعثة الجديدة من الجنود ستنتشر على مسافة غير بعيدة من الموصل التي يسيطر عليها تنظيم داعش على بعد أقل من عشرين كيلومترًا من السد أي في منطقة قتال محتملة.
ووقعت الحكومة العراقية في فبراير (شباط) الماضي عقدا بقيمة 296 مليون دولار أميركي مع مجموعة «تريفي» الإيطالية، لإجراء إصلاحات ضرورية لسد الموصل البالغ طوله 3.6 كيلومتر، الذي ظهرت عيوب في بنائه منذ إنشائه في الثمانينات من القرن الماضي.
وزار وفد من مجموعة «تريفي» السد في مارس (آذار)، لبدء تحضير موقع قريب لإقامة المهندسين والجنود. وتوقع مصدر أن يستغرق استكماله ستة أشهر.
وسيطر مقاتلو تنظيم داعش على السد في أغسطس (آب) 2014، مما أثار مخاوف من احتمال تفجيره الذي كان سيؤدي إلى إغراق بغداد والموصل بالمياه وقتل آلاف المدنيين.
واستعاد مقاتلو قوات البيشمركة الكردية السد بعد ذلك بأسبوعين بمساعدة من القوات الأميركية والقوات الحكومية العراقية.
وفي مارس الماضي، عقد اجتماع في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بين مندوبة أميركا لدى الأمم المتحدة سمانثا باور ونظيرها العراقي محمد علي الحكيم، وخبراء من سلاح المهندسين بالجيش الأميركي، ومسؤولين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ووصفت السفيرة الأميركية بعد الاجتماع التقرير الذي اطلعت عليه عن السد بـ«المخيف»، محذرة من كارثة غير مسبوقة. وكانت تحذيرات أممية قالت إن انهيار السد قد يودي بحياة أكثر من 10 ملايين عراقي يعيشون في المحافظات والقرى المحيطة به.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.