اللجنة العليا في عدن: الحملة الأمنية لا تفرق بين شمالي وجنوبي

مصادر أمنية قالت إن الميليشيات أصدرت بطاقات مزورة لعناصر من الحرس الجمهوري لتسهيل التوغل في المحافظات الجنوبية

اقترفت 150 جريمة إرهابية في الجنوب توزعت بين سيارات مفخخة وعمليات انتحارية وتفجير عبوات واغتيالات (رويترز)
اقترفت 150 جريمة إرهابية في الجنوب توزعت بين سيارات مفخخة وعمليات انتحارية وتفجير عبوات واغتيالات (رويترز)
TT

اللجنة العليا في عدن: الحملة الأمنية لا تفرق بين شمالي وجنوبي

اقترفت 150 جريمة إرهابية في الجنوب توزعت بين سيارات مفخخة وعمليات انتحارية وتفجير عبوات واغتيالات (رويترز)
اقترفت 150 جريمة إرهابية في الجنوب توزعت بين سيارات مفخخة وعمليات انتحارية وتفجير عبوات واغتيالات (رويترز)

قالت اللجنة الأمنية العليا بمدينة عدن إن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها لا تستهدف منطقة معينة، شمالية كانت أم جنوبية، مؤكدة أن الهدف منها تأمين عدن وسكانها وحفظ دمائهم وسكينتهم وحقوقهم المحمية بجميع الشرائع السماوية والأنظمة والتشريعات القانونية الدولية والوطنية، من أي خطر أو عدوان عليها أيًا كان فاعله ومصدره.
وواصلت القوات الأمنية إجراءاتها، أمس (الثلاثاء)، في ضبط المواطنين الذين لا يحملون بطاقات الهوية حيث قامت بحملة أمنية استهدفت حيي الممدارة والشيخ عثمان بعدن.
وكانت الأجهزة الأمنية بعدن قد اعتقلت مدير معمل رمزي للتصوير فرع الشيخ عثمان بتهمة تزوير وتصوير مئات الوثائق غير رسمية من بطاقات شخصية وأخرى للمقاومة وتصاريح دخول إلى عدن، تحمل توقيعات وأختامًا مزورة لقيادات المقاومة بعدن.
وقال نائب وزير الداخلية اليمني، رئيس اللجنة الأمنية العلياء، اللواء علي ناصر لخشع، إن من الأسباب التي جعلتهم وقيادة قوات التحالف يقومون بحملات أمنية في محافظة عدن، هو ضغط السكان بدرجة رئيسية، خصوصًا مع استمرار الأعمال الإرهابية التي ضربت مدينة عدن وسكانها وبشكل ممنهج.
وكشف لخشع عن أن 150 جريمة إرهابية اقتُرِفت، توزعت بين سيارات مفخخة وعمليات انتحارية وتفجير عبوات واغتيالات، مخلفة 350 ضحية ما بين «شهيد» ومعاق ومتسببة بأضرار مختلفة لآلاف الأسر التي فقدت عائلها أو وظيفتها أو مصدر رزقها.
وأشار نائب الوزير إلى أن الحملة الأمنية مستمرة، وستواصل مهمتها رغم الحملة الإعلامية المعادية، التي تريد تثبيط عمل القيادات الأمنية في المحافظات المحررة، بدلا من دعمها لتلك الجهود الهادفة للحد من الجريمة المنظمة التي تعاني منها المحافظات. ونوه بأن اللجنة الأمنية على تواصل مع قيادة السلطة المحلية في تعز لمعالجة بعض الاختلالات التي رافقت الحملة الأمنية، مضيفًا أن هذه التجاوزات طبيعية في الظروف العادية «فكيف إذا ما كانت في ظل أوضاع استثنائية».
وأكد بمواصلة تلك الإجراءات الأمنية، مطالبًا أبناء محافظة عدن والقادمين إليها من كل المحافظات بأن يحملوا هوياتهم وعلى مدار ساعات اليوم كي لا يعرضوا أنفسهم لأي إجراءات أمنية من شأنها الحد من تنقلهم أو حريتهم، لافتًا إلى أن من فقد من هؤلاء هويته فعليه الإبلاغ في أقرب مركز شرطة كي يمنح من مكاتب الأحوال المدنية تصريحًا مؤقتًا إلى أن يستخرج هوية جديدة بدلاً من المفقودة.
وتأتي الإجراءات الأمنية الأخيرة للتعامل بالبطاقة الشخصية بحسب ما قالته مصادر أمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» بعد التحقيقات الأخيرة مع عناصر تتبع صالح والمخلوع كشفت وجود مخطط للدفع بمئات العناصر إلى عموم مدن عدن لإثارة الفوضى وتنفيذ أعمال إرهابية هدفها زعزعة أمن واستقرار عدن. وكانت ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح قد عمدت إلى إصدار بطاقات من صنعاء لعناصر من الحرس الجمهوري الموالي لصالح بأسماء محافظات جنوبية ليسهل لهم التوغل في المحافظات الجنوبية، في ظل الإجراءات الأمنية المشددة، وهو ما كشفته بالوثائق أجهزة الأمن بعدن بوجود خلايا من الحرس الجمهوري تدير أعمالاً إرهابية بالمدينة. الحملة الأمنية تستهدف من لا يحملون بطاقات إثبات هوية وليس أبناء الشمال، حيث تم، أول من أمس، ترحيل 250 من أبناء المحافظات الجنوبية المجاورة. وخلال جولة ميدانية مع كثير من أبناء المحافظات الشمالية ممن يحملون بطاقات الهوية، لاحظت «الشرق الأوسط» أنهم يمارسون أعمالهم بكل حرية، ويشيدون بالإجراءات الأمنية لشرطة عدن، وحسن التعامل مع الجميع، شماليين وجنوبيين.
وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قد صرح قبل يومين إن الممارسات الفردية لترحيل المواطنين من أبناء تعز أو غيرها من المحافظات اليمنية مرفوضة، لافتًا إلى أن تعز كانت وستظل العمق لعدن، ومؤكدًا أن الأمن وتعزيزه واستتبابه مطلوب والأجهزة التنفيذية والأمنية بعدن جديرة بتحمل هذه المهام، وعلى الجميع التعاون معها بعيدًا عن الإرباك وخلط الأوراق. وقال المتحدث باسم السلطة المحلية بمحافظة عدن، نزار أنور، إن الحملة تأتي ضمن الخطوات والمراحل المتتابعة للخطة الأمنية الهادفة إلى استتباب الأمن والاستقرار في العاصمة عدن، كما أنها جاءت ملازمة للأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة، وهي عودة لعملية الاغتيالات، واستهداف القيادات الأمنية الجنوبية بهدف خلط الأوراق في الجنوب، وذلك بعد سقوط أهم معاقل تنظيم القاعدة في المكلا وأبين وشبوة.
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحوادث أثبتت أن الخروقات الأمنية تدار من قبل قوى النفوذ المتحكمة في مصدر القرار في صنعاء، المتمثلة بقوى الانقلاب وقيادات قبلية وحزبية ودينية، لذلك فهي تحاول أن تستدرك خساراتها المتلاحقة من خلال تنفيذ بعض العمليات التي تقوم بها في عدن، وبواسطة أدواتها التي تحاول أن تحركها كقطع الشطرنج تمامًا حتى تحقق مكاسب سياسية على طاولة المفاوضات في الكويت.
وأضاف أن الإجراءات المتبعة في عدن تحدث حتى في أكبر البلدان الديمقراطية في العالم عندما تمر بأوضاع أمنية استثنائية وتعتبرها طبيعية جدًا، بل وواجبًا وطنيًا، لأنها تتعلق بأمنها القومي.
وأعرب المتحدث عن استغرابه من الهجوم غير المبرر الذي شنته بعض المواقع والقنوات الإعلامية والفضائية في محاولة منها لتوجيه الحملة في غير مسارها الصحيح الذي تستهدف المضي فيه، لافتًا إلى ردة الفعل تلك على الحملة ليست سوى مناكفات سياسية عبرت عن خيبة أمل أصحابها الذين أرادوا حرف مسار الحملة الأمنية بكونها مناطقية جهوية هدفها شريحة معينة من المجتمع.
وأشار نزار إلى أن الإجراءات الأمنية تستهدف كل من ليس له أوراق ثبوتية أو شخصية بغض النظر عن انتمائه المناطقي.
وقال نزار أنور إنه قد تم ترحيل مجموعة من أبناء المناطق الجنوبية المجاورة لعدن، مثلهم مثل أبناء المناطق الشمالية، «ولكن اللافت في الأمر أن الأغلبية الساحقة من المرحلين إن صح إطلاق هذا المصطلح عليهم هم من أبناء المناطق الشمالية».
وكشف المتحدث عن سبب استهداف الجهات الأمنية للعدد الأكبر من محافظات الشمال هو أن هؤلاء لا يحملون أوراقًا ثبوتية، وهو ما يدحض ما روجته بعض وسائل الإعلام من أن الحملة استهدفتهم، ولمجرد أنهم من محافظات الشمال، موضحًا أن الجهات الأمنية تحاول أن تضبط حركة الدخول والخروج من وإلى المدينة، وهذا إجراء طبيعي جدًا في ظل هذه الظروف الأمنية الاستثنائية التي تشهدها عدن.
وفي تعليق له بخصوص ما أثير عن الحملة الأمنية بعدن، قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء قاسم عبد الرب العفيفي إنها عبارة عن زوبعة إعلامية يتبناها عدد من الأطراف السياسية والصحافية، مشيرًا إلى أن الإجراءات الأخيرة تأتي ضمن إنقاذ النظام والقانون ومعرفة الكم الهائل الذي يوفد إلى محافظة عدن من القادمين إليها من عدد من المحافظات المجاورة، التي يتم فحص وثائقهم حرصًا على سلامتهم وسلامة أمن ساكني عدن.
ونجا العميد فضل باعش قائد جهاز قوات الأمن الخاصة (عدن - لحج - أبين) أمس الثلاثاء من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة زُرعت في إحدى سياراته، وانفجرت دون أي إصابات تُذكر.
وأكدت مصادر مقربة من باعش لـ«الشرق الأوسط» قيام مجهولين بزرع عبوة ناسفة بإحدى سيارات الحراسة الخاصة بقائد قوات الأمن الخاص، انفجرت عقب وصوله برفقة حراسته إلى حي النصر بخور مكسر دون وقوع ضحايا.
وكان خبراء متفجرات تمكنوا أول من أمس من تفكيك عبوة ناسفة زرعت بسيارة مسؤول أمني بخور مكسر وسط عدن. وقالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن مجهولين وضعوا العبوة الناسفة في سيارة مدير قسم شرطة خور مكسر العقيد ناصر عباد الحسني أثناء توقف السيارة بالقرب من مركز الشرطة، مشيرة إلى أن مرافقي العقيد عباد اكتشفوا العبوة الناسفة وابلغوا خبراء المتفجرات، الذين بدورهم قاموا بتفكيك العبوة وإفشال مفعولها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.