«اتفاق شفهي» ووساطة عشائرية ينهيان تمرد سجن حماه المركزي

الإفراج عن 36 سجينًا من أصل 800 وإعادة الكهرباء والطعام والمياه

صورة مأخوذة من شريط فيديو بث على وسائل التواصل يظهر قوات أمن النظام خارج سجن حماه وسط سوريا السبت الماضي بعد تمرد السجناء السياسيين داخله (رويترز)
صورة مأخوذة من شريط فيديو بث على وسائل التواصل يظهر قوات أمن النظام خارج سجن حماه وسط سوريا السبت الماضي بعد تمرد السجناء السياسيين داخله (رويترز)
TT

«اتفاق شفهي» ووساطة عشائرية ينهيان تمرد سجن حماه المركزي

صورة مأخوذة من شريط فيديو بث على وسائل التواصل يظهر قوات أمن النظام خارج سجن حماه وسط سوريا السبت الماضي بعد تمرد السجناء السياسيين داخله (رويترز)
صورة مأخوذة من شريط فيديو بث على وسائل التواصل يظهر قوات أمن النظام خارج سجن حماه وسط سوريا السبت الماضي بعد تمرد السجناء السياسيين داخله (رويترز)

انتهى الإضراب الذي نفذه نحو 800 سجين معظمهم من المعتقلين السياسيين لمدة أسبوع كامل، في سجن حماه المركزي بوسط البلاد، مساء يوم الأحد، بإتمام اتفاق بين النظام السوري والسجناء تم على أثره الإفراج عن عدد منهم، على أن يتم تحرير أعداد أخرى في أوقات لاحقة، كما إعادة الكهرباء والمياه والطعام والدواء وكل مقومات الحياة إلى السجن، لكن عددا من السجناء وناشطين حقوقيين أعربوا عن تخوفهم من عمليات انتقامية تقوم بها قوات النظام بحق المعتقلين الذين قادوا «الاستعصاء»، وطالبوا بضمانات دولية للحفاظ على سلامتهم.
وفيما تقاطعت المعلومات حول تفاصيل «الاتفاق الشفهي» الذي شارك به وزيرا العدل والداخلية اللذين وجدا داخل السجن، الأحد، بالإضافة لرؤساء الفروع الأمنية في حماه، قالت صفحة «معتقلو سجن حماه المركزي»: إن التلفزيون السوري التابع للنظام قام بالتصوير داخل السجن، «وعليه ننوه أن كل ما سيظهر على هذه القناة هو تحت الإجبار والقوة».
وقاد الشيخ نواف الملحم، رئيس «حزب الشعب» وأحد الوجوه العشائرية في وسط سوريا، الوساطة بين النظام والمعتقلين، وقال: «إن الماء والكهرباء أعيدت إلى السجن، وإن الإداريين عادوا إليه وبدأوا بمزاولة أعمالهم». وأوضح الملحم في مقابلة مع شبكة «بي بي سي» البريطانية، أن وساطته بدأت السبت عندما دخل إلى السجن ظهرا وقابل السجناء واستمع إلى مطالبهم. ومن أبرز تلك المطالب، كما قال: «تعجيل محاكمة الموقوفين من دون محاكمة ووفق محاكمة عادلة، وإطلاق سراح من أوقف ظلما ودون وجه حق». وقد نقل الملحم تلك المطالب إلى وزيري العدل والداخلية اللذين وصلا إلى حماه الأحد لتأكيد الاتفاق.
من جهته، قال المحامي فهد الموسى، رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن الاتفاق «تم شفهيا بضمانات ممثلي النظام»، لافتا إلى أنه «تم الإفراج عن 36 معتقلا خلال الـ48 ساعة الأخيرة تم التأكد من وصولهم إلى أهاليهم، ومن بينهم 3 مطلوبين للخدمة العسكرية، وننتظر الإفراج عن دفعات مماثلة بشكل يومي». وأوضح الموسى أن البند الثالث من الاتفاقية نص على «إطلاق سراح كل المعتقلين سواء الموجودين لصالح المحكمة الميدانية في صيدنايا أو المعتقلين الموجودين لصالح محكمة الإرهاب، وبما فيهم الذين صدرت أحكام بحقهم، على أن يتم إطلاق سراحهم على دفعات يومية من دون تحديد مدة زمنية أو عدد الدفعة المطلق سراحها». ونص الاتفاق أيضا على عدم طلب أي معتقل إلى أي فرع أمني أو ترحيل أي سجين إلى صيدنايا أو أي سجن خارج حماه، وعلى عدم سحب الهواتف الجوالة الموجودة بحوزة المعتقلين.
وبحسب «مكتب أخبار سوريا» فإن اللجنة المفاوضة تعهدت بإطلاق سراح جميع المعتقلين داخل السجن والبالغ عددهم نحو 800 معتقل على دفعات متتالية، خلال مدة أقصاها أربعة أشهر، وذلك تبعا للأحكام الصادرة بحقهم وإصدار عفو عن جميع الموقوفين. وأشار إلى أن المعتقلين طالبوا اللجنة بمنع اقتراب أي عناصر من الدفاع الوطني من السجن، ممن توعدوا بـ«تصفية» المعتقلين وفك الاستعصاء، إضافة إلى إنهاء وجود جميع عناصر القوات النظامية والأفرع الأمنية من ساحته ومحيطه، واقتصار الوجود الأمني على عناصر السجن فقط من الشرطة.
أما صخر إدريس، الصحافي والناشط السوري الذي يتواصل مع المعتقلين داخل السجن، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «مخاوف حقيقية من عمليات انتقامية بحق المعتقلين الذين قادوا الاستعصاء»، لافتا إلى أنّه وآخرين يعملون حاليا على الحصول على «ضمانات دولية للحفاظ على سلامة السجناء، خاصة بعد رفض النظام دخول الصليب الأحمر إلى السجن للاطلاع على أحوالهم». وأوضح أن في السجن حاليا نحو 1200 سجين، 800 منهم معتقلو رأي.
من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «المفاوضات نجحت بين نزلاء سجن حماه المركزي المنفذين للتمرد داخل السجن والحكومة، ومن المنتظر أن يفرج خلال الساعات القادمة عن 26 سجينا على الأقل، بالإضافة إلى إعادة الكهرباء والمياه من قبل سلطات السجن وإدخال الطعام إلى داخل السجن».
وكان المرصد السوري قد أعلن أن «أحد وجهاء عشائر المنطقة الوسطى في سوريا حضروا إلى سجن حماه المركزي خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية وطلب من السجناء كتابة مطالبهم لينقلها إلى السلطات». ووفقا للمرصد جاء رد الرئاسة السورية بضرورة إنهاء التمرد «مقابل عدم التعرض لهم من قبل سلطات السجن وإصدار عفو خاص عن المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب بعد شهر من الآن». ويأتي هذا الاتفاق بعد تدهور الأوضاع وتوجيه السجناء نداءات للجنة الدولية للصليب الأحمر في أعقاب قطع مسؤولي السجن الكهرباء والماء وسط نقص في الطعام ووجود حالات طبية حرجة بين السجناء.
وسيطر السجناء على السجن الواقع على بعد 210 كيلومترات من دمشق مطلع الأسبوع الماضي واحتجزوا حراسا رهائن. وأدى هذا إلى فرض حصار حاولت خلاله السلطات اقتحام السجن المدني يوم الجمعة باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية في محاولة لإنهاء التمرد.
وعبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن قلقها على سلامة المحتجزين، وقالت: «إن أي محاولة لاستعادة السيطرة على المنشأة قد تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.